أثارت محاضرة أستاذ اللغويات بجامعة طيبة الدكتور محمد جمال صقر أول من أمس في صالون الدكتور سليمان الرحيلي عن "حركة الأسماء العربية" التي تناول هذه الحركة عبر عدد من المواقف والاستشهادات، أثارت جدلا إلى الدرجة التي دفعت الدكتور حامد الخطيب أن ينتقد المحاضر بأنه لم يوجه المحاضرة بشكل متخصص، بل ترك المجال أمام الحاضرين ليطرحوا ما يشعر به أمامه متسائلا: لماذا لم يوضح المحاضر مصادر الأسماء وأثر اللغات والحركات السياسية على الأسماء بدلا من تركنا في بحر من التخرصات – على حد تعبيره -، وهي المداخلة التي رد عليها صقر بأن خير المحاضرات ما يستفز التعليقات ويثري النقاش. وكان صقر قد قال في بداية محاضرته إنه يلتمس من الحاضرين المشاركة بمداخلاتهم لإثراء المحاضرة، لأن مداخلاتهم سوف تكمل الصورة وسيعتمد عليها لتطوير ورقته ليشارك بها في مناسبات أخرى. واستدل صقر بداية بقول الشاعر جميل بن عبدالله بن معمر العذري في بيته ذائع الصيت: "أحب من الأسماء ما وافق اسمها... وأشبهه أو كان منه مدانيا" مؤكدا على أهمية أن نختار لأبنائنا أسماء حسنة ونشرح لهم معانيها ومبانيها وبواطنها وظواهرها قليلا قليلا بما يتسير لهم ويتيسر لنا. وقال صقر: ألم يكن من معالم خداع الصهاينة في زمان ذلتهم للغربيين أن حرفوا أسماءهم العبرية إلى أسماء غربية واختفوا بها في سواد الغربيين وإن بقيت معروفة لأهل العلم حتى إذا ما التبست الأسماء التباسا تاما ظهرت الأفعال الفاسدة وأظهرت معها الأسماء الخفية؟. وأضاف: ليت ذلك الساخر من الأفعال العربية، الساخط على الأسماء العربية عرف أن تعريب الأسماء هو طريق تعريب الأفعال، وحينئذ يتحول حاله ويتغير مقاله. وأشار صقر خلال الحاضرة التي أدارها الدكتور سليمان الرحيلي إلى أن التسمية تعد ظاهرة ثقافية لغوية اجتماعية متغيرة تتحرك حركة تاريخية جغرافية دائبة، وربما ظنها بعض الناس حركة عمياء عما يحدث لها، إلا أنه لو تأمل لوجدها متعامية لا عمياء. وطالب صقر بتعميم الثقافة اللغوية الاجتماعية، التي تحرك التسمية حركتها الطبيعية. وذهب الدكتور مختار الفجاري في مداخلته إلى أننا حين نتحدث عن علم التسمية عموما فنحن نتحرك في إطار لغوي، وإذا انطلقنا مما آل إليه علم اللغة المعاصر المعروف ب"اللسانيات" ندرك تماماً أن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية باعتبار أن التسمية في نهاية الأمر هي إعطاء دال يقوم بمدلول معين، مشيرا إلى أن المحاضر أراد أن يعطي معايير وقواعد للتسمية مثل قوله "إن كل شخص يريد أن يسمي اسمه من منطلق ما حُرِم منه" وهذه محاولة – بحسب الفجاري- لإعطاء معيار للتسمية، وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث. الدكتور أحمد الخرائط قال إن هذه المسألة ترتبط بالتاريخ والأعراف والسياسة والقضية الحضارية والاجتماعية، وأن كثيراً من العلماء حاولوا تعليل بعض الأسماء إلا أنهم سوف يملون ويكلون لأن موضوع التسمية بحر لا ساحل له.