تساءل إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح آل طالب في خطبة الجمعة امس أنه كيف يستطيع إنسان أن يتجاوز مذابح القيم في الشام وهو يرى غدر القريب وخذلان البعيد وخيانة الراعي للرعية ومقدرات الشعب ومكتسباته تعد لسحقه وإذلاله وسلاحه الذي يدفع به عائله العدو عاد على شعبه ذبحا وتقطيعا فسحق الأمة لمصلحة الأفراد وكُشف المستور وترنحت الشعارات وتبين أن العدو الذي وراء الحدود أرحم من العدو الذي داخل الحدود , فهناك نساء وأطفال لم يحملوا حتى الحجر نفرت صواريخ القدر فيهم واشتظت تحت الركام أجسادهم. وخاطب فضيلته أهل الشام قائلاً: سلاحكم له كرامة فلا يدنس بالنيل من إخوانكم وقوتكم ذخر للعرب. وقال في خطبة الجمعة أمس (حين دحى الله الأرض وأجرى يد الخلق على الخليقة جعل فيها بلادا وذرأ فيها بشرا ثم اصطفى الله من هذه البلاد بلادا ومن البشر بشرا وربك يخلق مايشاء ويختار فكانت مكة والمشاعر وطيبة الطيبة وكان شاما منها بلاد الشام واصطفى الله من البشر أنبياءه ورسله وقضى لبلاد الشام حظا وافرا منهم فجعل أرضها مدرج الأنبياء ومتنزل الوحي من السماء هي أرض المحشر والمنشر وحين يبعث الله المسيح ابن مريم في آخر الزمان لاينزل إلا فيها عند المنارة البيضاء شرقي دمشق طوبى للشام ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها أنها بلاد باركها الله بنص الكتاب والسنة فهي ظئر الإسلام وحاضنته وعاصمته حين من الدهر سطرت على أرضها كثير من دواوين الاسلام ودفن فيها جموع من الصحابة ومن علماء المسلمين كم ذرفت على ثراها عيون العباد وعقدت في أفيائها الوية الجهاد وسال على دفاترها بالعلوم مداد وجرت على ثراها دماء الشهداء صحابة وأخيارا وأصفياء وتداول الحكم فيها ملوك وسلاطين أضافوا للمجد مجدا وللعز عزا كسرت على رباها حملات صليبية تقاطرت عليها مئتي عام قارب أعداد الجند فيها سكان بلاد الشام كلها إذا عدت حضارات الاسلام ذكرت الشام وإذا ذكر العلم والفضل والفتوح ذكرت الشام هي أرض الأنبياء وموئل الأصفياء ومازار النبي صلى الله عليه وسلم بلادا خارج الجزيرة الا بلاد الشام وفي آخر الزمان عند ما تكون الملحمة الكبرى يكون فسطاط المسلمين ومجمع راياتهم بارض الغوطه فيها مدينة يقال لها دمشق هي خير مساكن الناس يومئذ). وأضاف فضيلته يقول: ولقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم دعاء نبيهم صلى الله عليه وسلم / اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في شامنا / فلم يلبثوا بعد رحيله صلى الله عليه وسلم إلا قليلا حتى توجهت قلوبهم إلى الأرض التي باركها الله ووصى بها رسول الله فخفقت إليها بيارق النصر ورفرفت في روابيها الوية الجهاد وسطرت ملامح من نور ونشر الإسلام رداءه على الشام تزجيه طلائع الإيمان يتقدمهم خالد بن الوليد وأبو عبيدة ابن الجراح وشرحبيل ابن حسنة وعمرو ابن العاص ويزيد ابن أبي سفيان والقعقاع ابن عمر وضرار بن الأزور وفيهم ألف صحابي منهم مائة ممن شهد بدرا وتوالى عليها الصحب الكرام , ولا غرو فقد اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ووصى بها الخلص من أصحابه وصارت الشام عاصمة الإسلام قامت فيها أول ممالك الإسلام وأعدل ملوك الإسلام شع منها نور العلم وبسط فيها رداء العدل ونشرت فيها قيم الحق والحرية وسطر المسلمون هنالك أروع الأمثلة في حسن الجوار وكرم التعامل مع الآخرين وحفظ المسلمون لأهل الأديان ذممهم وتركوا لهم مذاهبهم ومعابدهم فعاش الناس في تسالم وأمان أحراراً في أرضهم ومعتقدهم ونالت الشام بركة العدل فرغد عيشها ووفر رزقها حتى قال عمر بن عبدالعزيز وهو متربع على عرشها انثروا الحب على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين. وأوضح فضيلته أنه على ربى الشام تكسرت جيوش التتر وعلا فيها نور الإسلام وانتصر حتى صار السائل يسأل بن تيمية رحمه الله هل المقام بالشام لظهور الإسلام بها أفضل أم بمكةوالمدينة. وأضاف فضيلته بأن الدهر مضى ودالت الأيام وظهر على الأمر فيها من بظهوره استحالت حالها فما الشام بالشام التي تعهد صوح نبتها وذبل زهرها وضاق بأهلها العيش وترحل الأمن من مرابعها واقتطع الأعادي جزءا من أراضيها وما زال في أرض الشام العلماء والصالحون ومنهم من تفرق في الديار تفرقوا عن أوطانهم مطرودين تلاحقهم يد الظلم والبغي عيونهم تفيض بالدمع وهم يرون في الشاشات أماكن يعرفونها من بلادهم لهم فيها ذكريات وشجون تقصفها الطائرات وتدكها المدافع. وأكد أن الشام تركة الفاتحين من الصحابة والتابعين ووديعة المتقدمين من المسلمين للمتأخرين تاريخها ملهم وحاضرها مؤلم وأهلها لهم