الأم مخلوقة ضعيفة تغلب عليها العاطفة والرقة ،لها من الجهود والفضائل الجمة ، بطنها وعاء وثديها سقاء وحجرها حواء، أم البشر حواء وأم القوم رئيسهم وأم الكتاب الفاتحة وأم القرى مكة إنها اصل الشيء و عماده فالحديث عن الأم يحتل حيزاً كبيراً لأنها ذات مكانة رفيعة وحق مكتسب يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم لرجل حين جاء يسأله . من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك .قال ثم من؟ قال: أمك .قال: ثم من؟ قال أمك قال ثم من ؟ قال: أبوك (خرجاه في الصحيحين) ألا فليتق الله الأولاد وليقدروا للأم حقها وبرها ولينتهين أقوام عن عقوق أمهاتهم قبل أن تحل بهم عقوبة الله وقارعته. ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات) وعند أحمد وابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ان الله يوصيكم في أمهاتكم) قالها ثلاثاً، وعند الترمذي في جامعه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء، وذكر منها: (واطاع الرجل زوجته وعقَّ أمه). ألا لا يعجبن أحد ببره بأمه أو يتعاظم ما يسديه لها فبرها طريق إلى الجنة ، جاء عند البيهقي في شعب الإيمان وكذلك عند البخاري في الأدب المفرد: ( أن أبا بردة بن أبي موسى الأشعري حدث: أنه شهد ابن عمر رجلا يمانياً يطوف بالبيت .حمل أمه وراء ظهره يقول: إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر الله ربي ذو الجلال الأكبر حملتها أكثر مما حملتني فهل تُرى جازيتها يا ابن عمر؟ قال ابن عمر ! لا ولا بزفرة واحدة ، ألا فاتقوا الله واعلموا أنه ينبغي التنبيه إلى مكانة الأم وواجب الأولاد والمجتمع تجاهها، فقد غفل عنها جل الناس بسبب ضعف الوازع الديني ، اننا مطالبون باقامة أسرة مستقيمة يشترك فيها لزوجان بالبناء الراسخ بما يرضي الله ورسوله ليتحقق فينا قول الباري جل وعلا: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء كل أمرىء بما كسب رهين) الطور آية : 21. نعم إن الارتفاع بشأن الأم في أوساط الناس وفق الحدود والمعالم التي حددها الشارع الحكيم لهو من دواعي رفعة البيت المسلم وبناء المجتمع المثالي. نعم ، لقد قامت الأم بدورها الريادي في التربية والتوجيه متمثلاً في شخصيات سلف هذه الأمة: ايمان بالله سبحانه وحسن تربية..ففي سيرهن عظمة وعبرة واقتداء فهي خير حانية لطيفة المعشر تحتمل الجفوة وخشونة القول تعفو وتصفح قبل أن يُطلب منها ، حملت في بطنها تسعة أشهر يزيدها بنموه ضعفاً ويحمَّلها فوق طاقتها عناءً تقاسي مرارة الوحام وهناً على وهن تفرح بحركته وتقلق بسكونه فإذا رأته بجانبها نسيت آلامها ترى فيه بهجة الحياة (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) الكهف : 46. أليس بعد هذا من واجب في حق الأم؟ ! لها مقام في الحمل ولها مقام في الرضاع ولها مقام في التربية والصلة فلنبادر إلى حق الأم إن كانت حية بالعناية والرعاية والإنفاق والصلة والطاعة والحب وكل ما يخدمها ويسعدها وإن كانت ميتة فبالدعاء والرحمة والصدقة والبر بها.