أبدى عدد من الموظفين السعوديين الذين يعملون في شركة خاصة بمكة المكرمة .. استياءهم وتظلمهم جراء ما يعانون من إجحاف في حقوقهم الإنسانية قبل المادية وتعسف إدارييهم غير المبرر. (الندوة) سلطت الضوء على بعض هذه الممارسات وتساءلت عن جدوى تضييق الخناق على المواطن السعودي ومضاعفة الحسومات عليه من قبل المديرين الوافدين؟ ولماذا لا يتم تثقيف الموظف بلائحة وأنظمة مكتب العمل المعتمدة من قبل وزارة العمل والتي تحفظ حقوق وكرامة المواطن والمقيم العامل وحقوق صاحب العمل . || يعبر (س – ل) عن استيائه فيقول : أنا موظف بشركة خاصة تعمل في مجال البيع والشراء اخرج للعمل في الفترة الأولى من التاسعة صباحا وحتى الواحدة ظهرا وأما الفترة الثانية من نفس اليوم فتبدأ من الساعة الخامسة عصراً وتنتهي الحادية عشرة أو تزيد ليلا حسب ظروف العمل أعود لمنزلي للنوم لأبدأ يومي الثاني بنفس نظام اليوم الذي يسبقه ويضيف إجازتي عبارة عن يوم واحد فقط كل 14 يوما من العمل أما السنوية فلا تزيد عن 15 يوما بعد إتمام 12 شهرا من العمل تجرعت من كؤوس عدة وبحثت عن حلول فكان أحلاها مراً إما أن أترك هذا العمل وانضم لقافلة العاطلين عن العمل أو استمر في هذا العمل لأعطيه جل وقتي وجهدي وأتناسى نفسي وحقوقي وواجباتي تجاه أسرتي ومجتمعي وعلى الرغم من القبول بكل هذه الضغوطات العملية والنفسية يغيب الجانب التشجيعي المعنوي أو المادي من قبل الشركة فلا توجد زيادات بالراتب أو علاوات سنوية بل على العكس يحسم من الراتب فغياب اليوم الواحد بيومين . || ويشاركه المعاناة (م _ خ) بقوله أعمل لدى الشركة من حوالي خمس سنوات وصدقا حقوقنا مهضومة فساعات العمل اليومي تتراوح ما بين 10 _ 11 ساعة عمل على غرار المواسم فقد تزيد أما الإجازة الأسبوعية عبارة عن جمعة واحدة عن كل 14 يوم عمل وأما الإجازة السنوية عبارة عن 21 يوماً براتب مدفوع عن 21 يوما فقط . وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة والتي تزيد عن ثماني ساعات وفقاً لنظام ولوائح مكتب العمل ما يزيد عن ثماني ساعات عمل يومي تعتبر ساعات عمل إضافية وللأسف لا يصرف لساعات العمل الإضافية أي مقابل مادي من قبل الشركة ويوم الجمعة يحسب على انه نصف يوم عمل وما يزيد من الضغط النفسي أن التأخير لمدة خمس دقائق عن العمل يحسم بربع ساعة وغياب اليوم بدون عذر بيومين وعلى الرغم من طبيعة هذا العمل بساعاته الطويلة والتي لا تتيح لنا الوقت الكافي لقضائه مع الأسرة والأبناء فلهم علينا حقوق والتزامات . ويزيد ضغط العمل وساعاته في المواسم فلا تزيد المكافأة عن 50% من الراتب الأساسي بينما أقران لنا وبنفس طبيعة عملنا لدى مؤسسات وشركات أخرى يحصلون على مرتب إضافي كامل. وبكل أسى يضيف ( م _ خ ) أتمنى أن يصل صوتي لكل المسؤولين أنا لا أريد الشكوى وإنما أطالب بالإنصاف والحقوق التي فرضتها أنظمة مكاتب العمل فنحن كمواطنين نثق بعدالة ونزاهة حكومتنا الرشيدة متمثلة في وزير العمل الدكتور غازي القصيبي وما أقرته من أنظمة ولوائح تحفظ الحقوق