| يكاد اليأس يعصف ببعض كتابنا الصحفيين من أصحاب (المقالة اليومية) التي تحمل (الهم الاجتماعي) وتطرحه أمام (الجهة المعنية) للنظر في الأمر ثم معالجته ، إن كان هناك قصور. ومردّ هذا اليأس عدم تجاوب البعض مع ما يبدونه من ملاحظات ، هي في الواقع معاناة شرائح في المجتمع. - ولأن الكاتب في الصحيفة صاحب رسالة ، وخادم للكلمة الهادفة التي يرجو بها ومن خلالها خدمة مجتمعه ، وتوجيه نظر المسؤول إلى ما يراه أو يُنقل إليه من ملاحظات تستدعي الاصلاح ، فإنه - أي الكاتب - يُصبح سعيداً عندما يشعر بالاهتمام بما يطرحه من قضايا ، وبالتالي يكون مطمئناً على وصول (الرسالة) ومتفائلاً بالنهاية السارة لمطالب المجتمع. | ويبدو أن مسألة (عدم التجاوب) في مأزق حقيقي ، فالمتابع لما تنشره الصحف عنها ، يجد بين الفينة والأخرى ما يشير إليها ، مما يوحي بعدم قبول البعض للنقد ، والترحيب فقط بالإشادة والثناء (وهو مطلوب لمن يستحقه) ، وكأن لسان الحال يقول: (أمدحني .. تجدني)!. | ولعل في مقال الأستاذ هاشم الجحدلي الذي نشر في (عكاظ) العدد 15540 ، وتاريخ 17/3/1430ه الموافق 14/3/2009م ، تحت عنوان: (أذن من طين وأذن من عجين) ما يدلل على وجود (المأزق) الذي لا نتمناه للكاتب أو المسؤول ، فبعد اشارة الكاتب لما تناقلته الصحف اليومية عن (عاصفة الغبار ، ومناوشات معرض الكتاب) وتناول مقالات الكتاب لهما (بالمناقشة والتحليل والنقد والفضح والمواجهة) يقول الأستاذ الجحدلي: (وهذا فعل ايجابي من الكتاب نحو شجون وشؤون قرائهم ، واقترابهم منهم بدلاً من التحليق في الفضاء والدفاع عن هذه الوزارة ، أوكيل المديح لذلك المسؤول ، ولكن الموضوع ليس هنا بل ما يتبع هذه الكتابات من تفاعل من الجهات المعنية سلباً وأيجاباً ، فجهات نجدها فوراً على مستوى المسؤولية وقامت بالاعتراف بخطئها وحاولت اصلاح ما يمكن اصلاحه ، وجهات أخرى نجدها تنصلت من المسؤولية ، وجهات ثالثة نصدم بها وقد نفت ما حدث ، مع انه حدث كعادتها دائماً ، ورابعة ولا همها شيء وتعاملت مع الموضوع وكأن شيئاً لم يكن..) وفي ختام المقال يشير الكاتب إلى أهمية معرفة المسؤول لدوره ، (وأن الدولة لم تكلفه بمسؤولياتها إلا من أجل خدمة المواطن) ثم يقول: (ولكن هل يعرف البعض هذا الموضوع ، أم أن القصة كلها منصب وإن ما نكتبه ليس سوى (كلام جرايد) يقابلونه بفلسفتهم السوداء (أذن من طين وأذن من عجين). انتهى كلام. | وأعود للتأكيد على ضرورة اهتمام المسؤول بما ينشر في الصحف عن دائرته ، وأن تكون العلاقة بين الصحافة والمسؤول قائمة على أساس الثقة وحسن النية ، وأن يكون شعارهما (العمل سوياً لتحقيق الانجازات الخيرة للوطن والمواطنين). | وبطبيعة الحال فإن كل تطور إنمائي في أي مجتمع حضاري لابد وأن تواكبه أو تعترضه عوائق ومشكلات قد لا تظهر للمسؤول ، فتكون الصحافة العين الملاحظة لأي قصور أو مخالفة ، تنقل ما تراه بصدق وأمانة ، وعلى الجهة المعنية بالأمر استقبال النقد بروح عالية ، والعمل الجاد في سبيل تلافي الأخطاء ، والشكر والتقدير لمن يهدي اليها العيوب ، ويدعوها إلى الأحسن والأفضل والأجمل ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.