ضمن جولة زيارات وقراءات ومتابعات قمت بها حول فكر وأدب العم عبد الرحمن عمر خياط اتضح جليا أن الرجل ذاكرة تاريخية ومدرسة مفتوحة بمعنى الكلمة , فقد تعلمت منه ومما يكتب باسلوبه الخاص والمميز وعليه بصمة وكلمات الماضي شيئان هما الأدب والوفاء فأما الأدب حينما تراه في مجالس العلماء وأما الوفاء فحينما يتذكر الماضي والاصدقاء . ومما يؤسف له أننا لم نستفد من ذاكرة هذا الرجل العصامي ومعلوماته القيمة والواسعة والعريضة عن القضاء ورجاله والعلماء وعلومهم والأدباء ونتاجهم والمجتمع وصوره . ويعجبك في العم عبد الرحمن انه متابع وقارئ لواحة الكلمة ومشاركا بشخصه وقلمه وفكره حضورا وتميزا ومدافعا قويا عن معتقده وما يؤمن به بأدب . فهذا الرجل لديه الكثير من المعلومات التاريخية، وهو يحتفظ بذاكرة جيدة عن مسيرة الأحداث الاجتماعية والسياسية والعلمية والثقافية والتاريخية التي مرت أو عصفت بمكةالمكرمة وموقف الشخصيات وأصحاب الرأي منها, ولابد أن تكون لثقافة عصره وبيئته المكية أثرها على آرائه ومواقفه من تلك الأحداث وذلك التاريخ الذي ينقل احداثه بأمانة كما يعرفها دون محاباة ودونما إساءة لهذا أو ذاك , ونتمنى لو ترجمت هذه الوقائع والأحداث وجمعت بين دفة كتاب لتكون شاهدا حيّا على عصر الكبار علما وأدبا وفكرا . والحياد من أجمل الخصال في هذا الرجل فهو يذكر لنا الحدث كما هو، لا يجيِّر الخبر أو يحوره لصالح أحد دون آخر أو ليرجح كفة على أخرى . فهو بحق تاريخ الرجال ورجال التاريخ فتارة تراه يكتب عن تجاربه مع القضاة ولاسيما من آل الشيخ ويفيض في ذكرهم والثناء عليهم ويتفنن في ذكر علماء مكةالمكرمة ومآثرهم وعلومهم ويعرج على مجالس الأدباء ورجالاتهم ويحلو له ذكر الصالحين وفوائدهم وفرائدهم وكأنه يتمثل ما قاله السيد عبد الله بن علوي الحداد صاحب كتاب النصائح الدينية والوصايا الإيمانية بقوله (ومجاري الفكر كثيرة، وكلما كانت بصيرة العبد أنفذ وكان علمه أغزر وأوسع كان تفكره أعظم وأكثر). فليس من الصعب أن يصدق المرء أن الشيخ العم عبد الرحمن خياط الذي يتحدث بحيوية ملحوظة وذاكرة متوقدة وإدراك عميق لما يجب أن يقال وما يجب أن لا يقال هو رجل يحمل على كاهله عبء أربع وثمانين سنة، قضى منها الكثير في القضاء وكتابة العدل وبين العلماء والقضاة ثم بين حلقات العلم والتعلم والفائدة والاستفادة وبين الأصحاب والخلان والحل والترحال مفيدا لوطنه ولقومه في حدود طاقته وإمكانياته التي نسأل الله أن يحفظها له في صحة وعافية. وبقي ان نقول أن قامة وهامة العم عبد الرحمن عمر خياط لا تستحق التكريم فحسب بل كل معاني التقدير والاحترام لشخص تراه حاضرا في اللقاءات والندوات والاجتماعات والمشاركات لاتجدها عندنا نحن الشباب فبصماته المكية واضحة واقل ما يجب فعله تجاهه هو أن نقول له أنت من رموزنا الكبار وحق علينا تكريمك والاحتفاء بك وليحفظكم البارئ ويمدكم بعونه وتوفيقه .