لنا ولجهة العمل . عمل مضنٍ || أما (ن – ف) فيصف عمله بالمضني ويقول : أعمل لدى الشركة من حوالي ست سنوات وأنا حاليا مقبل على حياة جديدة فقد تزوجت من حوالي ثلاثة أشهر ولا أخفيكم توتري وتخوفي على حياتي المستقبلية فأحد أصدقائي انتهى زواجه بعد ستة أشهر بسبب ظروف ساعات العمل الطويلة وناهيكم عن مدير فرع الشركة الوافد المتجرد من المرونة بل يمارس عمله علينا بكل تعسف فعلى الرغم من وجود قصور بعدد الموظفين بالشركة فالموظف الواحد يقوم بعمل موظفين وخاصة عند ضغط العمل بالمواسم وأذكر أن أحد المواسم كان دخلي انا فقط وليوم واحد من حجم المبيعات ما يتجاوز 100 ألف ريال وللأسف لم احصل على كلمة شكر أو تقدير وإنما وجدنا وزملائي التأنيب والإهانة وإشعارنا بالتقصير . وأناشد مكتب العمل بمكة بالمتابعة والمراقبة وخاصة الحسابات والحسميات فلدي ايصالات وكشوفات حسم تصل إلى 43 ألف ريال خلال ثلاث سنوات من العمل ومن المؤسف لا يحق لنا معرفة سبب وقيمة الحسم من محاسب الشركة فمطالبتنا بالإيضاح تعني لديه الاعتراض وبالتالي إما الإجبار على التوقيع وإلا يعتبر رفضاً فنكون معرضين للفصل من العمل . || (أ _ ع) لن أضيف على ما تقدم به زملاء المهنة أعلاه فهمومنا واحدة والضرر الملحق بنا واحد وأسال الله أن تصل أصواتنا للمسؤولين وأن يتحقق مبدأ الحق والواجب وفق المعايير المتفق عليها فلا ضرر ولا ضرار . رأي مكتب العمل صحيفة (الندوة) اتصلت بمدير مكتب العمل بالعاصمة المقدسة فهد عبيد الشمري والذي تجاوب مشكورا بقوله أبوابنا مفتوحة لأي دعوة مقدمة من أي شخص سواء مواطن أو وافد يتم استقباله وأخذ بياناته كما يتم الاتصال بجهة العمل لمناقشة الوضع بين الطرفين ومحاولة تسوية الخلافات بينهما وتتدرج خطوات المتابعة وما يترتب عليها بحسب الاستجابة والتعاون من قبل المنشأة إذا ما تم ضبط مخالفات لأنظمة ولوائح مكتب العمل المعتمدة من وزارة العمل من قبل الهيئات الابتدائية لمكتب العمل .. ويضيف الشمري ونظاما وحسب لائحة نظام مكتب العمل وبعد استيفاء الشروط يجب أن يتمتع الموظف بيوم كإجازة أسبوعية ومن زادت ساعات عمله عن ثماني ساعات باليوم الواحد تعتبر ساعات عمل إضافية والعمل الإضافي يكون بالتفاهم بين الموظف وجهة العمل وتقدر الساعة الإضافية ماديا بساعة ونصف من الأجر المتفق عليه بينهما وشدد الشمري على ضرورة معرفة مطابقة العقد للنظام من الموظف طالب العمل من قبل التوقيع على العقد فالعقد شريعة المتعاقدين ولا يعفى الموظف من جهله بالنظام . الرأي القانوني وعن الرأي القانوني أوضح المحامي سعد عبدالله القحطاني بعد اطلاعه على بعض عقود العمل الموقعة بين الشركة و الموظفين وما جاء فيها من بنود أن عقد العمل يتعارض مع نظام العمل والعمال المعمول به في المملكة العربية السعودية ويتضح ذلك التعارض بعد الاطلاع على العقد على النحو التالي : أولاً : عقد العمل غير محدد المدة كما أشار العقد إلى أحقية أحد طرفي العقد في فسخ عقد العمل بشرط أن يخطر الطرف الآخر بفترة لا تقل عن شهر