تبدأ القمة العربية العادية دورتها الحادية والعشرين في العاصمة القطرية يوم غد الاثنين الثالث من شهر ربيع الآخر 1430 ه الموافق 30 مارس 2009م وتستمر يومين وسط ظروف استثنائية تمر بها المنطقة تتطلب تضافر الجهود لتحقيق المصالح العليا للأمة العربية. وتتصدر القضية الفلسطينية بكل جوانبها مناقشات القادة خاصة وأنها تشهد في هذه الدورة تطورات لافتة أهمها نتائج الحوار الفلسطيني الذي التأم في القاهرة خلال الأسابيع القليلة الماضية ، إلى جانب استكمال جهود المصالحة العربية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله خلال القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في الكويت في شهر يناير الماضي , وتابع أيده الله جهوده لتكريسها وتحقيقها على الواقع عبر الاتصالات الهاتفية مع بعض القادة العرب , وصولا إلى القمة العربية المصغرة التي عقدت في مدينة الرياض في الرابع عشر من شهر ربيع الأول الماضي الموافق 11 مارس الجاري برعاية خادم الحرمين الشريفين وحضور الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية , والرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية , وسمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت , تلك القمة التي وصفها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية بأنها أذابت الجليد في العلاقات العربية البينية. وجاءت القمة المصغرة بحسب البيان الصحفي الذي صدر عقب اختتامها استكمالاً لما بدأ في قمة الكويت في 20 يناير 2009م من دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لطي صفحة الماضي وتجاوز الخلافات لمصلحة الأمة العربية. وعد القادة اجتماعهم بداية لمرحلة جديدة في العلاقات تسعى فيها الدول الأربع لخدمة القضايا العربية بالتعاون فيما بينهم والعمل الجاد والمتواصل لما فيه خير الدول العربية والاتفاق على منهج موحد للسياسات العربية في مواجهة القضايا الأساسية التي تواجه الأمة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى القمة العربية المصغرة بأنها خطوة مهمة على طريق معالجة الانقسامات العربية وإصلاح الموقف العربي. وأعرب عن اطمئنانه لهذه المسيرة التي جاءت في لحظة مناسبة تماما لافتا إلى أن هذه الجهود ستظل مستمرة ليس فقط لعقد قمة ناجحة ولكن لإصلاح الموقف العربي نفسه ومن أجل تحقيق المصلحة العربية العليا ولمواجهة التحديات الخطيرة الموجودة إقليميا ودوليا. وتبرز في صدارة الملفات الساخنة التي سيناقشها قادة الأمة العربية في قمتهم بالدوحة الوضع في السودان في ضوء تداعيات مذكرة المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس عمر حسن البشير والخطوات القانونية والدبلوماسية التي بذلت على الصعيدين العربي والإفريقي لمواجهة تلك التداعيات. وخلال الفترة بين القمتين العربيتين السابقة في دمشق والمقبلة في الدوحة شهدت المنطقة العربية العديد من التطورات والأحداث أبرزها التطورات في المشهد الفلسطيني المتمثل في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الذي استمر أكثر من ثلاثة أسابيع وهو التطور الذي يتطلب بلورة إستراتيجية موحدة للتعامل مع آثاره السلبية , ومع تطورات المشهد السياسي في إسرائيل بفوز حزب الليكود برئاسة الحكومة في إسرائيل المعروف بتطرفه , وهو ما يفرض أسلوبا سياسيا للتعاطي مع هذا الوضع. في هذا السياق قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في تصريحات له أمس إن القضية الفلسطينية بكل جوانبها تتصدر كالعادة جدول أعمال القمة العربية إلى جانب ملف السلام في الشرق الأوسط الذي أصبح مهددا بالتعطيل خاصة مع صعود بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود إلى السلطة في ضوء الانتخابات الأخيرة بالتحالف مع القوى اليمينية الأكثر تطرفا في إسرائيل. وعبر عن الأمل في أن تعمل الإدارة الأمريكية على استئناف عمل جدي لتحقيق السلام القائم على العدل والاستجابة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، مؤكدا أن كل ذلك يتطلب أن تنظر القمة العربية بتعمق في كل هذه الأمور لاتخاذ القرارات اللازمة للتعامل معها. وأضاف إن ملفات العراق والصومال ولبنان والعلاقات الإقليمية للعالم العربي ستكون مطروحة على قمة الدوحة. وعن رؤيته لما تحقق بين القمة الماضية التي عقدت في دمشق وقمة الدوحة على صعيد العمل العربي المشترك ، أعرب الأمين العام للجامعة عن اقتناعه بأن الانجاز الأهم الذي تحقق يتمثل في عقد القمة الاقتصادية والتنموية بالكويت في شهر يناير الماضي وكذلك القرارات الخاصة بشأن إعمار غزة والموقف العربي من أحداث غزة إلى جانب الكثير من التطورات التي جرت في إطار السلام أو النزاع العربي الإسرائيلي ، يضاف إلى ذلك العديد من الملفات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والثقافية الملحة التي تتطلب قرارات عربية فاعلة تعزز من التضامن بين الشعوب العربية.