اهداني الصديق العزيز الاستاذ أحمد بن محمد سالم الأحمدي كتاباً سطره بأنامل البنوة الروحية الصادقة والحس الإعلامي المحترف جمعاً وإعداداً وحواراً مع فقيد مكةالمكرمة العالم الموسوعي الشيخ عاتق بن غيث البلادي رحمه الله. هذا الكتاب الذي يجب أن تزود به المكتبات الجامعية والمدرسية والأندية الأدبية لما يضمه من معلومات ثرية عن هذا العالم الجليل الذي خدم وطنه جنديا في صفوف الجيش العربي السعودي حتى وصل إلى رتبة مقدم ثم طلب التقاعد المبكر ليتفرغ لخدمة الأدب والبحث كمؤرخ بارع استقصى انساب القبائل الحجازية مدللاً بالبراهين القاطعة ما كان منها موضع جدل ونقاش كمعركته العلمية مع علامة الانساب الكبير حمد الجاسر رحمه الله ، عن موطن قبيلة الجوابرة في الحجاز كما ورد في في بعض مؤلفاته والتي بلغت أكثر من اثنين وأربعين مؤلفاً منها معجم معالم الحجاز (10 مجلدات) الأدب الشعبي في الحجاز ، نسب حرب ، معجم قبائل الحجاز على طريق الهجرة، معالم مكة التاريخية والأثرية ، رحلات في بلاد العرب، الرحلة النجدية، طرائف وأمثال شعبية، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية ، اخلاق البدو، قلب الحجاز، الإشراف على تاريخ الأشراف ، المصحح في تاريخ مكةالمكرمة وغيرها من المؤلفات والتي قال عنها معالي الأستاذ الدكتور سهيل بن حسن قاضي ان كثيراً من مؤلفاته رحمه الله قد تحرى ما فيها من معلومات من خلال البحث الميداني حيث وقف على الآثار والمواطن ورحل من بلد إلى اخر ومن منطقة إلى أخرى من أجل الوصول إلى المعلومة الصحيحة وكان مرجعاً لأساتذة الجامعات وطلاب العالم في بحوثه ومؤلفاته واكتشافاته وكان أشبه بالسلف الصالح من العلماء والمؤرخين والجغرافيين والمؤلفين. وكما ورد في الكتاب المؤلف من 279 صفحة والتي جاءت في طباعة فاخرة وتبويب يستلهم الغوص في أعماق هذا الأنموذج عاتق البلادي رحمه الله ، صاحب صالون الاثنينية الذي بدأه في عام 1414ه . واستمر حتى وفاته رحمه الله ، والذي يقع بداره بساحة اسلام في الفترة ما بين المغرب والعشاء حيث يلتقي بزواره ومحبيه وطلاب العلم يتم خلاله النقاش حول أخبار الأدب والأدباء والبحث التاريخي لا سيما في مجال الأنساب والأماكن والبلدان والتي قطع بسبب وقوفه على المواقع والاثار الاف الكيلو مترات بسيارته الخاصة تجول خلالها حتى وصل إلى تخوم الأناضول ومجاهل العراق مروراً بالادرن والشام غير رحلاته الداخلية في شبه الجزيرة العربية ولأن العالمية تسابق العالم عاتق بن غيث البلادي فقد وصلت مؤلفاته إلى مكتبة الكونجرس الأمريكي والتي بلغت أكثر من ستة عشر كتاباً من مؤلفاته وكذلك في مكتبة شيكاغو وهنا تتجلى مرارة السؤال وهل كتبه رحمه الله ، موجودة في الجامعات السعودية بنفس وجودها في مكتبة الكونجرس الأمريكي وشيكاغوا ؟ فكان جوابه رحمه الله بنفس المرارة بقوله لا أظن فالكتب التي تدرس في جامعاتنا أغلب مؤلفيها من خارج المملكة مع أن لدينا مؤلفين لا يقلون مستوى عن هؤلاء ، ان لم يكونوا مثلهم ، وأضاف رحمه الله لماذا لا نشجع المؤلف السعودي. اتمنى ان تحظى هذه المؤلفات وغيرها في الاصدار الذي اقترحته على وزارة التعليم العالي في مقال سابق عن الراصد السعودي لنشر المؤلفات العلمية بأنواعها المختلفة، وان حظي الفقيد رحمه الله بعدد من الأوسمة وحفلات التكريم والتي من أبرزها تكريمه في اثنينية الأديب المعروف الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه شافاه الله وتكريمه من قبل نسابي قبيلة الأشراف بالحجاز وكرم في معرض الكتاب بالرياض وفي نادي مكة الثقافي والأدبي بعد وفاته ، وفاز بجائزة امين مدني وكرم من نادي الطائف الأدبي ، وان كان يجب تكريمه في الأرض التي نشأ فيها وترعرع وطلب العالم مكةالمكرمة وذلك بإطلاق اسمه رحمه الله ، على الشارع المؤدي إلى ساحة اسلام بموقع الدار التي سكنها وانشأ فيها دار مكة للنشر والتوزيع وكان رحمه الله شاعراً مجيداً فله ديوانان من الشعر الأول بعنوان (الحان واشجان)والثاني بعنوان (نسيم الغوادي في مثنيات البلادي). ومن اشعاره رحمه الله ، في عشق مكةالمكرمة احسن إليها كلما غبت جمعه وأحسب أن الوقت صار طويلاً وأسرع في عودي واترك بعض ما ذهبت إليه سامحاً ومقيلاً ومن أشعاره: وختاماً كل الشكر لأخي وزميلي الأستاذ أحمد بن محمد سالم بن قاسي بن قابل الأحمدي الحربي على جهوده الكبيرة لتبيان فضائل ومآثر العلامة الجليل عاتق بن غيث البلادي رحمه الله فكان بحق الطالب المؤدب الملازم لاستاذه لأكثر من ثلاثين عاماً حيث اعتبر جهده المتواضع اهداءً خاصاً إلى روح ذلك الرجل العصامي الوقور الذي كان له الفضل بعد الله عز وجل في انارة دروبه إلى العلم والمعرفة.. وإلى والديه رحمهما الله ورحم جميع موتانا وموتى المسلمين. والله من وراء القصد .