أكد معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ، ورئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، بأن من حق الدول الإسلامية بأن تكون بلداناً منتجة للتكنولوجيا، والخدمات التقنية، وشريطة أن تراعَى فيها المعايير الخاصة بثقافاتنا ومجتمعاتنا، ففي ذلك استثمار لرؤوس الأموال الإسلامية محلياً، وسيؤدي ذلك إلى خفض معدل البطالة بدرجة كبيرة، وستستوعب قدراً كبيراً من الأيدي العاملة. وستكون مشاركة في صناعة القرارات التي تتخذها الدول المصنعة إقليمياً وعالمياً.جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في حفل افتتاح مؤتمر :( نقل وتوطين التكنولوجيا في الدول الإسلامية ) أمس الثلاثاء الذي تنظمه رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع كلية الدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر ، بالعاصمة القطرية الدوحة خلال الفترة من 26-27/12/1432ه الموافق 23-24/11/2011م.وأضاف معاليه بأن التكنولوجيا تعني الفنون المتعلقة بالمهارة والبراعة وحذق الصناعة، وتعني الجهد المنظم الرامي لاستخدام نتائج البحث العلمي في تطوير أساليب العمليات الإنتاجية لتسخير البيئة المحيطة بالإنسان، وتطويع ما فيها من مواد وطاقة، لتحقيق مصالحه وتنميتها، سواء الضرورية منها أو الحاجية أو التحسينية.فإذا كان العلم يقدم النظريات والقوانين العامة ويكتشف خصائص الأشياء، فإن التكنولوجيا تحول النظريات إلى تطبيقات وأساليب عملية في مختلف ميادين الحياة، كوسائل الاتصال والنقل، والتصنيع والطب والأعمال العمرانية، والفلاحة، والإعلام والتعليم، وإجراء الأبحاث، وغير ذلك.وبين التركي بأن التعامل مع التكنولوجيا سواء في الحد الأدنى الضروري الذي يتمثل في استهلاكها واستخدامها، أو في ما زاد على ذلك بإنتاجها إنتاجاً جزئياً أو كلياً، أصبح من الضرورات في هذا العصر، إذ لا يستغني مجتمع في العالم عن التكنولوجيا، في إدارة شؤونه ومرافقه العامة.وأوضح بأن نقل التكنولوجيا وتوطينها في البلاد الإسلامية، أمر مرتبط بالتنمية الشاملة فيها، ولذلك كان من أهم الموضوعات التي تركز عليها الدراسات المعاصرة، والأبحاث الاستراتيجية، حيث أصبحت الحياة الاقتصادية والاجتماعية تعتمد بدرجة كبيرة على ما تنتجه التكنولوجيا من أدوات ومواد عملية تطبيقية، تعين على تذليل سبل المعيشة وتُوسِّع نطاقَ أسبابها ووسائلها، بالمزيد من استكشاف ما ادخر الله تعالى في ظاهر الأرض وباطنها وفي المحيط الفضائي المتصل بها، من خواص العناصر ونواميس الأشياء التي تتصل بالحياة البشرية اتصالَ نفْع وإنعام، مما سخره الله للناس: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) [لقمان/20].وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بأن الدول الإسلامية تتساوى مع غيرها في الحق في الاستفادة من التكنولوجيا، باعتبارها منتجاً إنسانياً عاماً، وهذا الحق لا يتوقف عند حد استيراد هذه التكنولوجيا من دول تنتجها، بل يتعداه إلى توطينها على أراضيها، وتمكين أبنائها من إنتاجها، حيث إن الاعتماد على الغير حاجة مؤقتة يُستغنى عنها إذا توفرت الكفايات العلمية الوطنية، والقدرة المادية على إنتاج التكنولوجيا محلياً،وبذلك تتحول البلدان الإسلامية من بلدان مستهلكة معتمدة على غيرها، إلى بلدان منتجة منافسة معتمدة على نفسها، تسهم بإنتاجها في الثراء التكنولوجي وخدمة الإنسانية من خلال ذلك.وأبان التركي بأن بعض البلدان الإسلامية خطت خطوات جيدة في توطين التكنولوجيا، وأمامها تجارب ناجحة تشجعها في هذا المجال من العالم الثالث، كالهند والبرازيل.وهذا التوطين يوفر للبلدان الإسلامية طاقاتها البشرية التخصصية، بالتقليل من هجرة الخبراء المسلمين إلى بلدان تستفيد منهم وتستثمر علومهم في مراكز الأبحاث وشركات التصنيع.وإذا ما أصبحت الدول الإسلامية بلداناً منتجة للتكنولوجيا، فإنها ستزخر بإذن الله بالمصانع والسلع، والخدمات التقنية، التي تراعَى فيها المعايير الخاصة بثقافاتنا ومجتمعاتنا، وتُستثمَر فيها رؤوس الأموال الإسلامية محلياً، وتخفض من معدل البطالة بدرجة كبيرة، باستيعاب قدر كبير من الأيدي العاملة. وستكون مشاركة في صناعة القرارات التي تتخذها الدول المصنعة إقليمياً وعالمياً.