حذر امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد من أن تقف المطامع الصغرى والمصالح الضيقة امام المصالح الكبرى وآمال الأمة وثقتها. وقال في خطبة الجمعة أمس: معاشر القادة والزعماء ينبغي أن ينتهج مؤتمر التضامن الاسلامي حواراً راقياً شفافاً يعيد للأمة حيويتها ويزيدل الحواجز المفتعلة، يجب لنجاح القمة ان تتغلب القيم الأصيلة والمصالح الكبرى والوقوف مع كل مطلب عادل تفعيلاً لقدرات الأمة وتوحيداً لطاقاتها في تضامن حقيقي وارادة حازمة جادة للنهوض بالأمة وعزم صادق لمواجهة التحديات. واستهل في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: في خواتيم هذا الشهر المبارك وفي العشرة الأخيرة يحسن النظر في دروس الشهر وعبرة شهر رمضان شهر القرآن والفرقان . قرآن وفرقان يملأ العقول حكمة والقلوب طهارة والنفوس إشراقاً وبهجة , شهر رمضان شهر الفرقان بين الحق والباطل فرقان بدر المعركة الكبرى بدر الانتصارات وفرقان فتح، فتح مكة ذلك الفتح الذي علت به كلمة الدين ومنه انطلقت فتوحات المسلمين بقوة الحق والفرقان استوثقت عرى دولة الإسلام وامتد سلطانه العادل وساس الأمم بعقيدة التوحيد وشريعة الصلاح والإصلاح . وأضاف: إن الأمة الإسلامية على مفترق طرق تخفق قلوبها شغفاً بما يداوي جراحها ويرفع مآسيها ويسر صديقها ويدحر عدوها إنها أمام ظروف ومتغيرات ومستجدات فيها الفرص الحقيقية لبناء سياسات عربية إسلامية تملأ الفراغ الذي تعيشه هذه الأمة بسبب استقطابات مهلكة واصطفافات مدمرة وتشرذمات قاتلة , في هذه الظروف والبواعث والمستجدات تأتي بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية التي تعود قادتها أن يتصدوا لكوارث الأمة والعمل مع الأشقاء لمعالجتها، شعوراً بالواجب ونهوضاً بالمسؤولية . وبين فضيلته أن الدعوة إلى وحدة المسلمين وتضامنهم والتحاور والمشاورة فيما بينهم هي إحدى رواسخ هذه الدولة وثوابتها فمؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - حالما فرغ من توحيد هذا الكيان العظيم أول عمل إسلامي قام به دعوته إلى أول مؤتمر إسلامي عام 1345ه هنا في مكةالمكرمة ثم تعاقب على ذلك أبناؤه الملك سعود وفيصل رائد التضامن الإسلامي وخالد وفهد- رحمهم الله - , تعاقبوا على احتضان مؤتمرات عربية وإسلامية يشهد لها التاريخ وتشهد لها الأجيال , وقد سار على هذا السنن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ووفقه وأعانه - في رغبة صادقة وعمل جاد من هذه القيادة الصالحة لتحذير هذه الأمة بقياداتها وزعمائها من محاولات الاستقطابات الإقليمية والدولية ومن أجل اعتماد مسار تضامن الوحدة . وقال فضيلته لقد دعا قبل ذلك حفظه الله إلى قمتين إحداهما إسلامية والأخرى عربية من أجل هذه الأغراض النبيلة الكبرى , وله تطلعاته فهو يتطلع إلى أمة إسلامية موحدة ويتطلع إلى حكم مسلم رشيد يقضي على الظلم والقهر ويتطلع إلى تنمية مسلمة شاملة تقضي على العوز والفقر ويتطلع إلى انتشار وسطية سمحة تمثل سماحة الإسلام ويتطلع إلى تقنية مسلمة متقدمة . وأضاف قائلاً :” هذا الملك الصالح أعطى الحوار اهتمامه المنقطع النظير فله في ذلك سجل ناصع ومبادرات لا تنكر لدحض مقولة صدام الحضارات وقد سجل مقولته إننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن , هاهو حفظه الله وسدده يوجه دعوته لإخوانه وأشقائه قادة العالم الإسلامي وزعمائه لمؤتمر يجتمع فيه فضل الزمان وشرف المكان ومكانة الداعي في شهر رمضان المبارك وفي عشره الأخيرة وفي أرجا أيامه ولياليه وبجوار الكعبة المشرفة وزمزم والحطيم . واستطرد فضيلته يقول : إنه اجتماع بكل المقاييس مشاعر تترقبها الأمة وتأمل أن يكون المؤتمرون في درجات عليا من الباعث الإيماني والصفاء الذهني والصدق الوجداني