وذلك البند يتعارض مع نص المادة الخامسة والثلاثين من نظام العمل والعمال التي تنص على (إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لأي من طرفيه إنهائه بناء على سبب مشروع يجب بيانه بموجب إخطار يوجه إلى الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بمدة لا تقل عن ثلاثين يوماً) . فوفقاً لنص المادة السالفة الذكر فإنه يتوجب لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة وجود سبب مشروع يؤدي إلى إنهاء العقد ويجب أن يوضح الطرف الذي يرغب في إنهاء العقد سبب الإنهاء كتابة بموجب إخطار يوجه إلى الطرف الآخر بمدة لا تقل عن شهر قبل الإنهاء فمجرد الإخطار بالرغبة في إنهاء العقد في حد ذاته لا يعد سبباً نظامياً لإنهاء العقد ولكن يجب أن يوضح ذلك الإخطار سبباً مشروعاً يكون قد أدى إلى الرغبة في طلب إنهاء العقد . وعلى ذلك فإن الإشارة في ذلك العقد إلى الإخطار بالإنهاء على أساس اعتباره سببا كافيا لفسخ عقد العمل لهو أمر غير نظامي . وبالتالي ففي حالة إنهاء عقد العمل غير محدد المدة لسبب غير مشروع فإنه يحق للعامل طلب تعويض تحدده هيئة تسوية المنازعات العمالية على أساس الأضرار المادية أو الأدبية التي تكون قد أصابت العامل أو حتى على أساس الأضرار المحتملة وذلك وفقاً لنص المادة السابعة والسبعين من نظام العمل وله أيضا أن يطلب إعادته إلى نفس العمل وفقا للمادة الثامنة والسبعين من نظام العمل . ثانياً : ذلك العقد أشار إلى حق العامل في إجازة سنوية بأجر كامل تقدر بواحد وعشرين يوما على أن يحدد صاحب العمل وقت تمتع العامل بهذه الإجازة وفقا لمقتضيات العمل ولنا على ذلك البند ملاحظتين العقد أوضح أن الإجازة السنوية للعامل مدتها 21 يوماً مدفوعة الأجر في حين أن الفقرة الأولى المادة التاسعة بعد المائة من نظام العمل توضح أن العامل يستحق إجازة سنوية قدرها 21 يوماً بأجر كامل في حالة الخدمة المتصلة لخمس سنوات فإن الإجازة تكون 30 يوما بأجر كامل يدفع مقدما وكون العقد قد أورد مدة 21 يوماً على إطلاقها دون الإشارة إلى حق العامل في مدة 30 يوماً إجازة في حالة الخدمة المتصلة لخمس سنوات فذلك الأمر يعني قصور ذلك البند وانتفاء النظام عنه وإجحافه بحق العامل النظامي . كما أن العقد أشار إلى أن من حق صاحب العمل تحديد موعد الإجازة وفقا لمقتضيات العمل وواقع الأمر أن حرية صاحب العمل ليست مطلقة في تحديد موعد الإجازة ولكن النظام قيدها بضوابط يجب مراعاتها : 1- لا يحق لصاحب العمل تأجيل إجازة العامل السنوية لأكثر من تسعين يوماً من تاريخ موعد الإجازة أي بعد انقضاء سنة كاملة على خدمة العامل وفقا للفقرة الأولى من المادة العاشرة بعد المائة من نظام العمل . 