أثارت قضية الطروحات المكية وضرورة أن تكون هي منطلق نشاطات نادي مكة الثقافي الأدبي وأن تتمحور حولها ومنها كل الأنشطة للمواسم الثقافية للنادي نقاشات جادة بين المثقفين، وتحولت محاضرة «أسباب تسمية الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة» التي نظمها نادي مكة الثقافي الأدبي مساء أمس الأول وتحدث فيها الدكتور رياض بن حسن الخوام عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى إلى ندوة ثقافية ساخنة بسبب التجاذبات التي شهدتها المحاضرة ما بين مديرها علي يحيى الزهراني ورئيس النادي الدكتور حامد الربيعي والمحاضر والمختصين عبر المداخلات الشفافة التي شهدتها الأمسية. وبدأت الإثارة من قبل مدير الندوة وعضو مجلس إدارة النادي علي يحيى الزهراني الذي طالب النادي بالمزيد من التوجه نحو الموضوعات المتعلقة بمكةالمكرمة لأهمية مكة، ولكون ذلك من أبسط الاستحقاقات لأم القرى على النادي، مقترحًا إفرادًا للموضوعات والبرامج والفعاليات المكية في إصدار خاص لتنطلق المحاضرة من ثم حيث طالب الدكتور رياض بن حسن الخوام، بضرورة كشف الفكر اللغوي العربي الإسلامي واتجاهاته وتصوّر البيئة التي نشأ فيها من خلال قيام الجامعات بدراسات علمية متأنية تشارك فيها أقسام اللغة العربية، والتاريخ، والجغرافيا إذا أردنا أن نخدم مكةالمكرمة بما تستحقه من اهتمام، مؤكدًا أن المكتبة العربية الحديثة بحاجة إلى مثل هذه الدراسات المتصلة بعلم اللغة التاريخي والجغرافي. كما أشار في سياق إلى ظاهرة لغوية يلحظها القارئ في المعاجم العربية والكتب التي تناولت مكةالمكرمة وتاريخها، تتمثل في أن العلماء تحدثوا عن أسباب تسمية الأماكن في هذه البقعة المباركة وكأنهم بذلك يلبون ميول الناس إلى معرفة السبب، مستعرضًا أسباب تسمية عدد من الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة، مثل بكة، التنعيم، الحجر، الحطيم، زمزم، ميزاب، منى، الصفا والمروة، مزدلفة.. وغير ذلك، وما قيل فيها من أسماء مع تعليلها. وخلص الخوام من محاضرته إلى نتائج عديدة منها، أن هناك درسًا لغويًّا رفيعًا شارك فيه اللغويون والمفسرون والمؤرخون على مرّ العصور لتقديم صورة دقيقة واضحة عما جرى على هذه الأماكن من تسميات، وأن العرب راعوا في إطلاق التسمية على هذه الأماكن الواقع المشهود الحسي والمعنوي بدقة. وأن كثرة أسماء زمزم خاصة، جاء لشرف المسمى ولكثرة الاستعمال، واشترك الكثير منها في الدلالة، على معانٍ مشتركة مع أن المباني مختلفة. مشيرًا من نتائجها إلى غلبة الأسماء المشتقة على هذه الأماكن، مبينًا أن بعضها منقول من أسماء المكان كمقام إبراهيم والملتزم والمستجار والمدّعى، ومنها منقول من أسماء الفاعلين كصافية وعافية وكافية، ومنها منقول من أسماء المفعولين كمباركة، ومضمونة، وقد باتت صفات لأنه أريد منها الثبوت والدوام. لافتًا إلى أن هناك من نسب بعض الأسماء إلى الفارسية في حين أن لها أصولاً عربية كالميزاب والمرزاب، وزمزم.. مؤكدًا أن القول بعربيتها أولى من القول بأعجميتها، مبينًا أن كثرة الاستعمال أدت إلى ظاهرة الترادف في الأسماء، فلزمزم أكثر من ثلاثين اسمًا شارك في إطلاقها السابق واللاحق. كما جاءت بعض الأسماء ذات دلالات شرعية واضحة، سارت على أصل الإطلاق اللغوي، ومنها عرفات، ومنى، ومزدلفة، وقزح، موضحًا أن معاني هذه الأسماء قد تتسع نظرًا إلى تعدد المعنى اللغوي والمعجمي. أعقب ذلك العديد من المداخلات؛ حيث أثنى الدكتور عبدالكريم العوفي من الجزائر على الخصوصية الرائعة للمحاضرة في عنوانها كما اثنى على المحاضر في استقصاءاته اللغوية عن موضوعات مكية ومنها مؤلفه أسماء الكعبة، مطالبًا بالتوسع في مثل هذه العناوين. مذلك أشاد الدكتور سعد حمدان بالتوجه العلمي للنادي نحو مثل هذه الموضوعات النوعية وطالب بالمزيد من الاستقصاءات بالذات في مجال المسميات، بينما طالب الإعلامي أحمد الاحمدي بتكريم المؤرخ عاتق البلادي باعتباره مؤرخًا مكيًّا أصيلاً أفنى حياته في البحث والدراسة والتأليف عن أم القرى، وذهبت مطالبة ثريا بلا عضوة الجمعية العمومية باتجاه أن يكون هناك تكثيف للبرامج المكية خلال رمضان والحج وطالبت بالربط الزمني ما بين الفعاليات والمواسم التي تشهدها مكة خدمة للحجاج والمعتمرين، فيما أشاد الدكتور علي بن يوسف رئيس الدراسات القضائية بجامعة ام القرى بالقيمة العلمية للمحاضرة من خلال المحاضر صاحب الباع الطويل في علم اللغة والصرف، وحذا حذوه عدد من المداخلين الذين طالبوا بفعاليات مماثلة لاستجلاء المعارف عن بعض المواقع المكية الأخرى المتعددة. من جانبه أكد الدكتور حامد الربيعي رئيس نادي مكة الثقافي أنه لا خيار أن تكون مكة هي القاسم المشترك الذي تتقاطع عنده كل الفعاليات والبرامج لنادي مكة الثقافي الأدبي، مناشدًا المحاضر بالسماح للنادي بطباعة محاضرته في إصدار يتولاه النادي.