في جوار بيت الله وفي شهر رمضان المبارك , إنه من المأمل أن يكون في هذا التعطير الزماني والمكاني مزيد من استشعار هذه القيادات الكريمة بعظم المسؤولية أمام ربها ثم أمام شعوبها و هذا الحضور الكريم والتجاوب المشكور لهذه الدعوة دليل ظاهر إن شاء الله بأن في أعماق الأمة رغبة حقيقية للتغيير نحو الأفضل وعزماً صادقاً بإذن الله على الإصلاح المنشود وتحقيق أهداف هذا المؤتمر العظيم . وقال إمام وخطيب المسجد الحرام : معاشر القادة والزعماء ينبغي أن ينتهج المؤتمر الكريم حواراً راقياً شفافاً يعيد للأمة حيويتها ويزيل الحواجز المفتعلة يجب لنجاح القمة أن تتغلب القيم الأصيلة والمصالح الكبرى والوقوف مع كل مطلب عادل تفعيلاً لقدرات الأمة وتوحيداً لطاقاتها في تضامن حقيقي وإرادة حازمة جادة للنهوض بالأمة وعزم صادق لمواجهة التحديات، وحذاري ثم حذاري إن تقف المطامع الصغرى والمصالح الضيقة امام المصالح الكبرى وآمال الأمة وثقتها . وأضاف قائلاً :أيها المؤتمرون إن أولى الأوليات تعزيز التضامن الإسلامي والسير الجاد نحو تحقيق الكبرى وحدة تنقذ الأمة من هذا التشرذم والاضطراب ، إن شعوبكم تنتظر منكم مواقف حازمة ضد الحملات التي يتعرض لها الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه واله وسلم وكتاب الإسلام كتاب الله العزيز ، لا بد من مواقف حازمة ضد كل من يرى الإسلام في دائرة التطرف ودائرة الإرهاب ويجعلوا أهل الإسلام يدفعون ثمن ذلك غالياً من أنفسهم وكرامتهم واقتصادهم وسياستهم وعلاقاتهم ، مؤكداً أن الحلال بين وأن الحرام بين وأن العدل بين وأن الظلم بين. واستطرد فضيلته يقول: ايها القادة إن الفتنة التي ذم قرنها والافعى التي أطلت برأسها هي هذه الطائفة المذهبية هذه الطائفة المذهبية المقيتة التي يحاول من يحاول من أعداء الأمة ممن لا يريد لها خيراً ولا يريد لها قياماً يحاول أن يرسخها وأن يتنامى دورها السلبي إنها والله تنبت الشقاق والتناحر والخصومة والأحقاد وهي الله المدخل العريض للتنافس لتحقيق مصالحهم الخاصة ومطامعهم على حساب تقسيم والمقسم وتوسيع الخلافات وبث روح الانكفاء على الاصطفافات الضيقة مشيراً إلى أن الطائفية هي العائق الصلب والسد العظيم أمام تحقيق كل هدف إسلامي نبيل وأعظمها الوحدة الإسلامية المنشودة . وخاطب فضيلته القادة والزعماء قائلاً قضية المسلمين الكبرى ومشكلتهم الأولى فلسطين ثم فلسطين ثم فلسطين فلسطين السليبة فلسطين الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لا يزال تحت الاحتلال ولا يزال العدو المحتل يقطع الأراضي ويعبث بالمقدرات بل يعبث بالاتفاقيات ويحاصر غزة ويسرق الضفة ويسعى ومن معه بما أوتوا من قوة ليجعلوا هذه القضية الكبرى في مؤخرة القضايا وفي مؤخرة الاهتمام أو المهم من القضايا . وقال : أيها المؤتمرون، في ديار الإسلام مذابح جماعية تنظم يذهب كل يوم ضحيتها رجال ونساء وأطفال كلهم أبرياء عزل مسالمون في سوريا الجريحة وفي ميانمار في بورما يقوم بذلك كله طغاة متجبرون مجرمون ما نقموا منهم إلا أن لهم حقوق مشروعة ومطالبات عادلة في العدل والإصلاح والعيش الكريم ، لا بد من وقفات حازمة لحماية هؤلاء المظلومين ورفع الظلم عنهم وتمكينهم من نيل حقهم المشروع في الحياة الآمنة الكريمة والأخذ على يد الظالم . وأضاف يقول معاشر الزعماء وثمة قضايا أساسية هي الطريق لتحقيق الوحدة المنشودة يجب النظر فيها ويكون الاعتماد بعد الله في بحثها والنظر فيها على جهود دولنا الإسلامية ومواردها ورجالاتها وكفاءتها في وضع الخطط ورصد الموارد للمشاريع المشتركة الاقتصادية والصناعية والعسكرية وإصلاح التعليم وتحقيق الريادة العلمية والتقنية في أقطار المسلمين مع ما ينبغي ملاحظته من حفظ حقوق الناس والحرية العامة وحقوق