كم هومؤلم ومحزن ان صدق حدسي أنه يوجد كم كبير ممن لا يدركون مكانة هذه البلاد0 بيد أنه قد يظهر قليل من كثير قد يدركون هذه المكانة حينما يعلمون أن مشيئة الخالق عز وجل اقتضت منذ بدء الخلق أن يكون لهذه البلاد قدسية أزلية. فلقد قيل إن الملائكة رضوان الله عليهم كانت تؤمر بزيارتها وموكول اليها حراستها لذلك فضلها رب العالمين على كل ماسواها من بلاد الدنيا لتظل بطهرها القدسي الذي أضفاه عليها رب الأنام أطهر بقاع الأرض، فلقد جعل فيها بيته المحرم وهو موضع الكعبة المشرفة التي هي قبلة المسلمين التي ييممون وجوههم شطرها حيثما كانوا في شتى بقاع الأرض اذ يتوجهون صوبها كل يوم خمس مرات لأداء خمس صلوات محكومة بأوقات وعدد ركعات وهي صلاة الصبح وعدد ركعاتها ركعتان وصلاة الظهر وعدد ركعاتها أربع ركعات وصلاة العصر وعدد ركعاتها اربع ركعات وصلاة المغرب وعدد ركعاتها ثلاث ركعات وصلاة العشاء وعدد ركعاتها أربع ركعات كما وأنه من مايؤكد قدسية هذه البلاد أن فرض الله على أمة الاسلام عبادات عملية لايجوز أداؤها الا في مواقع معينة في هذه البلاد اذ إن الطواف لايجوز أداؤه الا حول الكعبة المشرفة والكعبة موضعها في جوف الحرم وكذلك السعي مابين الصفا والمروة وهذان موقعهما في أحضان الحرم كما لايجوز أداء مناسك العمرة الا في مكةالمكرمة وكذلك لا يجوز أداء مناسك العمرة أو الحج اذ لا يكتمل أداء الحج إلا بتمام مناسكه من التزام بالميقات الزماني وهو حلول شهور الحج التي تبدأ عندما يبزغ هلال الشهر الحادي عشر من شهور السنة الهجرية وهو شهر ذي القعدة وحتى اليوم الثامن من شهر ذي الحجة وهو الشهر الثاني عشر من شهورالسنة الهجرية والتي عدد شهورها اثنا عشر شهرا في كتاب الله كما وانه لابد من مراعاة الوصول الى الميقات المكاني وهي مواقع اسلامية تقع في الجهات الأربع من حدود المملكة ليتمكن الحجاج من الدخول في نية الاحرام حتى اذا ما وصلوا الى مكةالمكرمة يشرعون في القيام بعبادات عملية متعددة تبدأ بالمرحلة الأولى وهي :- القيام بالطواف حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط ومثلها السعي مابين الصفا والمروة والتحلل من الاحرام وحتى ما ان يحين اليوم الثامن من شهرذي الحجة تبدأ المرحلة الثانية وهي الشروع في الانتقال من مكة الى مكان آخر يسمى المشاعرالمقدسة وهي الأول يسمى مشعرعرفات والثاني مشعر منى وكلاهما لا يبعدان عن بعضهما كما لا يبعدان عن مكة كثيرا حيث يتوجه البعض الى المشعرالأول ويبيتون فيه والبعض الآخر يتوجهون الى المشعر الثاني ويبيتون فيه ليرحلوا هؤلاء عقب صلاة فجر اليوم التاسع من ذي الحجة للمشعرالأول وهو عرفات حيث يجتمع جميع حشود الحجاج في هذا اليوم في هذا المشعر وهو عرفات ليمضوا سحابة يومهم فيها اذ فرض الله الوقوف فيها وسن رسول الله قراءة القرآن والدعاء والابتهال الى الله والاستغفارمن الذنوب والخطايا وحتى أن تأذن شمس هذا اليوم للمغيب يشرع في النفرة منها وهو الرحيل منها والتوجه الى مشعر آخر يسمى وادي عرنة او المزدلفة حيث يحط الرحال بالحجاج في هذا المشعر لينالوا قسطا من الراحة ثم ليستأنفوا الرحيل للدفع (العودة الى منى) للقيام بأداء نسك معدودة وهي التوجه الى مواقع تشخص إلحاق اللعنة والخزي للشيطان وهي ثلاثة مواقع تسمى :- (الجمرة الكبرى) (والجمرةالوسطى) و(الجمرة