تعد الإجازة الاضطرارية حقا مقررا للموظف العام ، فهي تجيز للموظف بعد موافقة رئيسه أن يتغيب براتب كامل لأسباب طارئة مدة أقصاها خمسة أيام خلال السنة المالية الواحدة ولكنها على هذا النحو ليست حقا مكتسبا على الإطلاق يترتب عليه ضرورة استنفاد الموظف لرصيده من هذه الإجازة لأي سبب من الأسباب بل هي حق مقيد بحالات الضرورة القصوى التي تقتنع بها جهة العمل ، وذلك ما يظهر من اسمها. ولقد قرأت مقالا للزميل الاستاذ عبدالرحمن جان أشار فيه الى ضرورة مراعاة الجوانب الانسانية للموظف وعدم معاملته كآلة ، وأن التركيز على الجوانب الادارية البحتة يعد ضرباً من الديكتاتورية التي قد تنعكس سلبا على الاداء الوظيفي ، كما أشار في مقاله الى ضرورة إعادة النظر في مدة الاجازة الاضطرارية واعادتها الى عشرة أيام كما كانت بدلاً من الخمسة ايام التي لا تكفي قياساً بعدد أيام السنة ، وذلك بناء على رغبة معظم الموظفين كما يقول. واتفق مع الزميل العزيز في كل ما أشار اليه عدا زيادة ايام الاجازة الاضطرارية الى عشرة أيام ، فمن وجهة نظري أرى أن يتم إلغاء الاجازة الاضطرارية نهائيا ، أو بمعنى أدق إلغاء تحديد عدد محدد من الايام للاجازة الاضطرارية ، لأنها على هذا النحو أصبحت وكأنها اجازة اعتيادية ، فمعظم الموظفين - إن لم يكن جميعهم - يستنفدون كامل الرصيد من إجازاتهم الاضطرارية قبل أن ينتهي العام المالي حتى لو لم يكن هناك داع لذلك ، علما بأنها مقيدة نظاما بشرطين الأول: وجود ضرورة تستدعي غياب الموظف تتمثل في ظروف طارئة تحول بين الموظف وأدائه لعمله , والثاني: وجوب اقتناع جهة العمل وموافقة رئيس الموظف على منحه إجازة اضطرارية ، فهي بذلك ليست حقاً مطلقاً له ، في الوقت الذي يوجد موظفون لا تكفيهم خمسة أيام ولا حتى عشرة اوعشرين ، فربما يتعرض الموظف لظروف طارئة لأكثر من ذلك بكثير ، لذلك فمن وجهة نظري الخاصة أرى أن لا يتم تحديد عدد محدد من الايام للاجازة الاضطرارية بل تكون مرهونة بالظروف الطارئة ووفق اثباتات رسمية يقدمها الموظف عن كامل فترة تغيبه حتى لو تجاوزت شهراً كاملاً. أعتقد أن هذا الكلام لن يروق للكثير من الموظفين ، ولكني أرى أن مصلحة العمل ومصلحة الموظفين –وأنا واحد منهم- تكمن في تطبيق هذا المفهوم ، لأن ذلك سيقضي على استغلال بعض الموظفين للاجازة الاضطرارية واستنفادها بدون سبب من جهة ، واتاحة الفرصة للمضطر فعلياً من قضاء حاجته مهما طالت اذا ما أثبت ذلك رسمياً ، من جهة أخرى. وعلى جميع الأحوال تظل هذه وجهة نظري الخاصة ولا أجزم بأنها عين الصواب ، فإن أصبت فمن الله وان أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان. والله من وراء القصد