لقد من الله سبحانه وتعالى على مكةالمكرمة، بأن يكون فيها بيته (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين) وأن تكون قبلة المسلم: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون)، وأن يكون الحج إليها (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) كما سخر أهلها منذ عهد سيدنا إبراهيم، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم بأن يكونوا ممن يقومون على خدمة ضيوف الرحمن (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وامتد شرف خدمة الحجيج حتى يومنا، بأن جعل الله كثيرا من أهالي مكةالمكرمة أن يكونوا من المطوفين والزمازمة، بل وبقية سكان مكةالمكرمة وكثير ممن حولها، ومن يأتون من خارجها يقومون على خدمة حجاج بيت الله الحرام، بل إن المملكة كلها ملكا وحكومة وشعبا يتشرفون بخدمة ضيوف الرحمن، ولقد يسر الله لهذه الدولة أن تسخر كل إمكاناتها المادية البشرية والخدمية من أجل خدمة هذا الضيف العزيز على قلوبنا المقدر في نفوسنا المبجل في قلوبنا... لذا، أوجدت الدولة وزارة تختص بشئون الحج، وكلنا يعلم كيف أكد مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز رحمه الله على أصالة مهنة الطوافة وخصها بالقول في بيان مكة الشهير، كما عمل أبناؤه البررة عبر التاريخ من بعده على منهاج والدهم المؤسس رحمه الله، فحافظوا على مهنة الطوافة التي شرف الله بها أهل مكةالمكرمة، فدعموها وشجعوا على بقائها، حيث صدر قرار تثبيتها أخيرا... ولقد قرأت مؤخرا على صفحات الجرائد السعودية ما نشرته إحدى مؤسسات الطوافة ما تعطيه للمساهمين من أعضائها وقيمة السهم فيها، في مكابرة ومغالطة صريحة، كما قرأنا عدة مقالات لعدة كتاب في أكثر من صحيفة، وهم يصبون نار أقلامهم الملتهبة على مؤسسة معينة من مؤسسات الطوافة ورئيسها، ثم قرأنا تهكم كاتب من الكتاب الذي ليس له ولا لمن سبقه ممن كتبوا عن الطوافة أي صلة بالطوافة لا من قريب أو من بعيد، حيث كتب هؤلاء عن مشكلة لأحد المطوفين الذي ذهب يحمل إليهم (الكبابة من رأس القدر)، ويحمل مشكلة ليست كاملة الأطراف، فكتب أولئك الكتاب وجهة نظر طرف واحد، ولم يُحَمِّلوا أنفسهم عناء الذهاب إلى المؤسسة المعنية أو مؤسسات الطوافة بصفة عامة للإحاطة بالمشكلة من جميع جوانبها، ففاجأونا بأقلامهم المسمومة ونقدهم اللاذع وتهكمهم المخل، الذي مس مهنة الطوافة والمطوفين ومؤسساتهم، بل وتجاوزا ذلك فتهكموا على وزارة الحج، حيث كتب أحدهم مقالة لا تنم عن روح الأخوة، ولا تحمل التقدير لمن يبذلون جهودا جبارة في خدمة الحجيج، فأخذ يكيل الاتهامات جزافا للجميع، فكان همه الوحيد ليس الإصلاح أو حل المشكلة، إنما كان همه أن يقول للناس (انظروا إلي).. ولا حول ولا قوة إلا بالله... إنني لا ألوم هؤلاء، بل ألوم من ذهب إليهم ليمدهم بمعلومات عن مؤسسته، ليستغلها هؤلاء المتربصون، ليجعلوا منها مادة دسمة يَتحَلقُ حولها المتربصون بالطوافة، ومن يريدون أن يقضوا على هذه المهنة بأي شكل من الأشكال!!. وكان الأجدر بهذا المطوف أن يتريث ويطلب حقه نظاما... يا معشر المطوفين يجب أن تفكروا ألف مرة قبل أن تلجأوا لوسائل الإعلام، فالإعلام لن يحل مشاكلكم الداخلية، بل يزيدها تعقيدا ويزرع في نفوسكم نبتات الحقد والكراهية، وهنا تكمن المعضلة، لأن النتيجة ستكون عدم الثقة في أنفسكم وفيمن يديرون أعمالكم، ممن انتخبتموهم ليكونوا في مجلس إدارات مؤسساتكم!!. وبهذا تتصاعد الأمور إلى درجات أعلى، قد تتخذون قرارا تندمون عليه مستقبلا، وتكونون بهذه الأعمال غير المسئولة، قد ضيعتم مكتسبات جاهد من أجلها أجدادكم وآباؤكم للحفاظ عليها.. ولو علم بعض هؤلاء المتسرعين كيف عمل أجدادهم وكيف قاسوا من عناء سفر وضرب في الأرض، لنشر الدعوة إلى الحج، في جميع أصقاع المعمورة، لما عملوا ما عملوا، ولخجلوا من أنفسهم .. فيا معشر المطوفين، كوِّنوا مجلسا من كباركم ومن عقلائكم، يكون مرجعا ترجعون إليه عندما تحل بأرضكم مشكلة، وليقوم بإيجاد الحلول التي ترضيكم. ولا تنشروا غسيلكم خارج مؤسساتكم وبيوتكم، فالمتربصون بكم كثر، والمتصيدون لأخطائكم يقفون عند أبواب مؤسساتكم. وهذا قول الله إليكم: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .. ويا أمان الخائفين.