الصغرى) اذ يجب أن يواظب الحاج على رجم هذه الجمرات خلال اقامته في منى مدة ثلاثة أيام تعرف بأيام التشريق حيث يتم التقرب الى الله بذبح الأضاحي والقيام بأداء طواف يسمى طواف الافاضة قبل أو بعدالعودة الى مكةالمكرمة وهكذا وبأداء هذه العبادات التي تسمى نسكا بتمام أدائها يتم أداء فريضة الحج الذي يعتبر أحد الأركان الخمسة التي يقوم عليها الدين الاسلامي الحنيف وهي:-الركن الأول (شهادة أن لا إله إلا الله) وهي في معناها:- رسوخ الايمان الصادق والاعتقاد الجازم بوجود الله والاعتراف بافراد الله بالألوهية له وحده (وأن محمداً رسول الله ) وهي شهادة تنم عن اليقين الأبدي بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتصديق بالرسالة من رب العالمين (الركن الثاني) (اقام الصلاة ) وهو يعني وجوب التزام المسلمين بأداء خمس صلوات كل يوم بأوقات معينة وركعات محددة وهي :- صلاة الفجر:- (وعدد ركعاتها ركعتان) صلاةالظهر:- وعدد ركعاتها أربع ركعات) صلاة العصر:- (وعدد ركعاتها أربع ركعات) صلاةالمغرب:- (وعدد ركعاتها ثلاث ركعات) صلاة العشاء:- (وعدد ركعاتها أربع ركعات) وبالتزام المسلم بأداء هذه الصلوات بركعاتها المحددة وفي أوقاتها المعينة يتم اقامة هذا الركن 0 الركن الثالث :-(ايتاء الزكاة ) وهو يعني أن يخرج المسلم قدراً يسيراً من ماله المدخر ليتصدق به على فقراء المسلمين حين يبلغ ذلك المال نصابه ويحول عليه الحول وبأداء ذلك المال اليسير يبارك الله للمسلم في ماله المدخر ويفي المسلم بأداء هذا الركن 0 الركن الرابع :- (صوم رمضان) وهو يعني امتناع المسلم عن الطعام والشراب وكبح جماح الشهوة لله تعالى لساعات محدودة كل يوم لمدة ثلاثين يوما كل عام في الشهر التاسع من شهور السنة الهجرية المباركة وبصيام هذه الأيام كل عام يقوم هذا الركن 0الركن الخامس:- (حج بيت الله الحرام لمن استطاع الخ) وهذا يعني يفرض الحج ولو مرة في العمر على كل مسلم عاقل يقدر على أن يوفر الدابة او الوسيلة التي ستحمله من بلاده لهذه البلاد المقدسة وقادر على أن يوفرمؤونة أهله ومؤونة سفره واقامته في هذه البلاد التي أطعم أهلها من جوع فرزقهم من كل الطيبات وسيظل بإذن الله يأتيها رزقها رغدا حتى من أقاصي الأرض وآمن أهلها من خوف فذاك الأمن الأزلي الذي أراده الله أن يكون فيها قبل بدء الخلق فلقد كانت الملائكة رضوان الله عليهم يأتمرون بأمرالله بحراستها وزيارتها وظل يتوالى ظهور من شاء الله أن يكونوا أهلا لحراستها من الخلق من خلفاء وولاة وسلاطين وملوك ابان حقب انصرمت من عمرالزمن وحضارات سادت ثم بادت وظلت تدور عجلة الزمن وتندثر العصور اثر العصور حتى أن قيض الله لهذه المساحات الشاسعة من شبه الجزيرة العربية ملوكا ارتكز حكمهم على شرع الله واتخذوه دستورا ومنهجا واقتدوا به سياسة ملكا بعد ملك وعصرا عقب عصر حتى أن أذن الله وأشرقت شمس هذا العصرعلى أرجاء هذه المساحات الواسعة من هذا الوطن الشامخ لتنعم هذه الأمة في حكم عهد جديد جاء يحمل مشعل رقيه ملك تواضع لله فرفعه ونصرالله فنصره ورعى بالعدل رعيته فأعلى شأنه فهو راع مسلم استبد حبه بأفئدة رعيته انه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره هذا الحاكم المسلم الذي لم يزل ينصب اهتمامه بالمقدسات الاسلامية لاعانة المسلمين أينما وجدوا في أقاصي