في تلك الحقبة الماضية والتي عشتها واقعاً جميلاً وأمام عيني منظر اولئك الرجال الذين تمتلىء نفوسهم صفاءً ونقاءً ومحبة وبعد أن استقر والدي رحمه الله في مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية مكةالمكرمة، بدأت علاقاته تتوطد داخل المجتمع المكي وبين رجالاته، وكنت اعرف تلك العلاقات التي كانت تربطه مع اولئك الرجال الذين فقدناهم ومحورها الصدق والحب رجال كانوا كما كنت أسمع دائماً من ذلك الرجل الصالح عندما كنت أتحدث معه فأقول له، جميل أن تسمع بالرجال ولكن الأروع ان تجلس وتخالط الرجال فيقول لي اولئك لا يصدون عنك بل يبسطون وجوههم بشرا وسرورا والعم عبدالعزيز محضر رحمه الله رحمة الأبرار والصالحين احد أولئك الذين ربطتهم علاقة محبة مع والدي وكانت اول مقابلة أعرف فيها العم عبدالعزيز محضر في منزل الاستاذ أحمد كعكي رحمه الله برفقة الوالد ولامست اذني تلك القصيدة التي بدأ بها العم عبدالعزيز ويقول مطلعها. يا الله ارحمنا وأنت مولانا يا الله واقبلنا مالنا غيرك وهي قصيدة طويلة كلماتها جميلة ويتقنها العم عبدالعزيز وكنت جالسا بجوار رجل الفضل الشيخ الانسان عبدالله بخش رحمة الله تعالى وكنا نتحاور عن كلمات هذه القصيدة وأيضاً لقد سمعت من العم عبدالعزيز ذلك الفن الجميل (الصهبة) وهو يشدو بها ويحفظ من مقاماتها الشيء الكثير بكل التفاصيل في العديد من المناسبات والتي كنت احضرها، وفي حديثي مع الصديق الحبيب المربي الاستاذ محمد نور عن تلك الفترة والحقبة تذكرنا كثيراً من الأسماء التي رحلت الى دار البقاء فيقول لي أولئك تركوا فراغاً كبيراً وفيهم من الوفاء ما يسطر ويكتب بماء الذهب، نعم لقد كان العم عبدالعزيز من الرجال الذين تأنس للجلوس معهم رحابة صدره واتساع افقه وهكذا هم أهل مكة جيران البيت الحرام يعرفون قيم الوفاء والصدق والاخلاص في المحبة، والقيام بحق الصحبة وهذا ديننا يعلمنا تلك الاخلاق التي كانوا عليها ويتحلون بها. قلت له انهم نماذج مشرقة تستوقفني دائماً في محطات حياتي اليومية لانني عشت ذلك الواقع ورأيت اولئك الرجال وعطاءاتهم والتي تذهب بوفاتهم فألقيت على مسامع استاذي محمد نور مقولتي هل تلك الطبقة من الرجال ذهبوا جميعاً فهمس في اذني قائلاً (ان تسارع خطى الحياة بات يجر شريط الذكريات مدا وجزرا) لقد كان عبدالعزيز محضر ملء السمع والبصر، رحم الله العم عبدالعزيز محضر وأسكنه فسيح الجنان .