سبحان من كرمنا بالاسلام وبعث إلينا خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وجعل الكعبة المشرفة بيته الحرام في هذا البلد الطيب أم القرى حيث ترفع فيها الحسنة الى ألف حسنة، ومن صلى فيها صلاة رفعت له الى مائة ألف صلاة، ومن صام فيها كتب له صوم مائة ألف يوم ومن تصدق فيها بدرهم كتب الله له مائة ألف درهم صدقة، ومن ختم القرآن كتب الله له مائة ألف ختمة، بل وكل حسنة يفعلها العبد في الحرم في مكةالمكرمة بمائة ألف حسنة. فهذه مكةالمكرمة التي تتميز كما ذكر الحسن البصري رحمه الله بأن ما على وجه الأرض واد خير من وادي ابراهيم عليه الصلاة والسلام، الذي بها وخير بئر على وجه الأرض يوجد فيها وهي بئر زمزم، وليس هناك بلدة فيها مكان إذا لامسه الإنسان خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه الا مكةالمكرمة، فإن من مس الحجر الأسود خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من استلم الحجر الأسود والركن اليماني تحط عنه الخطايا حطا. ومن هنا فإن من يعيش في مكة ويسعد بالحياة فيها أو يمر بها أو يعتمر أو يصلي أو يطوف ويستلم الحجر فإنه في مدينة اختارها الله لبيته العتيق، وجعلها مثابة للناس وأمنا، وأحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال وهو يودعها : (اللهم وقد أخرجتني من أحب البقاع الي فاسكني في أحب البقاع اليك). هذه مكة البلد الحرام حاضنة البيت العتيق الذي هو أول بيت وضع للناس كما يقول الله سبحانه وتعالى : (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين) وهو عز وجل جعله مثابة للناس وأمنا: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا)، بل دعا أبونا ابراهيم عليه الصلاة والسلام لهذه البلدة الطيبة، وفيها هذا البيت الحرام بأن تهوي إليه أفئدة الناس ووصفه بأنه واد غير ذي زرع فجاءت الآية : (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) فالحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام وبعث إلينا خير الأنام وجعلنا من سكان هذا البلد الحرام، ونسأله أن يرزقنا الأدب فيه انه على كل شيء قدير.