الأقليات وما يتطلبه ذلك من ضبط مسار الإعلام حتى لا يزيد من مناخات التوتر وزرع الشكوك وافتعال التنافر وتقليل مواطن لا لتلقي مما يراكم الأخطاء في حق أوطاننا ومستقبل شعوبنا وتربص أعدائنا . وقال فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد :” معاشر الزعماء هذه مطالب مشروعة وتطلعات محقة وآمال ليس تحقيقها بعد توفيق الله وعونه بعزيز وما هي على همم الصادقين المخلصين ببعيد , إن اجتماعكم المبارك فرصة تاريخية يجب استغلالها وعدم تفويتها فأروا الله في هذا الشهر الكريم من أنفسكم خيراً وجدوا وشمروا وانطلقوا على بركة الله في مسيرة التضامن الإسلامي في دعوة إلى دينكم والتزام أحكامه وإحياء روح الأخوة الإيمانية ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا من أجل أن يعود الدم المسلم غالياً وتنطلق مشاريع التكامل الإسلامي في البناء والتنمية وحتى تتحقق الاستغلالية الإسلامية المنشودة . وأضاف يقول : شهر رمضان المبارك موعد معلوم يظهر فيه جماعة المسلمين واجتماعهم ، أنه تذكير بوحدة الهدف ووحدة الشعور ووحدة الضمير ووحدة المصير ؛ المسلمون كلهم ينتظمون في هذا الشهر الكريم على نمط واحد من المعيشة، الغني والفقير والذكر والأنثى والشريف والوضيع كلهم صائم لربه مستغفر لذنبه ممسك عن المفطرات في موعد واحد متساوون في الجوع والحرمان وإذا أردتم استشعار مظهر الوحدة في هذه الشريعة العظيمة فارجعوا البصر ثم ارجعوا البصر على هذه الجموع المكتظة في حرم الله وحرم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لتروا مئات الألوف من المسلمين والمسلمات والصائمين والصائمات والقائمين والقائمات ولقد اجتمعت في هذه الرحاب الطاهرة بأجناسها وألوانها لتعيش أجواء الأمن والإيمان والبذل والعطاء والخير والنماء. وأوضح أن هذه الرحاب المباركة تحتضن الإسلام ودعوته مهوى أفئدة المسلمين أجمعين تلتقي هاهي الجموع في رحابها وتلتقي معها أملها وتتجه إليها قلوبها وأجسادها وتولي نحوها في القبلة وجوهها , هذا هو شهر الصوم وهذه شذرات من دروسه وعبره وقد بدأت خيامه تتقوض فاستدركوا في خواتيمه وأحسنوا في توديعه وجدوا وشمروا فيما بقي من أيامه كيف وما بقي منه هو أفضل أيامه ولياليه . وفي المدينةالمنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله عز وجل , وحضهم على اقتناص الفرصة في العشرالأواخر من الشهر الكريم بالتقرب إلى المولى جلت قدرته بمزيد من الطاعات . وقال في خطبة الجمعة اليوم “ما أسرع ما تنقضي الليالي والأيام وما أعجل ما ينصرم الزمان , فها هو شهر رمضان قد تٌقوضت خيامه وانصرفت أوقاته ,فلنحرص جميعاً على اغتنام ما بقي من أوقاته بما يقربنا إلى المولى جل وعلا ويكون سبباً للفوز في الدنيا والآخرة, مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه َوَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُم ْذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عظيماً). وأوضح أن العشر الأخيرة من رمضان عظيم فضلها كبير أجرها شريف قدرها ,وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها مالايجتهد في غيرها فكان عليه الصلاة والسلام إذا دخلت العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره, فيها ليله خير من ألف شهر , داعياً المسلم في هذه الليله إلى التضرع لله جل وعلا والابتهال إليه بالدعاء “. وبين فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ أن مما يسن في هذه العشر الاعتكاف الذي هو لزوم المسجد لطاعة الله جل وعلا ,منبهاً إلى أن مقصود الاعتكاف هو حبس النفس على طاعة الله سبحانه وقطع العلائق عن الخلق للتقرب من الخالق. وشرح فضيلته أحكام الاعتكاف وواجباته ومحظوراته بالنسبة للرجل والمرأة المسلمة.