طالب خبراء عالميون مشاركون في آخر أيام منتدى جدة الاقتصادي الذي أقيم على مدار (4) أيام برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يحفظه الله) بضرورة اعتماد السعودية والدول العربية على القيم الإسلامية في إطلاق (العلامات التجارية) الجديدة، وشددوا على أهمية تحقيق الأصالة والتميز والابتعاد عن تقليد الغرب. وشهدت الجلسة الأولى التي خصصت ل(العلامات التجارية العربية عولمة استحداث القيمة إقليمياً) أمس الثلاثاء استعراض بعض الشركات الوطنية الكبرى مثل المراعي وبتيل ل(عضلاتها) التسويقية، وإمكانات الكبيرة التي دفعتها للانتشار بشكل كبير على الصعيد الإقليمي والعالمي، وأدار مؤسس والرئيس التنفيذي من مجموعة تشكيل للإعلام نايف المطوع الجلسة التي أعتبرها الحاضرون أكثر الجلسات التي تدخل في صلب الشأن الاقتصادي وتحقق فائدة وقيمة مضافة لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة المشاركين في المنتدى. وتساءل السيد رفيق الدين شيكو الرئيس التنفيذي ل(دينار ستاندرد): كيف يشكل المسلمون ربع سكان العالم وفي الوقت نفسه يتجهون إلى تقليد العرب في العلامات التجارية؟ واستطرد: المسلمون يستمدون كل أمور حياتهم من قيم هذا الدين الحنيف التي تؤثر كثيراً على الصناعات في مجال الغذاء والتمويل والتربية والتعليم والترفيه، وكل هذه القطاعات لها تأثير مباشر، وتملك جاذبية على المستوى العالمي وفي الجانب الخيري، وشخصياً أرى أن أفضل الممارسات العالمية هي التي تعتمد على الأصالة والإخلاص وهي أمور مرتبطة بالقيم الإسلامية، وهي نفسها العامل الأساسي لنجاح وتميز العلامة التجارية. وأضاف: في ألمانيا على سبيل المثال تعتبر (الجودة) هي الأساس للعلامة التجارية، وهناك سفراء لهذه العلامات التجارية مثل سيارات المرسيدس وبي أم دبليو، والحكومة تدعم هذه الشركات، وهناك بنية تحتية قوية، علاوة على أن ثقافة المجتمع نفسها تتعلق بالجودة العالية.. وفي هذا السياق ينبغي أن نتساءل أين نقف نحن الآن؟ الواقع يقول أن العالم العربي والإسلامي مازال بعيداً عن خلق علامات تجارية مميزة على المستوى العالمي، فقد أجرينا دراسة مقارنة على أفضل 100 علامة تجارية في العالم، وقارناها بأفضل 100 علامة في العالم الإسلامي، ووجدنا أن الفجوة كبيرة وتتعلق بالابتكار والتسويق ، لذلك نوصي بثلاث جوانب أساسية: أهمها إعادة التأهيل، وتحسين بيئة الشركات، والانسجام بين العلامة التجارية والمنتج، وهناك علامات سعودية لها جاذبية على المستوى الدولي مثل الراجحي، بتيل، المراعي، وغيرها، ومن المهم أن نصبغ العلامات التجارية بقيمنا الإسلامية، والأخيرة وحدها في رأيي القادرة على خلق علامة مميزة للعالم العربي، والقران الكريم يقول في محكم آياته: (لقد كنتم خير أمة أخرجت للناس). من جانبه.. قال الدكتور عطا أتمار الرئيس التنفيذي لشركة (بتيل) السعودية: قبل إطلاق علامتنا كانت التمور علامة عادية.. لكننا نجحنا في أن نغزو العالم كله من خلال فكرة بسيطة ورائعة، بدأت في الرياض ووصلت إلى جميع مناطق المملكة قبل أن ننتشر في دول العالم، أنشأنا قنواتنا التوزيعية الخاصة، وكان لدينا نظام تجارة تجزئة نفذ في الرياض، ولم يقدر الناس المنتج فحسب، بل قرروا إرساله كهدايا إلى أصدقائهم في جميع دول العالم، استثمرنا ذلك بشكل جيد، وجعلنا المصنع ينتج