رياحين الجنة تهب في رمضان تمر أيام رمضان سريعة جدا كضيف عابر لا يطيل البقاء , يتشبث به المؤمنون يريدون أن يغترفوا من خيراته , فترق فيه قلوبهم ويكثر دعاؤهم وتصفو أرواحهم وتتطلع إلى العلياء. وتكثر العطايا والمنح الربانية للمؤمنين في هذا الشهر الكريم ويستشعر المؤمنون بأن أبواب الجنة قد فتحت تدعو المؤمنين للاقتراب والدخول ويستمع المؤمن بصوت يناديه , صوت محبب يدعوه دعوة ربانية عندما يستمع لكتاب الله أو يتلوه يقول فيها ربنا تبارك وتعالى “ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ “ . إلا أنه قد يغفل كثير من الناس عن استشعار ذلكم الفضل العظيم وعن شكر الله عن تلكم العطايا الإلهية الكريمة الخاصة التي ينالها العبد في كل لحظة من شهر رمضان , وما يحجبه عن إجابة الداعي إلا معاصيه. والمؤمن في شهر رمضان يكون أكثر قربا من ربه. متخلصا من الكبائر ولكن الخطر الأكبر يكون في وسوسة نفسه بالوقوع في الصغائر. - إنها الصغائر التي تؤلم قلوب العباد الصادقين وتجلب الضيق والهم والغم إلى صدورهم. - إنها الصغائر التي تنكس رؤوسهم خجلا من الله سبحانه وخوفا من لقائه. - إنها الصغائر التي تفزعهم ليقينهم أن الجبال الضخمة الهائلة تتكون من مجموعة من الأحجار الصغيرة. - إنها الصغائر التي يخشاها المؤمنون ويرونها كجبل عظيم يوشك أن يقع على رؤوسهم. - إنها الصغائر التي تقض مضجعهم وتُدمع أعينهم وتجعلهم في خوف دائم لا ينقطع من ربهم سبحانه خشية أن يقبض أحدهم وهو مقيم على واحدة منها فيختم له بخاتمة السوء. - إنها الصغائر التي تجعل المؤمنين يتمثلون هذه الآية الكريمة ولا ينفكون عن تردادها “ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ “ وكل منهم يخشى – مع يقينه بكتابة كل زلاته وسيئاته – يخشى ألا يكون عمله الصالح مقبولا. ولذا فالمؤمن ينتظر يختم الله له هذا الشهر برضوانه بلهفة الحبيب الغائب عن حبيبه حتى تغفر له الزلات والهنات والصغائر من الذنوب , فيوم التوبة والمغفرة أحب إلى قلب العبدالمؤمن من يوم عرسه. إنه يوم البشرى الذي بشر به الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم التائبين ومنهم كعب بن مالك رضي الله عنه حين نزلت آيات توبته فبشره بقوله “ أبشر بخير يوم مر عليك مذ ولدتك أمك “.