في الصبر حكايا تطول عسى صبرهم للخير يئول , مشيرا إلىً أنه عندما نستذكر ذلك المجد وذلك التاريخ القديم لنقف على جرحين غائرين في بلاد الشام هما جرح فلسطين وجرح سوريا وبينهما ندوب هنا وهناك وهي أيام تمحيص وابتلاء. وتساءل إمام وخطيب المسجد الحرام أنه كيف يستطيع إنسان أن يتجاوز مذابح القيم في شامنا الحبيب وهو يرى غدر القريب وخذلان البعيد وخيانة الراعي للرعية ومقدرات الشعب ومكتسباته تعد لسحقه وإذلاله وسلاحه الذي يدفع به عائله العدو عاد على شعبه ذبحا وتقطيعا فسحق الأمة لمصلحة الأفراد وكُشف المستور وترنحت الشعارات وتبين أن العدو الذي وراء الحدود أرحم من العدو الذي داخل الحدود , فهناك نساء وأطفال لم يحملوا حتى الحجر نفرت صواريخ القدر فيهم واشتظت تحت الركام أجسادهم فترى الأذرع مبتورة والأجساد تحت ركام المنازل مقبورة في صور تنبئ عن خواء مرتكبيها من الإنسانية والمُثل وتجرد أفعالهم من الشيمة والنُبل فجرت دماء أهل الشام مثل دجله والفرات فليس على عدو ظاهر بل على مدعي البعث والعروبة وحراسة العرب وعلى وجه لا يحتمل العذر ولا تستره المبررات. وخاطب فضيلته أهل الشام قائلاً : سلاحكم له كرامة فلا يدنس بالنيل من إخوانكم وقوتكم ذخر للعرب فلا تتقووا على أهلكم واجعلوا سلاحكم لأهلكم حامياً وعن أرضكم مدافعا فلا عذر لكم أمام الله والتاريخ أن تعود فوهات البنادق إلى صدوركم ويذوق بعضكم بأس بعض. وأشار الشيخ آل طالب إلى أن الغيورين من أبناء الأمة الإسلامية ارتفع صوتهم فكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله منذ أول ساعة ينادي بتحكيم الحق والعدل والمنطق والحكمة وتقديم المصالح العامة على المصالح الشخصية حقناً لدماء المسلمين وحفاظاً لوحدة المسلمين وأراضيهم ودفعاً لخلافات طائفية ومذهبية وثبات على مواقف الدين والأخلاق ووقف حفظه الله صادعاً بكلمة الحق والعدل مع إخوانه وأصدقائه الغيورين. وفي المدينةالمنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله جل وعلا وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. وقال : يتساءل الكثير منا عن أحوالنا مما أصابنا كيف ذهبت تلك البركات في الأرزاق وأين المواسم التي كانت فيها الأرض تنبت من جميع الخيرات , يتساءل الكثير منا عن سبب تغير النفوس ولما كثرت الأحقاد وأين ماكان معهودا بين الناس من المحبة والصفا والتعاون والوفا , نتساءل جميعا بلسان الحال ولسان المقام ما سبب قلة الأمطار وجفاف الآبار نتعجب مما يصيب الأفاق من الغبار الذي لاينقطع أبده والذي لم يكن معروفا عند أسلافنا , نستغرب مما أصاب المسلمين من جشع بعض التجار وتآمر الفجار وتسلط الأعداء ومكرهم بالمسلمين , فالأمر حين إذاً أعجب وأعجب فلقد تلون عداؤهم وكثر ضررهم وعم شرهم حتى أصبح المسلمون لقمة سائغة للأعداء يوجهونهم كيف شاءوا يتصرفون بأمور دنياهم كيف أرادو, وإن تتحدث عن أشياء غريبة تتحدث عن وقوع أوبئة غريبة لم تكن موجود معروفة من قبل تصيب الإنسان في هذا الزمان وتجتاح الحيوان تلك بعض المصائب التي أصابت دنيا الناس فيا ترى ما سبب وقوعها وما الوقاية منها ومن أضرارها. وأضاف فضيلته: إننا أمة مرتبطة برسالة عظيمة والجواب عن ماهية الأسباب وكيفية الخلاص من الشرور والمفاسد والأضرار لايكون إلا ممن هو أعلم بالبشر بما يصلحهم ويقوم حياتهم قال تعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير), إن تلك المصائب بمختلف أشكالها وإن المحن بمختلف صورها إنما تقع بالمسلمين بسبب تفشي الذنوب والمجاهرة بالمعاصي والفجور , فآيات من كتاب الله وما أكثرها من آيات تصف لنا الدواء والداء وتكشف لنا المخلص من هذه المصائب إنما قوله جل وعلا (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) , فهذه الآية تكشف للبشر عن ارتباط أحوال الحياة وأوضاعها بأعمالهم , وحين يكتوون بنار هذا الفساد ويتعلمون لما أصابهم منهم في حياتهم فلعلهم حينئذ يعزمون على مقاومة هذا الفساد ويرجعون إلى الله جل وعلا وإلى الأعمال الصالحة والمناهج القويمة والتوبة الصادقة. وبين فضيلته أن الفجور والإعلان به يوقع بالبلاد والعباد الهلاك والبوار , فالمصائب بشتى أشكالها نتائج الإعلان بالمعاصي والسيئات والفحشاء والمنكرات , وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب )فالواجب على المسلمين محاربة المعاصي والمنكرات والأخذ على أيدي السفهاء الذين يريدون أن يغرقوا سفينة الحياة الطيبة الطاهرة. وفي ختام خطبته حث إمام المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله وإعلان الحرب على كل فساد وفاحشة ومنكر في بلاد المسلمين.