الأرض ليتمكنوا من اتمام شعائر دينهم وفي عداد ذلك تمكينهم من أداء فريضة الحج لاقامة الركن الخامس من أركان هذا الدين الحنيف الذي أظهره الله على كل ماسواه0 فهوالوالي المسلم الذي لم تنفك يده البيضاء تمتد بالعطاء للانفاق على اقامة المشاريع التاريخية العملاقة فأخذت تبرز في عهده الانجاز تلو الانجازات فلقد حظيت مكةالمكرمة بالكثيرمن عنايته ونالت الحظ الأوفر من اهتمامه يحفظه الله فتلكم التوسعة والعمران جعلت فلسفة عطاء هذا الملك حديث كل لسان وسمة هذا السخاء اللامحدود يعجز عن وصفها كل لسان وتلك المشاريع التي سيظل يشار اليها بالبنان فهنيئا لهذا الوالي بما سيدخر له بإذن الله في الميزان فكم هو مأجور على هذا المشروع العملاق الذي سيظل أزكى انجازات الزمان وهوتوسعة بيت الله الحرام الذي لا غرو أنه انجاز غير مسبوق وهو توسعة صحن المطاف في بيت الله الحرام اذ انفق على تنفيذه المبالغ الطائلة من مليارات الريالات وذلك لتعويض أصحاب المنازل التي تم ازالتها في الجهة الشمالية من الحرم المكي هذا الى جانب البون الشاسع الذي أصبحت تبدو به رقعة المشاعر بما تم انجازه من ترميم وتعمير مساجد وتحديث لمرافقها بجانب ما تم انجازه من المراحل لمشروع توسعة جسرالجمرات مما كان له بالغ الأثر حيث خفف الكثير من شدة الزحام الذي كان يحدث حول الشواخص التي يتحدد منها الرجم لكل من يريد الوصول لتلك الجمرات الثلاث اذ أصبح من اليسير والسهل وصول الحجاج لكل شاخص عندالرمي دون أن يتعرضوا للزحام والتدافع وهوما يجعل حجاج بيت الله يؤدون مناسك حجهم في يسر وسهولة وسيظلون يرفعون أكف الضراعة الى الله بالدعاء بأن يثيب خادم الحرمين الشريفين ويجزيه خير الجزاء ويديمه ذخرا للاسلام والمسلمين ويشد عضده بأخيه وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزيرالدفاع نائب رئيس مجلس الوزراء وأن يديم على هذه البلاد رخاءها وأمنها واستقرارها وهي دعوة مسبوقة لهذه الديار المقدسة فلقد سبق أن دعا بها نبي الله ابراهيم عليه السلام بقوله (رب اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون الآية) فها هي العاصمة المقدسة وقد أفاء الله على أهلها وسكانها وزوارها بالخير والنعم وآتاهم من كل ماسألوه فلقد قيض الله لعاصمة الاسلام ابناً باراً من فلذة أكباد العرب حباه الله حسن الخلق والخلق فهوالأمير الذي جمع بين الامارة والمهارة انه المسؤول الذي لا يعترف بشيء اسمه مستحيل فهو نزاع الى أن يمتطي صهوة جواد التحدي ويزيح كل المتاريس التي تقف في طريق طموحاته وهو الذي ما أن يقدح زناد فكره حتى يتفتق عن ترانيم وتصميم وتصاميم رائعة فتلكم مقولته الرائعة لاحج من غير تصريح وهوشعار نهضوي وأمر ينم عن الحكمة والرقي اذ أضفى على الحج الكثير من السهولة واليسر وسيظل أداة ردع تحول دون انتشار الفوضي ليتمكن ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم براحة واطمئنان ويستمتعوا بالاستقرار في أجواء يسودها الهدوء والسكينة وذاك تصميمه بأن يجعل أم القرى ترتدي حلة قشيبة تغري العالم بجمال معمارها وتنسيقها ورونقها وتنظيمها وهو ما يغري العالمية بأن تجعلها في مصافها وهو الشاعرالموهوب والمسؤول المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير مكةالمكرمة الذي استبد عشقها بقلبه واستبد حبه بأفئدة