يعيش الإنسان في هذه الحياة بين طريقين مختلفين ، الأول طريق مستقيم لا اعوجاج فيه وهو طريق الذين أنعم الله عليهم ورضي عنهم ، وأما الآخر فطريق لا استقامة فيه ، وهو طريق المغضوب عليهم والضالون، ولقد بين الله تعالى لعباده الطريق الصحيح الذي يقود العبد إلى جنات النعيم ، ونهاهم في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففي القرآن يقول تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الانعام آية (6) وفي الحديث الصحيح الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: (خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطا فقال: هذا سبيل الله ، ثم خط خطوطا عن يمين الخط ويساره وقال: هذه سبل ، على كل سبيل منه شيطان يدعوه ، ثم تلا: (وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) يعني الخطوط التي عن يمينه ويساره . والخط الذي خطه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سبيل الله وهو دينه وحبله ولزوم سنته عليه الصلاة والسلام ، والخطوط التي عن يمنيه الخط المستقيم وعن يساره هي طريق أهل المعاصي والضلال وأهل البدع والأهواء ، وبهذا يبين لنا عليه الصلاة والسلام الخير من الشر والنور من الظلام فهو حريص على أمته وأرأف وأرحم (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) التوبة آية (128) فالواجب على الأمة افراداً وجماعات الأخذ بهذا التوجيه النبوي حتى يكون الانسان صالحا في نفسه مصلحا لغيره ، ويكون دائماً على الحق الذي جاء به النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، استمع نفر من اخواننا من الجن إلى القرآن الكريم وهو يتلى عليهم فما كان منهم إلا انهم آمنوا به ، يقول الإمام القرطبي رحمه الله: هذا توبيخ لمشركي قريش أي ان الجن سمعوا القرآن فآمنوا به وعلموا أنه من عند الله وأنتم معرضون مصرون على الكفر. أه. قال تعالى: (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم). سورة الاحقاف آية (29) ، فمن سار على الطريق المستقيم فهو في أمان من المهلكات ويبرأ بنفسه عن مواطن التهم والشبهات فيعيش بأمان ويأمن جاره بوائقه ويسلم المسلمون من لسانه ويده ، ويضع الله له القبول في الأرض ويتمنى الناس بقاءه ، وأما من حاد عن الطريق المستقيم واتبع السبل التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم فيعيش ضيق القلب مهموم مغموم مبغوض عند الله تعالى وعند خلقه ، فمن أراد سبيل الله فعليه بالعمل الصالح الموصل إلى جنات النعيم فإن الله يحب المنيبين من عباده ووعدهم بالمزيد ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها وعلى الله فليتوكل المؤمنون.