ألقى الدكتور رياض بن حسن الخوام ، الأستاذ في كلية اللغة العربية بحامعة أم القرى ، محاضرة بعنوان (أسباب تسمية الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة) في نادي مكة الثقافي الأدبي. وقدم للمحاضر وأدار المحاضرة علي بن يحيى الزهراني عضو مجلس إدارة (نادي مكة الثقافي الأدبي) الذي نوه بمكانة مكةالمكرمة ، أحب البقاع إلى الله ، والذي يقف الجميع إجلالاً ومهابة وعظمة لها. كما قدمت فاتن إبراهيم محمد حسين ، عضو الجمعية العمومية لنادي مكة الثقافي الأدبي عرضاً للسيرة الذاتية الحافلة للمحاضر. ثم ألقى الدكتور الخوام محاضرته بالاشارة إلى ظاهرة لغوية يلحظها القارئ في المعاجم العربية والكتب التي تناولت مكةالمكرمة وتاريخها ، تتمثل في أن العلماء تحدثوا عن أسباب تسمية الأماكن في هذه البقعة المباركة وكأنهم بذلك يلبون ميول الناس إلى معرفة السبب ، والمرء بطبعه يميل إلى ذلك. ويزداد هذا الشوق حين يكون المكان من أمكنة مكة المقدسة. لأن هذه من أريج المهد الحضاري ، ومن عبق التاريخ الإسلامي. واستعرض المحاضر أسباب تسمية عدد من الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة ، مثل بكة ، التنعيم ، الحجر ، الحطيم ، زمزم ، ميزاب ، منى ، الصفا والمروة ، مزدلفة .. وغيرها من الأماكن مستعرضاً بعض ما قيل فيها من أسماء مع تعليلها. وخلص الدكتور الخوام من محاضرته إلى نتائج عديدة منها: هناك درس لغوي رفيع شارك فيه اللغويون والمفسرون والمؤرخون على مّر العصور لتقديم صورة دقيقة واضحة عما جرى على هذه الأماكن من تسميات . وراعى العرب في إطلاق التسمية على هذه الأماكن الواقع المشهود الحسي والمعنوي بدقة. وكثرت أسماء زمزم خاصة ، لشرف المسمى ولكثرة الاستعمال ، واشترك الكثير منها في الدلالة ، على معانٍ مشتركة مع أن المباني مختلفة. وغلبت الأسماء المشتقة على هذه الأماكن ، بعضها منقول من أسماء المكان كمقام إبراهيم والملتزم والمستجار والمدّعى ، ومنها منقول من أسماء الفاعلين كصافية وعافية وكافية ، ومنها منقول من اسماء المفعولين كمباركة ، ومضمونة وقد باتت صفات لانه أريد منها الثبوت والدوام. وقيل عن بعض الأسماء: إنها فارسية في حين أن لها أصولاً عربية كالميزاب والمرزاب ، وزمزم .. فالقول بعربيتها أولى من القول بأعجميتها. ووردت بعض هذه الأسماء في القرآن الكريم ، وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وأدت كثرة الاستعمال إلى ظاهرة الترادف في الأسماء ، فلزمزم أكثر من ثلاثين اسماً شارك في إطلاقها السابق واللاحق. وجاءت بعض الأسماء ذات دلالات شرعية واضحة ، سارت على أصل الإطلاق اللغوي ، ومنها عرفات ، ومنى ومزدلفة ، وقزح. وقد تتسع معاني هذه الاسماء نظراً إلى تعدد المعنى اللغوي والمعجمي. وأكد الدكتور الخوام في نهاية محاضرته على ضرورة قيام الجامعات بدراسات علمية متأنية يشارك فيها أقسام اللغة العربية ، والتاريخ ، والجغرافيا إذا أردنا أن نخدم مكةالمكرمة بما تستحقه من اهتمام .. وأن المكتبة العربية الحديثة بحاجة إلى مثل هذه الدراسات المتصلة بعلم اللغة التاريخي والجغرافي وهي تساعد على كشف الفكر اللغوي العربي الإسلامي واتجاهاته ، وتصوّر البيئة التي نشأ فيها. التعقيبات: هذا وقد شارك في التعقيب على المحاضرة عدد من الحاضرين والحاضرات وكان من بينهم الدكتور سعد حمدان الغامدي الذي طالب بضرورة التركيز المعرفي في تحديد الأسماء ، والدكتور عبدالكريم العوفي الذي أشار إلى فضائل مكةالمكرمة على الدرس اللغوي ، والدكتور علي بن يوسف الذي أوضح أن تسمية الأماكن جزء من التعليل ، وإلى تعدد المسميات ، والدكتور عبدالعزيز الطلحي الذي أكد على ضرورة الاهتمام بعلم اللغة التاريخي ، وفاروق آغي الذي أكد على أن مكةالمكرمة بتاريخها وبمواقعها الأثرية لم تخدم كفاية ، وثريا بيلا التي فضلت أن يكون موعد المحاضرة في موسم الحج ، والدكتور حمدي بدران الذي رفض فكرة عدم تعليل الأسماء الذي يدل على ضعف الحيلة. وفي نهاية اللقاء ألقى رئيس مجلس إدارة النادي كلمة رحب فيها بالحاضرين وشكر الدكتور رياض الخوام على محاضرته القيمة مشيراً إلى رغبة النادي بطباعتها ضمن إصداراته في إطار اهتمامه بالشأن المكي ، وبالبلد الأمين ، مكانة ، وتاريخاً ، وجغرافية ، ورجالاً.