كتب لي صديق أديب تستهويه معرفة أفكار الغير يسألني؟ (ما رأيك في المرأة وأنت من شعراء الغزل؟). ولم يحدد لي في أي من جوانبها أو ظروفها وهل كان يعني أن يسوقني إلى أن أضع لي رؤية في المرأة الحديثة في بلادنا.. وهنا لن اتطرق لهذا إذ له حديث خاص وإنما أقصر كلمتي هذه عن رأيي بوجه عام في نصفنا الجميل الذي أحاطه البعض وأقصد من لهم خبرات وأفكار حولها بهالات عجيبة على أنها أي المرأة سر مغلق وأنها مخلوق ضعيف.. وأنها وأنها .. وذهب البعض الآخر إلى الإسراف في الحملة عليها ووضعها في قفص الاتهام والمناداة بالحذر منها.. بينما يقف فريق موقفاً وسطاً يتميز بالحكمة والاتزان العاطفي والفكري معاً. ورأي هذا الفريق هو ما اعتقد أنه الصواب يعترف على الأقل بأن المرأة نصف المجتمع.. ونرى أن المفهوم السليم لهذا الاعتراف يرتكز إلى المبدأ الخلقي قبل كل شيء. ومعنى الخلق بالنسبة للمرأة يجب أن يرتفع بها عن مستوى العاطفة التي صبغتها بها الطبيعة، وأن يدفع بها إلى التهذيب الديني الذي يوجد عندها من الحصانة والرصانة ما يتفق مع وضعها الحساس في كيان الأسرة لتكون بحق النصف المتمم للآخر والجنس الرقيق الذي يستحق الاحترام إذا عرف نفسه. ورأينا في المرأة من الزاوية الفنية أنها رمز جمالي محدود يتخيل فيه الفنان أساطير حبه وأحلام قلبه فالغزل بالمرأة كما نفهمه ليس معناه رجاء امتلاكها أو اللهفة على طبيعتها بالمعنى المادي.. لا، فإنها كما قلت رمزاً لبعض المعاني الجمالية التي تعيش في مخيلة الشاعر يقتات منها صوره ويعبر بها عن أشواقه البعيدة المدى ونفثات وجدانه الحالم، وهو يصوغ تجاربه المثالية أو صور العواطف الخيالية ولقد سجلت قبل عشر سنوات في أقوالي المرأة أجمل زهرات الدينا ولكن ثم تمر أعوام ومعها تمر خبرات وتسجل أقوال، ثم أراني أسجل بعد هذه السنين العشر قولي: اثنان لاتثق فيهما أبداً: (الخائن والمرأة) فهل تراني قسوت عليها من حيث لا أدري أم أنني خبرت من وقعها ما أنطق الشعور بهذا؟ في كلا الحالين فإن تكوين المرأة الذاتي يتطلب أن يكون لها حارس خارج عنها كنوع من الحماية والإرشاد لتكون عضواً نافعاً في حياتنا المتطورة. عبدالسلام هاشم حافظ