أنواعاً أخرى، وانتقلنا إلى منتجات غذائية مثل المربى والحلويات ودخلنا سوق الشيكولاته والبسكوت، وانتقلنا إلى دبي وكانت ردة فعل العملاء إيجابية، لقد قامت علاماتنا التجارية على الجودة والإبداع والأصالة، لم نستنسخ تجارب الآخرين لكننا ابتدعنا شيئاً خاص بنا، وبات لدينا متخصص في البحث والتطوير ومتخصصين في العلامة التجارية. في المقابل.. أكد حسام عبدالقادر مدير العلاقات العامة بشركة المراعي: عندما انضممت للشركة كان عدد العاملين لا يتجاوز (3000) شخص، وفي السنوات الماضية باتت الشركة توظف عدد كبير وأصبح عدد العاملين في الشركة (22500) شخص، حيث صار لدينا موظف جديد كل ساعتين، وساعدتنا العلامة التجارية المتميزة على التوسع والنجاح، وطورنا إمكاناتنا بشكل كبير فأصبح لينا (135000) بقرة يتوزعون على (7) مزارع، ولو جعلناها تقف في صف واحد وبدأت في الرياض ستصل إلى الدمام لمسافة (3) ساعات بالسيارة، وهناك (3000) شاحنة تتحرك يومياً في وقت في وقت واحد لتوزيع الألبان الطازجة ومشتقاتها. وأضاف: صنفتنا مجلة (فورد) على أننا من أبرز العلامات التجارية في منطقة الشرق الأوسط، ونجحنا في إضافة القيمة من خلال الالتزام بالجودة التي جعلناها تأتي أولاً، فنحن نتواصل مع عملائنا، علاوة على التركيز لى الجانب البصري الذي يعتبر جاذباً ونفتخر بأننا منتجون محليون نوفر منتج ذو قيمة وجودة عالمية، وأتصور أن السر الكبير وراء نجاحنا يعود إلى (الجودة) ونحن نطمح في المزيد، لدينا بيانات من السوق، تؤكد أننا نجلس في المركز الأول في سوق الألبان بمنطقة الخليج العربي. وشدد السيد مايكل بنسون المدير الإقليمي (انتربراند) أنه بإمكان أي شخص عادي أن يبتكر علامة تجارية تغير وجه العالم كله.. وقال: لقد أنشأنا بعض العلامات التجارية الرائدة في العالم، فنحن رواد في تقييم العلامات، وكل عام نقدم قائمة تحمل أفضل (100) علامة في العالم، وهذا يتيح لنا التعرف بشكل دقيق على هذا العالم من الداخل، وندرك أن العلامة التجارية تلعب دوراً مهماً في كل قرار شراء يتخذ بغض النظر عن نوع المنتج.. وإذا كانت لديك علامة تجارية قوية ستتيح لك الحصول على عملاء جدد، وستميزك عن الآخرين وتزيد هامش الربح، وسيكون لدى العميل ولاء كبير لك، وهناك فوائد أخرى لا يدركها الآخرون أهمها أن العلامة المميزة تقلل التكلفة. وتابع: العلامة التجارية ليست مجرد شعار.. بل أكثر من ذلك.. فهي الموجه لكل أعمال الشركات الكبيرة ومحور عملها سواء في التوظيف أو تطوير العمل، ولنا في (جوجل) عبرة فهي تعطي لموظفيها وقت للراحة ليفكرون في الابتكار والإبداع، كما أن شركة بورش لديها (6) آلاف براءة اختراع، أما (نايكي) فكان ينظر إليها على أنها مصدر للشر، وباتت الآن من الأشياء المحببة للناس، (آبل) نموذج رائع من خلال الفن الموجود في كل أشكالها، و(المراعي) مثال رائع للعلامة التجارية التي تحقق المصداقية، وكذلك شركتي الاتصالات وموبايلي في السعودية، والعناصر الأساسية لتكوين علامة ناجحة هو أن نجعلها في بؤرة اهتمامنا وأن نبتعد عن التقليد ونسعى لابتكار شيء يتعلق بالمنتج. وصوت المشاركون في الجلسة الأولى على (المنتجات الإسلامية) كأفضل السبل التي يمكن أن تتبعها المملكة العربية السعودية لبناء اقتصاد قوي بعد البترول، خلال السؤال الذي يطرح لتصويت المشاركين في نهاية كل جلسة.