وصف عدد من العاملين في المؤسسات والهيئات الإسلامية، مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره بأنها أحد المظاهر البارزة والمهمة لعناية المملكة العربية السعودية وقادتها بالقرآن الكريم وأهله وحفظته وانطلاقاً من دور المملكة ورسالتها السامية وموقعها الديني المتميز بين الدول العربية والإسلامية بصفتها مهبط الوحي ومهد الرسالة. واعتبروا المسابقة بأنها أحد الدلائل المهمة التي تتجلى فيها الوحدة الإسلامية بين ناشئة وشباب الأمة، حيث يجتمع أبناء الأمة في رحاب مكةالمكرمة، وبجوار بيته العتيق يتنافسون في كتاب الله الكريم. الإعجاز القرآني بداية قال مدير معهد الإمام البخاري للشريعة الإسلامية في طرابلس ورئيس مركز البحث العلمي الإسلامي لبنان سعد الدين بن محمد الكبي: إن مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، لتحث الشباب وتحفزهم على الاقبال على كتاب الله الكريم وهي لفتة طيبة واهتمام مشكور من المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للقيام بهذا الواجب العظيم مؤكداً أن إقامة المسابقة كل عام تعتبر وسيلة مهمة من وسائل تربية الشباب على كتاب الله، وبتجددها يتجدد الأمل في نفوس الأمة بظهور ثلة من الشباب اليافع المقبل على كتاب الله الكريم بالحفظ والتدبر، مما يشعر باستمرار هذا الدين ومضي الدعوة الإسلامية المعاصرة في طريقها متوخية بنشاطها تكريم الإنسان بربطه بخالقه وبارئه من خلال تحفيظ القرآن الكريم. ورأى فضيلته أنه بتجدد المسابقة يتجدد النفس التجديدي في الأمة من خلال بعث خيرة شبابها في عروق الأمة، والاهتمام بهم وتأهيلهم بالحفظ وإتقان التلاوة، ومعرفة معاني القرآن وأحكامه وهو السلاح الأول في الجهاد العظيم، جهاد النفس أولاً وجهاد الحجة والبيان ثانياً، الذي هو جهاد الخاصة من هذه الأمة الذي لايقدر عليه إلا من اصطفاهم الله سبحانه وتعالى واختارهم لتبليغ رسالته الخالدة إلى الأمم والشعوب إلى قيام الساعة. واسترسل قائلاً: وبتجدد المسابقة يبرز أثراً مهماً من آثار الاعجاز القرآني التي تتجلى في الوحدة الإسلامية التي يحققها القرآن من خلال النطق بلغته العظيمة، والتي تبرزها المسابقة من خلال جمع الحفظة من أقطار العالم الإسلامي في مكةالمكرمة قبلة المسلمين الحسية، وعلى رحاب أرض الحرمين الشريفين قبلة المسلمين المعنوية وفي ضيافة خادم الحرمين راعي الدعوة الإسلامية المعاصرة في مهدها الأول. وأردف الدكتور الكبي قائلاً: إننا ومن خلال مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية نستطيع أن نحفظ الشباب من مخاطر التكفير الذي أضر بالشباب المسلم أولاً، وبالدعوة الإسلامية ثانياً، بتشويه السمعة وإبراز الدين الإسلامي على أنه دين دموي لايقبل الحياة ولايقدر الحوار مع المخالفين. وحمل فضيلته القائمين على المسابقة مسؤولية كبيرة في إبراز الجانب الحضاري للإسلام وأنه دين يدعو إلى الحياة من خلال دعوته الآخرين إلى الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يأخذ الحفظة دورهم في بيان ما في القرآن من تشريع عقدي يفسر الوجود ويعرف الإنسان بخالقه، وبيان تشريعاته الاقتصادية والاجتماعية وما تحققه من عدالة متوازنة تتناسب مع طبيعة الإنسان، وتحقق له مصالحه من غير أن تخرج به عن الطبيعة البشرية. ودعا مدير معهد البخاري في طرابلس الشباب المشارك في المسابقة أن يحمل الفكر الإسلامي الصحيح المستمد من القرآن الكريم بعيداً عن الأفكار المحمولة من هنا وهناك، وبعيداً عن الضغوط الخارجية، وعرضه على الآخرين كمشروع إنقاذي لمشاكل المجتمعات قاطبة وعلى جميع الأصعدة ويوم أن يفهم المشاركون في المسابقة دورهم والرسالة التي يحملونها وأنها مشعل هداية للناس جميعاً ومفتاح سعادة للعالمين سبيل نجاة لكل من استجاب لنداء رب العالمين القائل (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) ولم يضنوا بما عندهم من علم وآيات الكتاب والحكمة، مع مراعاة وضع المعاني في قوالبها الجميلة التي يقبلها السامع، ويقبل عليها كل من يصغي إليها عندها سنعود خير أمة أخرجت للناس، وستستجيب المجتمعات أو كثير من أفرادها إلى الخطاب الإسلامي والوحي القرآني وليس ذلك على الله بعزيز. مفاخر المملكة وأبدى