دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب أهل الشام إلى الصبر والدعاء إلى الله لإزالة الغمة وأن يبدل حالهم من الليل إلى النهار وخوفهم إلى أمن، وقال في خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس: «حين خلق الله الأرض وجعل فيها بشرا ثم اصطفى الله من هذه البلاد بلادا ومن البشر بشرا فربك يخلق ما يشاء ويختار من يشاء فكانت مكة والمشاعر وطيبة الطيبة وكان شاما منها بلاد الشام وأصطفى الله من البشر أنبيائه ورسله فقضى الله من بلاد الشام حظا وافرا منهم فجعل أرضها مدرج الأنبياء ومتنزل الوحي من السماء وهي أرض المحشر والمنشر وحين يبعث الله المسيح في آخر الزمان لا ينزل إلا فيها عند المنارة البيضاء شرقي دمشق». وذكر الشيخ آل طالب أهل الشام بفضل أراضيهم، فقال: «طوبى للشام فملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على بلاد الشام فباركها الله بنص الكتاب والسنة وهي حاضنه الإسلام وعاصمته حين من الدهر وسطرت على أرضه كثير من دواوين الإسلام ودفن فيها جموع من الصحابة ومن علماء المسلمين وكم ذرفت على إثرها دموع العباد، وعقدت فيها ألويه الجهاد وجرى على أرضها دماء الشهداء من الصحابة والأخيار وتداول الحكم فيها ملوك وسلاطين أضافوا للمجد مجدا وللعز عزا فكسرت على رباها حملات صليبية تقاطرت على رباها مائتي عام»، وزاد «الشام تركة الفاتحين من الصحابة والتابعين ووديعة المتقدمين من المسلمين والمتأخرين وتاريخها ملهم وحاضرها مؤلم وأهلها لهم حكايا في الصبر تطول عسى صبرهم للخير يئول». وفند أمام وخطيب المسجد الحرام ما تشهده سوريا من مذابح، وتساءل قائلا: «كيف يستطيع إنسان أن يتجاوز مذابح القيم في شامنا الحبيب وهو يرى غدر القريب وخذلان البعيد وخيانة الراعي للرعية ومقدرات الشعب ومكتسباته تعد لسحقه وإذلاله وسلاحه الذي يدفع به عائله العدو عاد على شعبه ذبحا وتقطيعا فسحق الأمة لمصلحة الأفراد وكشف المستور وترنحت الشعارات وتبين أن العدو الذي وراء الحدود أرحم من العدو الذي داخل الحدود»، وخاطب أهل الشام فقال: «سلاحكم له كرامه فلا يدنس بالنيل من إخوانكم وقوتكم ذخر للعرب فلا تتقووا على أهلكم وأجعلوا سلاحكم لأهلكم حاميا وعن أرضكم مدافعا فلا عذر لكم أمام الله والتاريخ أن تعود فوهات البنادق إلى صدوركم ويذوق بعضكم بأس بعض»، ودعاهم إلى توحيد الصفوف وجمع الكلمة وأن يستعينوا بالله والصبر. وأشار الشيخ آل طالب بأن الغيورين من أبناء الأمة الإسلامية ارتفع صوتهم فكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ أول ساعة ينادي بتحكيم الحق والعدل والمنطق والحكمة وتقديم المصالح العامة على المصالح الشخصية حقنا لدماء المسلمين وحفاظا لوحدة المسلمين وأراضيهم ودفعا لخلافات طائفية ومذهبية وثبات على مواقف الدين والأخلاق ووقف يحفظه الله صادعا بكلمة الحق والعدل مع إخوانه وأصدقائه الغيورين. فسدد الله المساعي وأصلح الشأن وجعل العواقب إلى خير والأمل في الله كبير أن تعود الأيام إلى سابقها فعسى الله أن يبدد ليلكم صبحا وخوفكم آمنا وبلاءكم عافية وأن يولي عليكم خياركم ويكفيكم شر شراركم». الذنوب والفساد وفي المدينةالمنورة، قال إمام المسجد النبوي الشريف الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ: «يتساءل الكثير منا عن أحوالنا مما أصابنا كيف