قال عليه الصلاة والسلام النبي المصطفى والمعلم والهادي بأمر الله وتوفيقه للصراط المستقيم (ليس منا من لم يوقر كبيره ويعطف على صغيره) فالكبير يقصد به الإنسان الذي امده الله بالعمر والصحة ليزداد تقرباً لواهبه بهذه النعمة وليدين لربه الكريم بالوفاء والطاعة ويتقرب إليه بالعبادة والحمد والشكر ويقضي المتبقي من حياته في ذكر الله والتفكير والتدبر والاخلاص والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن السوء ونكران الباطل والمنكر , فخالقه العليم بأمره وبأحواله وبسره وبما أودعه في نفسه ومنحه العقلانية والحكمة المكتسبة من خبراته طوال الحياة التي يعيشها. فيطلق عليه الشيخ الكبير, والمتعارف عليه منذ القدم في مجتمعاتنا الإسلامية أن الشيخ هو الفقيه والعالم ورجل الدين والحافظ لكتاب الله الكريم والمطلع على العلوم الدينية وهو ايضاً كبير العائلة وبحكمته ومحبتهم له فهو يحتويهم ويضم شملهم ويساعدهم وبقيادته الراشدة يوئد ويقضي على خلافاتهم التي قد تنشأ فيهم وتؤدي للتشتت والفرقة والقطيعة ما بين الأهل والأسر والارحام وكذلك أبناء الحي والجيران والصحبة الطيبة , فالدين المشرع يدعو للنصح والتآلف ووحدة الجماعة وتكاتفها وترابطها وكل ذلك بفضل الله ورحمته لعباده وتسخيره شيوخهم لتدبر أمرهم والاصلاح ومناصرة المظلوم منهم وكف اذى وبطش الظالم عنهم. قال تعالى: (هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا اشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا اجلاً مسمى ولعلكم تعقلون) صدق الله العظيم . الآية (67) من سورة غافر. ففي الآية الكريمة اخبر الله عباده بحقيقة خلقهم وكيف انشأهم اجنة في بطون أمهاتهم ثم يخرجهم أطفالاً وبحفظه ورعايته ينمون ويكبرون ويصبحون اشداء ذا قوة إلى ان يصلوا إلى مرحلة متقدمة من العمر ويكونوا شيوخاً وبما امدهم الله بعزته وجلاله وتوفيقه بالعقل الراجح والتفكير الصائب والمكانة العالية والمرموقة في قلوب البشر من ذويهم وأبنائهم وأحفادهم فهم بالنسبة لهم القدوة الحسنة والمنار والشعاع الذي يوجههم ويدلهم فينتهجونه ويسلكونه ليحذوا وينالوا الاثر الدنيوي النبيل والقويم والمفعم بالعلم والمعرفة والتجربة والصواب والذي يجدون فيه الصبر والعزيمة والرأي الثاقب لينشدوه وليطبقوه ويتبعوه في حياتهم وليتوارثوه بينهم ويورثوه بنيهم وذرياتهم .اللهم يا الله يا حي يا دايم بارك لنا في شيوخنا واحفظهم وامد لهم في اعمارهم واجزهم لما يقدمونه من أعمال وأفعال جليلة وفاضلة وانسانية الثواب من واسع عطائك وجودك وإحسانك آمين.