مؤسس مركز الاستقامة الإسلامي ومدير مدارسه وعضو هيئة التدريس بجامعة الحكمة، الورن بنيجيريا الدكتور عبدالغني أكوريدي عبدالحميد تقديره لجهود المملكة المتواصلة في خدمة القرآن الكريم، ووصفها بأنها جهود تذكر فتشكرحيث جعلت المملكة القرآن الكريم أساساً لشؤون الحكم ومناحي الحياة وتوجيه العلوم المعارف في جميع مراحل التعليم وجهة إسلامية مستمدة من القرآن الكريم والسنة المشرفة إلى جانب إنشاء كليات وأقسام ومعاهد متخصصة بالقرآن الكريم في الجامعات وإقامة مدارس خاصة لتعليم القرآن الكريم وإنشاء إذاعة مختصة بالقرآن الكريم الآيات المتلوة بأصوات أشهر القراء، وتقدم البرامج الممتعة النافعة، على مدار أربع وعشرين ساعة. ورأى أن من أروع مظاهر عناية المملكة بالقرآن الكريم إقامة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينةالمنورة وهو أكبر صرح لطباعة القرآن الكريم ويعد من مفاخر المملكة ومآثرها الجليلة حقاً إذ يهتم المجمع بطباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي وفق أعلى مواصفات الدقة والجودة والاتقان بل تخطاه إلى تسجيل تلاوة القرآن الكريم بأصوات مشاهير القراء، وإلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى أهم لغات العالم وأوسعها انتشاراً وطباعتها في طبعات متميزة في الجودة وحسن الإخراج وايصالها إلى كل مسلم في مختلف أرجاء المعمورة. وأشاد الدكتور أكوريدي بتنظيم المملكة للمسابقات القرآنية التي تعددت وتنوعت فمنها المحلية التي يتنافس فيها أبناء المملكة وأخرى دولية وهي مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، منوهاً بمآثر الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي حرص على القرآن منذ صغره تلاوة وتدبراً وحفظاً وظل ملازماً له طيلة حياته. وأضاف قائلا: فلا غرو أن تلقى المسابقة منذ بداية دورتها الأولى عام 1399ه اهتماماً بالغاء وعناية واسعة على جميع الأصعدة سواء من الشعوب الإسلامية أو دولها أو الجمعيات والمراكز والمعاهد والمؤسسات الإسلامية من مختلف دول العالم، واصفاً المسابقة في عامها الثلاثين بأنها خطوات مباركة، ومبادرات طيبة، ومؤكداً في الوقت ذاته أن للمسابقة أثرها الايجابي في أبناء الأمة الإسلامية فهي تحفزهم على حب حفظ كتاب الله تعالى ووعي معانيه، وتدبر آياته وتطبيق تعاليمه وتشجيع دول أخرى وتجمعات مختلفة على الاقتفاء بإنشاء أمثالها، سواء على مستوى دولي أو محافظة داخل دولة معينة، فالمملكة العربية السعودية حقاً في طليعة من يسعى في نشر القرآن الكريم وتفسيره والتفقه فيه، ثم تبيين هذه التعاليم للآخرين بواسطة الأخلاق الفاضلة والمثل العليا لأن بتدبر القرآن يتضح لنا أن لا قوام لهذه الأمة إلا بشعور يورث لكل فرد من أفرادها بأن نفسه نفس الآخرين ودمه دم الآخرين وظن السوء بهم ظن بنفسه، والسلام عليهم سلام على نفسه، وعيبهم عيب لنفسه قال تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). وحث مؤسس مركز الاستقامة الإسلامي علماء الأمة وطلبة العلم القيام بالدعوة المكثفة إلى الله بأساليب شرعية متنوعة، وباستثمار وسائل الإعلام الحديثة المختلفة، لأن القصور عن الابلاغ بالدعوة مسؤول عن جهل أبناء الإسلام للإسلام الصحيح فالإنسان عدو ما جهل، ولايترك هؤلاء العلماء العاملون اليقظون دعوة الحق للجاهلين الغافلين القانصين المحترفين، وإذا قام حفظة كتاب الله بدورهم الحقيقي فهم بذلك قد دافعوا عن كتاب الله، وقد ذادوا عن نبي هذه الأمة وعن مقدسات المسلمين وعن العقيدة الغراء وعلى الأمة الإسلامية بناء مناهج تعليمهم على هداية القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي ذات السياق حذر الدكتور عبدالغني مما يواجه الشباب المسلم في هذا الزمان من تيارات جارفة من الفتن والصوارف عن دين الله عزوجل ومنها: فتن الشبهات التي تشككه في دينه وعقيدته وفتن الشهوات المحرمة التي تقوده إلى الويلات، داعياً إلى العزم الجاد للعودة إلى تطبيق هداية القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم ما يعين على تنشئة الشباب الذي يخاف الله عزوجل ويرهب المعصية، ويحمل قوة الإيمان مع قوة الإرادة والعزيمة في مواجهة الفتن والانتصار عليها. الدور