أعتقد ان الحديث الذي أدلى به الملك عبدالله لصحيفة (السياسة) الكويتية هو بمثابة رسالة تستحق التوقف أمامها بالتأمل لأنه فضلاً عن ان الحديث يعكس وحده مفردات السياسة السعودية في الداخل والخارج. لقد وضع النقاط على الحروف مما أدى إلى اشارات مهمة وواضحة الى حقيقة المفهوم والتصور السعودي لملامح مرحلة عالمية جديدة يجرى تشكيلها على ضوء الأزمة المالية العالمية الراهنة ومن المحتم أن نكون شركاء مثل غيرنا في صياغة سطورها وبنودها عن طريق مشاركتنا في قمة (20) الأخيرة في واشنطن. لقد كان حديثاً شاملاً وجامعاً حيث تعرض لكافة القضايا الدولية والمحلية وحدد السياسات المستقبلية للمملكة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لذلك كان حديثاً شاملاً وجامعاً احتوى على كافة الحقائق التي دارت في قمة (20) بواشنطن وتحدث بكل صراحة كعادته إلى القراء بكل فئاتهم. فبروح القائد العربي والزعيم الدولي وبثقة في المستقبل حدد ملامح العمل الوطني السعودي داخلياً وخارجياً وأن المملكة تمضي في الطريق الصحيح. والحقيقة انه أراد أن ينبه الجميع الى أن المسؤولية الوطنية تحتم علينا ضرورة التعامل مع متغيرات وتداعيات هذه الأزمة المالية العالمية بتصور جديد يستند الى الدروس المستفادة من المرحلة الماضية التي جرى فيها تهميش متعمد لآراء وادوار الدول النامية وهو ما عبر عنه الملك عبدالله في مناقشات ومفاوضات قمة (20) في واشنطن التي عقدت مؤخراً. ولعلي لا أتجاوز الحقيقة إذا قلت أن أصعب اللحظات التي تمر بها الشعوب هي تلك التي تنقلهم من نظام الى آخر، حيث آلام مخاض المرحلة الجديدة بكل معانيها وتبعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فقدر الملك عبدالله أن يقودنا في وسط أجواء دولية لا تعرف الرحمة وتتربص بمقدرات الوطن وبذلك استطاع الملك عبدالله في حديثه الجامع والشامل لصحيفة (السياسة) الكويتية أن يضع النقاط على الحروف بالنسبة لأهم القضايا العالمية، والتي يشكل حسمها منعطفاً خطيراً في مسيرة النظام الدولي. ولقد كان الملك عبدالله واضحاً عندما أكد أن التحدي الذي نواجهه اليوم لا يتحمل التردد لأن نهضة الشعوب والأمم تتحقق بوضع الاستراتيجيات ذات الشفافية والتي تصنع قرارات تنموية شجاعة. لذلك يبدو واضحاً من قراءة الحديث بتأن كامل سنصل الى ان الملك عبدالله أراد أن يصارح الجميع بالحقيقة وأن يؤكد في الوقت نفسه انه مازالت أمام المجتمع الدولي فرصة سانحة للتصحيح والمراجعة والعودة الى الطريق الصحيح الذي يُقصر من زمن الأزمة المالية العالمية من ناحية ولا يحول دون استمرارية المحاور الرئيسية للتنمية الشاملة من ناحية أخرى. وفي النهاية انها دعوة صادقة وجادة تطلق القوة الكامنة داخل كل سعودي وتدعوه لبناء المستقبل، والمشاركة في صُنعه.. وتظهر المملكة على انها قادرة على المساهمة في رفاهية الإنسان أينما كان.