أهلها وهو المسؤول الذي لايفتأ ينصب اهتمامه بأحوال أهلها وضيوفها من مقيمين ووافدين فسموه بجانب مايضطلع به من مسؤوليات كذلك يحمل مسؤولية الاشراف على خطط أعمال الحج فهو رئيس اللجنة المركزية للحج لذلك ما أن بدت تلوح طلائع الحجاج لهذه البلاد حتى صدرت التوجيهات من المقام السامي بالايعاز للجهات المشاركة لاعتماد اعدادالجاهزية الشاملة حيث بدأ المشاركون في تنفيذ خطط أعمالهم وأخذت تظهرالمرافق الحكومية أشبه بورش عمل متعددة الاختصاصات لينفرد كل مرفق بمهامه وتخصصاته اذ انفرد هناك مرفق هام برجاله وبتخصصاته وتجهيزاته وهو مرفق الأمن الذي يمسك بدعائمه رجال الأمن المخلصون ويضطلع بمهام مسؤوليات استتبابه فارس الأمن صاحب السمو الملكي الأميراحمد بن عبدالعزيز وزيرالداخلية رئيس لجنة الحج العليا التي تعتبر بمثابة مجلس استشاري يولي الاهتمام بتوفير الأمن لحجاج بيت الله كما يضطلع نائبه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ورجالاتهم المخلصين بمسؤولية السهر على أمن الحجيج منذ قدومهم وحتى مغادرتهم كما وأن هناك يظهر مرفق حيوي وهو مقام وزارة الحج التي يحمل مسؤولية تسيير دفتها شخصية محبوبة من أبناء الوطن هو معالي الوزيرالهمام الدكتور (بندربن حمزه حجار) هذا الوزير الذي ما ان تبوأ كرسي هذه الوزارة حتى انطلق يعمل باخلاص ويبذل كل جهوده ليقف على جاهزية الوزارة والاشراف على الجهات الخدمية المشاركة وفي عدادها مؤسسة أرباب الطوائف التي تعتبر المرجعية لجهات خدمية معتمدة في خطط مقام وزارة الحج وهي مؤسسات الطوافة وعددها ست مؤسسات يعمل فيها رعيل كبير من أبناء مهنة الطوافة بيد أنه وفي زحمة ذاك الرعيل وتلكم المؤسسات هناك تعانق العنان حركة دؤوبة ورجال نأوا عن مظاهرالأبهة والترف وآثروا المشقة والعناء حيث لا ينفك ينضح من أجسادهم عرق الجهد انهم بعض رعيل مهنة الطوافة فهم مطوفو ومطوفات مؤسسة حجاج جنوب آسيا هذه المؤسسة العريقة التي ستظل تزداد بهذه الشهرة تميزا وتألقا فهي كما أخالها تبدو وكأنها سفينة عملاقة لا يستطيع الابحار بها الا ربان ماهر وثلة من أكاديميين وخبراء حيث إن البحث وطول الانتظار كادا أن يغرقا هذه السفينة لولا أن قيض الله لركابها هذا الربان الماهر ابن مكة البار وحفيد المطوفين الأخيار هو ذاك المطوف عدنان بن محمد أمين كاتب وطاقم ملاحيه كل من المطوف د. رشاد هاشم حسين وم. زهير عبدالرحمن سقاط وطاقم الانقاذ الكرام اعضاء ورؤساء الخدمات الميدانية لذلك وأنا في غمرة البهجة والحبور واحساسي بالسعادة والسرور باكتمال الجاهزية الشاملة لخدمة ضيوف الرحمن في بلد الايمان أقول :-(فلتبحر بسفينتك على بركة الله ياعدنان ولتكلؤك من سبع سموات عناية الرحمن فأنت لها أيها الربان فلنرفع أكف الضراعة الى الله بأن يكلل سعي الجميع بالنجاح وأن يجعل رائدنا التوفيق لخدمة هذا الكم الهائل من حجاجنا القادمين هذا العام كما أوصي نفسي وأبناء هذه الطائفة من مطوفين ومطوفات بتقوى الله في السر والعلن واستحضار مخافة الله عند الشروع في خدمة هؤلاء الحجاج فلقد جاءوا في ضيافة الرحمن فما أحرانا أن نمد لهم يد العون ونشعرهم بأنهم بين أهليهم وذويهم ونشد من أزرهم في تحقيق هذه الغاية الايمانية ولكم أن تتخيلوا مدى اللهفة والشوق اللذين ظلا يلامس شغاف قلوبهم والرغبة الملحة عليهم للقدوم