الرائد ونوه رئيس مركز الدراسات والأبحاث في مجال تصحيح صورة الإسلام بفاس بالمملكة المغربية والدكتور حسن عزوزي بالعناية الفائقة التي توليها المملكة العربية السعودية لكتاب الله الكريم وأهله وحفظته لافتاً إلى أن هذه العناية تأتي انطلاقاً من رسالتها السامية وموقعها الديني المتميز بين الدول الإسلامية بصفتها مهبط الوحي، ومهد الرسالة المحمدية، وقال: لقد عنيت المملكة من خلال مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بطباعة الملايين من المصاحف وتوزيعها في كل أرجاء العالم حيث يوجد مسلمون كما عنيت بترجمة معاني القرآن الكريم إلى ما يناهز الخمسين لغة من لغات العالم ومن بينها لغات محلية كما تعنى المملكة بتعليم وتحفيظ القرآن الكريم ضمن استراتيجية واسعة المدى بدءا من مدارس التحفيظ الأولية وجمعياتها وانتهاء بالأقسام المتخصصة في المعاهد والكليات ذات التخصصات الإسلامية. ووصف دور وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في هذا المضمار بأنه دور رائد بما تقدمه من دعم سخي لتنظيم المسابقات القرآنية العديدة الوطنية والدولية بغرض تشجيع أبناء المسلمين على العناية بكتاب الله تعالى حفظاً وترتيلاً وتفسيراً، كما أن إشراف الوزارة ومتابعتها وتوجيهها لكثير من الجمعيات ومراكز التحفيظ المتطورة يندرج في إطار الجهود الجبارة المبذولة من أجل الارتقاء بالعمل الإسلامي الذي يخدم كتاب الله تعالى من جميع الوجوه. وشدد الدكتور عزوزي على أن مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم تتميز عن غيرها من المسابقات التي تجرى في بلدان إسلامية كثيرة من كل عام بأنها تقام في رحاب مكةالمكرمة التي هي مهبط الوحي ونواة إشعاع النور المحمدي على أرجاء العالم كما أنها في بلد إسلامي نذر أن يكون حكمه ودستوره القرآن الكريم الذي هو النبراس المنير والسراج الوهاج. وعن آثار هذه المسابقة في أبناء الأمة قال الدكتور عزوزي: إن أبرزها تعزيز روح الأخوة الإسلامية حتى إن مشاركة متسابقين من عدة دول يهدف إلى ترسيخ أواصر وروابط الإخاء والمحبة والتعارف بين أبناء الدول الإسلامية، كما أنها تحث أبناء الأمة وتحفزهم وتشجعهم نحو حفظ ونيل شرف المشاركة في هذه المسابقة مما يوفر جواً من المنافسة القوية من خلال الاحصائيات التي تجرى في كل بلد إسلامي على حدة قبل المنافسة النهائية في مكةالمكرمة، مبيناً أن شهرة هذه المسابقة اليوم في كل بلدان العالم الإسلامي جعل نسبة المقبلين على التنافس من أجل نيل شرف المشاركة تكبر، فعمر المسابقة الذي ناهز الثلاثين عاماً أكسبها مزيداً من الشهرة والمعرفة ومزيداً من التميز والإقبال. وفي سياق آخر رأى أن دفاع علماء الأمة عن كتاب الله تعالى وما يتعرض له من تشويه وتحريف يتجلى أولاً في رصد ومتابعة كل ما يقال ويكتب وينشر عن القرآن الكريم من طرف أعداء الإسلام من منصرين ومستشرقين كما ينبغي على علماء الأمة أن ينهجوا في ردهم ودفاعهم مختلف السبل والآليات التي من شأنها أن تبين حقائق القرآن الناصعة وأحكامه السامية مع الرد على الطعون والافتراءات بالأسلوب العلمي الهادئ البعيد عن كل انفعال أو تشنج وهذا الدفاع ينبغي أن يوجه إلى المعاقل الغربية العلمية والإعلامية والثقافية بمختلف اللغات إذ لاجدوى أن نتناقل فيما بيننا معشر المسلمين ردوداً عن أعداء القرآن دون أن تبلغهم، فلاجدوى من عمل دفاعي لايحقق المراد والمقصود. ولفت الدكتور عزوزي إلى أن أعداء الإسلام ومن يسيرعلى نهجهم ممن ينتسبون إلى ديننا واعون يعلمون بأهمية المناهج التعليمية في تغيير الأفكار وبناء الأمة ولذلك وجهوا سهامهم على المناهج التعليمية في كثير من الدول الإسلامية على اعتبار أنها بحكم أساسها الإسلامي كفيلة بأن تحافظ على التوجه الإسلامي للناشئة الذين هم مستقبل الأمة، لذلك فقد سعوا ولايزالون إلى الدعوة إلى تغيير المناهج التعليمية بما يتلاءم والفكر العلماني من جهة وبما ينسجم مع التخلي عن بعض المبادئ والمسلمات التي يؤمن بها المسلمون ويعتبرونها من الأركان الأساسية في الشريعة الإسلامية ولاشك أن وراء مثل هذه الدعوات أياد خفية تسعى إلى علمنة العملية التربوية والتعليمية في بعض البلدان الإسلامية التي استعصى أمر تطويعها لذلك.