ذهبت تلك البركات في الأرزاق وأين المواسم التي كانت فيها الأرض تنبت من جميع الخيرات يتساءل الكثير منا عن سبب تغير النفوس ولما كثرت الأحقاد وأين ما كان معهودا بين الناس من المحبة والصفا والتعاون والوفاء، نتساءل جميعا بلسان الحال ولسان المقام ما سبب قلة الأمطار وجفاف الآبار نتعجب مما يصيب الآفاق من الغبار الذي لا ينقطع والذي لم يكن معروفا عند أسلافنا نستغرب ما أصاب المسلمين من جشع بعض التجار وتآمر الفجار وتسلط الأعداء ومكرهم بالمسلمين فالأمر حين إذن أعجب وأعجب فلقد تلون عداؤهم وكثر ضررهم وعم شرهم حتى أصبح المسلمون لقمة صائغة للأعداء يوجهونهم كيف شاءوا يتصرفون بأمور دنياهم كيف أرادوا وأن تتحدث عن أشياء غريبة تتحدث عن وقوع أوبة غريبة لم تكن موجودة ومعروفة من قبل تصيب الإنسان في هذا الزمان وتجتاح الحيوان تلك بعض المصائب التي أصابت دنيا الناس فيا ترى ما سبب وقوعها وما الوقاية منها ومن أضرارها»، وأضاف في خطبة الجمعة أمس «تلك المصائب بمختلف أشكالها والمحن بمختلف صورها إنما تقع بالمسلمين بسبب فشوا الذنوب والمجاهرة بالمعاصي والفجور، والمصائب بشتى أشكالها نتائج الإعلان بالمعاصي والسيئات والفحشاء والمنكرات، داعيا المسلمين إلى إعلان الحرب على كل فساد في بلاد المسلمين». رأي متخصص وعلق على مضامين خطبة إمام المسجد الحرام الدكتور سليمان السلومي عضو هيئة التدريس في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى فقال: «بلاد الشام بلاد إسلامية عريقة منها انطلقت الفتوحات الإسلامية إلى بقية أنحاء العالم الإسلامي فالشام بلاد عزيزة على المسلمين حيث شهد لها النبي بالخير والبركة وأخبر أن الحوادث العظام ستقع في بلاد الشام وتنتهي بانتصار المسلمين». أما الشيخ عابد الحسني عضو المجلس البلدي السابق في العاصمة المقدسة، فقال: «لاشك أن الوضع في بلاد الشام لا يرضي الله ولا خلقه، وعلى أهل الشام أن يلجأوا مخلصين إلى الله لفك كربتهم»، وأضاف «واجب المسلمين الدعاء لإخوانهم في سوريا بأن يبدل الله حالهم من حال إلى حال». وحول الخطبة في المسجد النبوي قال الدكتور غازي المطيري أستاذ كرسي الأمير نايف لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة: «لاشك أن الخطيب فند في إيجاز ما يحل بالمسلمين من نكبات بسبب بعدهم عن القرآن الكريم وهدي المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى كل رب أسرة أن يذكر أفراد أسرته وأن يعينهم على البر والتقوى والتمسك بالكتاب والسنة المطهرة»، وأضاف «لقد أشار الخطيب إلى الفساد ونحمد الله أن بدأت الناس تعي أهمية مكافحة الفساد وأنها من الأمور المعطلة للتنمية فعلينا أن نكون يدا واحدة في محاربتها ضمانا لتنمية مستقبلية زاهرة لمستقبل الأجيال». رأي المصلين ورأى المصلون في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، أن إمام الحرمين الشريفين شخص ما تمر به الأمة من مآسي ونكبات تشخصيا واقعيا، مؤكدين أهمية اللجوء إلى الله وإعطاء الحقوق للناس وكشف الفساد والتعاون على مكافحته، وقال يوسف الشريف، وبندر العبدالله، يوسف عابد الحربي، حسن زويد العمري، مصطفى صالح بخاري، على كل مسلم أن يتقي الله وأن يستفيد من كل ما يطرح على منابر الجمع في الحرمين الشريفين التي تذكر كل أسبوع الناس إلى ما يهمهم ويصلح دنياهم وآخرتهم.