2- في حالة إذا ما اقتضت ظروف العمل استمرار تأجيل الإجازة فيجب الحصول على موافقة العامل الكتابية على ألا يتعدى التأجيل نهاية السنة التالية لسنة استحقاق الإجازة وفقا للفقرة سابقة الذكر . ثالثاً : العقد أغفل الحديث عن عدد ساعات العمل التي يجب أن لا تزيد عن 8 ساعات يومية أو 48 ساعة أسبوعية وفي شهر رمضان الكريم تكون ساعات العمل 6 ساعات يوميا أو 36 ساعة أسبوعية وذلك وفقا للمادة الثامنة والتسعين من نظام العمل علما بأنه في حالة زيادة ساعات العمل فإنه يتوجب على صاحب العمل أن يدفع أجرا إضافيا للعامل يوازي أجر العامل عن كل ساعة مضافا إليه 50% من أجر العامل وفقا للمادة السابعة بعد المائة من نظام العمل . رابعاً : لم يوضح العقد أن يوم الراحة الأسبوعية هو يوم الجمعة وهو يوم راحة بأجر كامل وفقا للمادة الرابعة بعد المائة من نظام العمل . أزمة أخلاقية ويضيف د. عمر الأندجاني المشرف العام على برنامج النهضة الأخلاقية (خُلق) في رأيي أن الأزمة بين الموظف وجهة العمل هي أزمة أخلاقية فطالما وقع كلا الطرفين على عقد عمل فإن على كل منهما الالتزام به. لكن الواضح أن المشكلة تتعلق بإعداد عقود العمل التي تحقق العوائد الاستثمارية لقطاعات العمل وربما تسبب درجة من الإجحاف الاجتماعي على الموظف من جهة وكذلك عدم جدية أو قلة وعي الموظف أو اضطراره للعمل بوظيفة لا تلبي احتياجاته وتوقعاته من جهة أخرى وبالتالي نجد أننا بين نقيضين يحاول كل منهما أن يحقق أعلى المكاسب الممكنة متجنباً أي خسائر، وعلى الرغم من أن معظم هذه المطالب مشروع إلا أن القضية تكمن في أهمية وجود اعتبارات أخلاقية وإنسانية واجتماعية ومهنية لدى كل طرف من أطراف المعادلة. فبعض جهات العمل من جهة تتوقع من الموظف أن يكون ماكينة عمل ليس لها أي علاقات اجتماعية ولا تتذمر أو تشتكي ولا تحتاج للراحة بل ويا حبذا أن تعمل كل اليوم بدون توقف، وفي المقابل يبحث بعض الموظفين – وما أكثرهم اليوم - عن ساعات عمل مريحة ودوام بسيط ومهام سهلة كما يبحث جميع الموظفين عن التقدير والاحترام من جهة عملهم. ومن المنصف أن نقول بأنه ليس كل جهات العمل مجحفة ولا كل الموظفين كسالى ويرغبون في الراحة، ولو حاولنا الحكم بين الجهتين سنجد أن كلاهما مطلوب منه الموازنة بين ما يريد وما يجب عليه أن يقدم. فالموظف بشر يحتاج للراحة ولديه حياة اجتماعية وهو يستحق أن يعامل بتقدير واحترام. كما أن جهات العمل موجهة ناحية الربح وهي تحتاج إلى أن يعمل موظفوها على النحو الذي يحقق أهداف ومصالح المنشأة في تحقيق الربح والعائد الاستثماري المنشود. قليلاً من التنازل سيحل المشكلة، واضعين أنفسنا في مكان الطرف الآخر لكي نحقق أهداف المنشآت الاقتصادية جنباً إلى جنب مع احترام آدمية الموظف وحقوقه وواجباته ككائن اجتماعي يحتاج للتواجد ضمن محيط الأسرة والأقارب والجيران. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) وهو عليه الصلاة والسلام يقول: (لا ضرر ولا ضرار) وغير ذلك مما جاءت به الشريعة الغراء لتنظم سلوكنا كبشر وتحثنا على مبدأ العدل في طلب الحقوق والإخلاص في تقديم الواجبات فبيئة العمل لا تختلف عن الحياة الزوجية التي يطلب فيها أن يقدم كل شخص مجموعة من الواجبات وأن يحصل على مجموعة من الحقوق شأنهما في ذلك شأن علاقة الجيران والأصدقاء والقيادة في الشوارع والمواطنة وكل شيء آخر.