يعد “درب كرا" الحجري الذي يتجاوز عمره 1000 عام إرثا حضاريا وإنسانيا ذات قيمة تاريخية عظيمة حيث كان يستخدمه المشاة حتى عام 1380ه قبل إنشاء طريق الكر المزدوج الرابط بين الطائف والعاصمة المقدسة في التنقل ونقل البضائع والسلع والمنتجات الزراعية على ظهور الجمال. ويتميز هذا الطريق بمقاومته لعوامل الزمن طوال القرون الماضية وشكله الهندسي المتعرج الذي يساعد المشاة والجمال على سلوكه بيسر وسهولة رغم محدودية الإمكانات الفنية والتقنية وقت إنشائه . وروى الباحث حماد السالمي، أن جبل كرا الفاصل بين سراة الطائف وتهامة مكة، كان يقف عقبة أمام حركة التنقل بين الحاضرتين الكبيرتين إلى أن ذللها وعمّرها حسين بن سلامة قبل ألف عام تقريباً، حيث شق لها دربين، واحد للجمّالة، والآخر للمشاة، ورصفهما بالحجارة، فظهر الدرب منهما وهو على شكل درج يتلوى بين قمة الجبل في الهدا، والكر أسفل كرا مما يلي شداد، ثم وادي نعمان. وذكر أن الحال ظل على ما هو عليه طيلة هذه الأعوام حتى فتح طريق ثالث هو طريق السيارات سنة 1385ه وذلك في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - ، فتحول جبل كرا من طود يحجز بين المدينتين والقريتين مكةالمكرمةوالطائف، إلى مشروع حضاري أسطوري في فكرته وتنفيذه فسهل على الناس التنقل والترحال، وعظم شأنه في عيون الذين عرفوا كرا قبل فتحه وبعد فتحه. وأكد أن “درب الجمّالة"، و"درب المشاة"، هما من المعالم الأثرية المهمة، التي ينبغي الحفاظ عليها وصيانتهما لأنهما يعدان ضمن منظومة جبل كرا ذاته ويكملان الصورة الجميلة لهذا الجبل بعد أن ذُلل بالطريق السريع المزدوج . ومن جانبه، يشير الباحث والمؤرخ مناحي القثامي أن درب كرا الحجري من الطرق التاريخية القديمة التي بدأت مع بداية ما قبل الإسلام، وتم الاهتمام به في العهد العثماني حيث اختصر مسافات شاسعة بين الطائفومكةالمكرمة . وأفاد أن الدرب، والذي عرف بدرب الجماله شهد عملية تطوير في القرن الخامس الهجري كما يذكر بعض مؤرخي الحجاز وكان يتسع للمشاة والدواب, مؤكداً أهمية الحفاظ عليه كمعلم تاريخي دون الإخلال برمزيته التاريخية على اعتبار أنه شكل شريانا مهما يربط بين الطائف ومكه المكرمة . وعملت الهيئة العامة للسياحة والآثار على تهيئة درب كرا الحجري الأثري الذي كان المسلك الجبلي الوحيد الرابط بين الطائف ومكه المكرمة . وأشار مدير فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف طارق بن محمود خان، إلى أن مشروع تأهيل هذا الدرب الأثري من المشروعات الإستراتيجية للهيئة حيث تم ترميم الدرب وتوفير جلسات محاذية للدرب الأثري وتركيب لوحات تعريفية بهذا المعلم الأثري القديم . ونوه خان بالدعم الذي حظي به المشروع من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار والمتابعة المستمرة من معالي محافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر في سبيل تهيئة الدرب والمحافظة على هذا المعلم التاريخي.