تنهل الشاعرة سمر صالح الشيخ في دايون (انشقاق) من بحور الشعر أعذبه، وتغزل من حروف الأبجدية لوحات إبداعية شفيفة تتقافز كلماتها طرباً تنسدل على الورق فتخضر إيناعاً وحياة، كيف لا و (انشقاق) مستقى من دلالة ايمانية عميقة ، وشحنة عاطفية مترعة بشراع الأمل . تكتب للحب الذي لا يأتي ، والشاعرة التي لا أحد يحتفي بشعرها الذي نسجته من دمها وشغاف قلبها وحلمها الجميل، حيث يظل (الديوان) أخرساً على الرف لا تمتد إليه يد لتطالعه ..القصيدة سراب وغياب كبير. ومن بين الدمعة والموت تنسرب تنهيدة الحياة، ثمة بيت يتيم مكسور بابه ، مغلق نوافذه عندها الظل لايعانق ظله ، والثمرة تبكي شجرتها، في انتظار المطر!. هذه الشاعرة التي تريد الخروج للحياة كي تعيش التجربة كاملة، لكن لا أحد يتذكرها رغم التحليق بالأجنحة في فضاء رحب ممتد بلا نهاية! وتتساءل : هل كان لك يوما قلباً ساخناً كخبز محروق في التنور؟ هل تذوقت دموع الفقر؟. هل شممت رائحة الجوع؟ هل جربت يوما الكتابة بأصابع فاترة؟ هل جربت الحزن؟!. الاجابات في (انشقاق) تأتي متسقة مع الروح المعذبة، تفضي إلى حكايات غامضة، ورحيل مر وموت مجاني قبله الوصول إلى حافة الجنون. وتخرج من منفى لتصل إلى الحنين المبلل بالرسائل الندية لتعزف لحن عناقيد الحب كشجرة اللوز، كفضة القمر، كزهرة برية، وفي قصيدة (عزباء) تصف رحلة الشقاء والمعاناة الطويلة: إن انفصالنا يعادل نبضة انني أخرج دائما في نزهة أحمل حقيبتي وأمسك طفلتنا بيدي ثم أسلمهما لمطر الشتاء.. فيظل مقعداً في قلبي شاغراً انكمش على نفسي.. باردة ..وحيدة كالورق الأصفر وديوان انشقاق حافل بقصائد أغاني للوحدة، وأغنية للحب ، وأغنية للمطر وأغنية للعناق ، والحرية، وشهوة الريح والغروب ، والانشطار، وخلايا النحل ، والمقاعد الفارغة، والفتنة، والإيمان القوي. إن الغوص في دهاليز (الشعر الحر) الذي نسجت على منواله سمر الشيخ ، قصائدها، يحتاج إلى تفكيك لأنه مشحون بتجربة انسانية ترفض أحياناً البوح بكل التفاصيل المتخلية ، مما يربك القارىء ويجعل النهايات مفتوحة لكل الاحتمالات بيد أن الغموض الذي يلف كثيراً من (الشعر المنثور) في (انشقاق) يجعل المرء في حيرة من أمره أمام التأويلات والتفسيرات التي لا أول لها ولا آخر. وكما يقال المعنى في بطن الشاعر فجرأة الإقدام على التجربة الإبداعية الشعرية وخوض غمار هذا المضمار الصعب ، يشي بولادة جيل جديد يتوق إلى عوالم نصوص شعرية فريدة، واستنباط مفاهيم غير مطروقة، وديوان (انشقاق) الذي يقع في 111 صفحة ويضم نحو 50 قصيدة ، جدير بالقراءة لاكتشاف الكنوز التي يخبؤها في جوفه.