لهذه الديار المقدسة فأنتم كما أخالكم تعلمون أن هناك كماً كبيراً من هؤلاء الحجاج من رقيقي الحال حيث يظل يقتر على نفسه ويستغني عن الكثير من متطلبات الحياة ويقلل من احتياجاته في بلده لا لشح أو اجحاف ولكن ليتسنى لهم أن يدخروا منصرفات رحلة أداء فريضة الحج ومنهم من لم يستطع الادخار لقلة ذات يده فيضطر الى التورط في غائلة الديون ومنهم من يضطر الى بيع شىء من ممتلكاته المتواضعة كحلي نسائهم وغير ذلك مما يجعل المضطر يذعن لماتلح عليه نفسه بتحقيق غاية ما0 فكيف بمن تلح عليهم نفوسهم ببلوغ غاية ايمانية وهي أداء فريضة الحج لذلك فما أحرانا أن نعينهم على أداء مناسك حجهم وقضاء حوائجهم وهو أمر حث عليه سيد الرسل محمد بن عبدالله اذ قال (ان لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم في الخير وحبب الخير اليهم إنهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة) لذلك فلنكن رحماء بضعفائهم معينين لفقرائهم نعطف على صغيرهم ونقدر ونحترم كبيرهم ولنعلم إن كان كرم الضيف هي خلة عربية فهي كذلك تربية اسلامية ربى بها رسول الله كل من آمن برسالته واتبع هديه حيث قال :(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) وهو يعني أن اكرام الضيف يقترن بالايمان بالله واليوم الآخر هذا كما لا يفوتني أن أذكر الجميع بأننا بجانب ماننشده من جزاء رب العزة والجلال كذلك نسعى الى تحقيق مانصبو اليه من آمال وهي تحقيق توجهات ولي أمرنا وقائد مسيرتنا فأنا أعلم يقيناً بأنكم تقدرون كل ما حظيتم به من عناية ورعاية ولاة أمرنا لهذا أهيب بكم بأن تظلوا قادرين على المحافظة على كل ماحظيتم به والله أسأل أن يجعل التوفيق رائدكم والنجاح حليفكم والله فوق الكل رحمن رحيم. كما اتوجه لجميع حجاج بيت الله الذين قدموا لتحقيق هذه الغاية الايمانية وهي الحج الى بيت الله اذ أقول لهم ايها الحجاج أنتم قدمتم من أجل تحقيق غاية ايمانية وقاسيتم من أجل تحقيقها وعثاء السفر فضلا عما تكبدتموه من الانفاق لمبالغ باهظة وهان عليكم فراق كل عزيز في سبيل مرضاة الله لتكملوا مافرض عليكم من فروض الاسلام وهو الركن الخامس من أركانه وهو حج بيت الله الحرام وزيارة قبر رسول رب الأنام لذلك ولتتم مناسككم ولتنالوا عند الله أجر الحج المبرور الذي جزاؤه الجنة وهذا ما بشر به المسلم في قول رسول الله (الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة) أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن وأن تلتزموا بالآداب الاسلامية التي يحض عليها دين الاسلام وهي الالتزام بالسكينة والوقار ومجانبة الفحشاء والمنكر من القول والعمل فأنتم ما تحملتم وعثاء السفر الا من أجل أن تحققوا هذه الغاية العظمى حيث ظلت تراودكم في اليقظة والمنام طيلة أيام حياتكم الا وهي حج بيت الله الحرام لهذا فان الحج المبرور لا يبلغ مرتبته الا من استطاع أن يكبح جماح رغباته وابتعد عما يستدرجه اليه الشيطان ونأى بنفسه عن الجدل واللمم وقول الزور وفواحش الأقوال وسيء الأعمال وهذا ما جاء في قول الله تبارك وتعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولاجدال في الحج الآية) لهذا فلتعلموا اخواني حجاج بيت الله بأن الحج جهاد بين النفس والشيطان أعاذنا الله واياكم منه والسلاح لدحره ان شاء الله هو الصبر والايمان ودرع