وأوضح بأن نقل التكنولوجيا في العالم الإسلامي نقلاً ذكياً، بحسن استخدام الإمكانات والتغلب على المعوقات، ومراعاة المعايير التي تتفق مع البيئة الإسلامية، يعد خطوة مهمة في التقدم نحو توطين التكنولوجيا توطيناً آمناً، يتلاءم مع ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.ويحتاج توطين التكنولوجيا إلى تهيئة البيئة العلمية والاجتماعية المساعدة، وإلى تعاون بين دول العالم الإسلامي، وتعاون بين القطاعات المختلفة المعنية بهذا المشروع في داخل الدولة الواحدة.واختتم الدكتور التركي كلمته بالشكر لدولة قطر بقيادة أميرها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لاستضافتها هذا المؤتمر الذي دعت إليه رابطة الجامعات الإسلامية، ولمجلس أمناء كلية الدراسات الإسلامية، على التعاون في ذلك.بعد ذلك ألقى الدكتور حسن عباس ابراهيم رئيس جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان كلمة الضيوف دعا فيها الدول الإسلامية لبذل المزيد من الجهد في استثمار البحث العلمي التقني ، وتطوير مناهج البحث في مجال تكنولوجيا المعلومات ، وتشجيع التعاون بين الجامعات في نقل الخبرات فيما بينها للاستفادة من التجارب الحديثة ، خاصة وأن بعض الدول الإسلامية استثمرت في تنمية هذه التقنية وركزت على البحث والتطوير حتى انتقلت إلى درجة الدول المتقدمة ، فالجامعات في جميع أنحاء العالم هي حاضنة العلم ومستودعه ، وبالتالي فإن عليها مسؤولية القيام بواجب البحث العلمي حتى يتسنى للجامعات الإسلامية الوصول إلى مصاف الجامعات الحديثة المتطورة .ثم ألقى الدكتور جعفر عبدالسلام ، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية ، كلمة بيّن فيها أن الجامعات الإسلامية تواجه العديد من التحديات من بينها تحديات تتصل بالأسرة المسلمة ومحاولات تغريبها، وقادت رابطة الجامعات الإسلامية مسيرة مضادة بالعلم والفقه وعقدت مؤتمراً مطولاً دعت إليه علماء المسلمين من كل مكان، ألحقته بندوات متعددة في بعض الجامعات الأعضاء وأخرجت عدة مجلدات حول قضايا الأسرة فندت الكثير من التوجهات التي تحاول تغيير الأسرة المسلمة على النحو التالي: (الاجتهاد في قضايا الأسرة - مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام - صورة المرأة في الإعلام - حل عقدة النكاح في ضوء الشريعة الإسلامية - المرأة المسلمة ودورها في النهضة الحضارية). وبيّن بأن رابطة الجامعات الإسلامية أولت قضايا تطوير المناهج أهمية كبيرة منذ تأسيسها، فقد استمرت في تنظيم مؤتمرات وعقد حلقات تستهدف جودة التعليم وتحسينه في جامعاتنا بالمشاركة مع مجموعة كبيرة من الجامعات الأعضاء.وأهاب عبدالسلام بأن تحظى اللغة العربية لغة القرآن بالاهتمام المرجو من الأمة الإسلامية في مجال التقنية . وقد قامت لجنة النهوض باللغة العربية بالرابطة بجهود كثيرة من أجل التمكين للغة العربية ، والاعتداد بدور اللغة كمدخل لمجتمع المعرفة وتطوير مناهج العربية، ومحاولة الانطلاق من الصور النمطية لتدارس سبل تقديم اللغة بإبداع جديد يشارك في إعداده المعلمون الذين يعملون في الميدان، ويدركون جيدًا حجم مشكلات تعليم العربية وتعلمها. كما ألقى الدكتور حاتم القرنشاوي عميد كلية الدراسات الإسلامية بقطر كلمة أكد فيها بأن قضايا التكنولوجيا مازالت تراوح مكانها في بعض الدول الإسلامية ، وأن الأمل الحقيقي في التقدم هو في التكنولوجيا المحلية التي تعكس استجابة الاحتياجات الحقيقية في المجتمع وتتولد بالتفاعل بين الباحث والمطور والمستخدم فالحوار بين صانع الآلة ومستخدمها هو في النهاية صانع التقدم .وأضاف بأن على العالم الإسلامي أن يواكب التطور من حيث انتهى الآخرون ويسري الأمر على مجالات عدة مثل الصحة والعلاج بطرح نموذجاً لأحدث ما وصل إليه التقدم مع تطوير مستمد من التقاليد والمدخلات العلاجية المحلية التي ثبت جدواها حتى في أحدث الدول المتقدمة من حين لآخر لأن الهدف يجب أن يكون توفير الخدمة الطبية لأكبر عدد ممكن بالجودة المطلوبة وليس تركيز الانفاق في مجالات بالغة التطور تخدم أعداداً محدودة بحكم محدودية الموارد أو الامكانات المادية . واختتم القرنشاوي كلمته بالتأكيد على تفعيل التكنولوجيا من خلال التعرف على حاجات المجتمعات وتأصيل ثقافة البحث العلمي فيها بكل آفاقه وأبعاده وتأكيد مكانة “ الباحث والمبتكر” المجتمعية والتواصل مع مراكز البحوث والتدريس وقطاع الانتاج وتحفيز التطوير المحلي للتكنولوجيا وتوطين ما يصلح استيراده مع متابعة دائمة لأحدث التطورات والتعامل مع مراكز البحوث إقليمياً وعالمياً .