الحماية من غلبته التصبر بكبح جماح النفس من شهواتها والابتعاد عن الجدال والفسوق وأما الندم والتوبة والغفران فميدانها هاهنا بيت الله الحرام ومواقع الكر والفر في المشاعر وعرفات الله لهذا ولما كان الحج يعني هذه الرحلة الايمانية التي بدأتموها منذ انتقالكم من بلادكم الى هاهنا محطة الوصول مكة المشرفة وهي أطهر بقاع الأرض حيث موقع الحرمين الشريفين الذي ستؤدون في أحدهما عبادة عملية وهي مكة المشرفة وفيها بيت الله الحرام اذ ستؤدون فيه طوافاً وسعياً ودعاء كما وفي بطحائها ستقفون في مشعر اسلامي وهو عرفات ثم ستنتقلون الى مشعر اسلامي آخر وهو منى وتقيمون فيه عدة أيام تسمى أيام التشريق لتقوموا برمي الحصى في موقع يشخص موضع الحاق اللعنة على الشيطان ويسمى الجمرات حيث تنحرون الأضاحي تقربا الى الله عزوجل ثم تشرعون في التحلل من الاحرام وأداء الطواف عند الافاضة من عرفات وهذه سنة رسول الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام وليعلم كل من قدم لهذه الديار المقدسة ولم يتخلص من نزقه وطغيانه ويريد أن يذعن لما يأمره به شيطانه وتلح عليه النفس الأمارة بالسوء أن يكدر صفو اخوانه من حجاج بيت الله فان الله سيخذله ويأتي به الله ويفضحه على رؤوس الأشهاد حين تتمكن منه سلطات هذه الدولة الاسلامية وفي الآخرة عذاب أليم لأن هذا البلد مكة وفيها بيت الله الحرام الذي حذر الله كل من تسول له نفسه بأن يقترف فيها اثما سيكون عاقبته الخزي والخسران لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم) لذلك يأتي توجيه سماحة مفتي هذه الدولة الاسلامية وتحذيره من اتخاذ البعض فرصة أداء فريضة الحج ميداناً للمهاترات والمساومات والمقاصد السيئة، فمن يسعى إلى أن يجعل من هذه الفريضة ميداناً للمهاترات فهو يسعى إلى أن ينصرف بهذه الفريضة من رسالتها وغايتها وهو سعي منحرف... ولذلك فإن هذه الدولة المباركة قد آلت على نفسها الحفاظ على أمن الحج والحجاج فهي ستقوم بواجبها حتى ينعم ضيوف الرحمن بالأمن والأمان في كافة تحركاتهم وفي أرجاء مواقع استقرارهم في هذا البلد الأمين حتى يعودوا سالمين غانمين بإذن الله إلى أوطانهم. وهذا واجب الدولة ولن تتهاون فيه أبداً.00 لهذا ولأن هذه الدولة الاسلامية ارتكز حكمها على اعلاء كلمة التوحيد والالتزام بتطبيق شرائع الاسلام سيظل ديدن حكامها الاقتداء بقول الله تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم الآية) وفي هذا ينبغي أن يكون تحذيرا لكل من سولت له وتسول له نفسه على القدوم لهذه الديار المقدسة لتحقيق غايات تتنافى مع الغاية الايمانية وهو الحج أوأن يتخذ الغوغائيون فرصة من هذا التجمع الاسلامي ليرووا غليل ظمأهم الى اقتراف الأمور التي تؤدي الى الفتنة والتهلكة ومنها المهاترات والمساومات والمقاصد السيئة لتفرقة صفوف المسلمين هنالك لن يتوانى حكام هذه الدولة وشعبها من تطبيق قول الله تعالى : (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) لذلك ستظل هذه البلاد وحكامها وشعبها لايتوانون عن حماية حجاج بيت الله واكرام وفادة القادمين من أنحاء المعمورة لأداء فريضة الحج كل عام فمرحبا وأهلا بكل من قدم لأداء فريضة الحج وطوبى لمن بلغ درجة الحج المبرور وكل الجمع بالمرصاد لمن يريد أن يعكر صفو ضيوف الرحمن في بلد الأمن والإيمان.