لطالما كانت اسبانيا المنتخب الأقوى في تصفيات كأس العالم وبطولة أوروبا وأنديتها بين الأكثر تتويجاً في مسابقات القارة العجوز، بيد أن مسيرتها في النهائيات كانت مخيبة لآمال شبه الجزيرة الأيبيرية. لقب وحيد أحرزه الاسبان على أرضهم في كأس الأمم الأوروبية 1964 أمام الاتحاد السوفيتي (2-1) حامل اللقب آنذاك والذي ذاد عن مرماه الحارس العملاق ليف ياشين في مواجهة شهدت تنافساً بين خطي "فرانكو الفاشي" و"خروتشيف الشيوعي"، وكاد "الأحمر" يكرر الإنجاز عام 1984 لكنه وقف عند عتبة النهائي مقتنعا بالهزيمة أمام فرنسا بقيادة "بلاتيني". صيام طويل بلغ 44 عاماً للكرة الاسبانية "المتضخمة" بالنجوم من دون إحراز أي لقب قاري أو عالمي، لذلك ستكون المناسبة متاحة أمامهم لإثبات قدراتهم في النمسا وسويسرا هذا الصيف حيث وقعوا في مجموعة رابعة تضم اليونان وروسياوالسويد. نجوم ونجوم ستحاول ال"فوريا روخا" بقيادة مدربها المخضرم لويس أراغونيس أن تمحي خيبة خروجها من الدور الأول للبطولة الأخيرة في البرتغال، بتشكيلة شابة يتقدمها حارس ريال مدريد إيكر كاسياس أحد أبرز الحراس في العالم، ويقود الهجوم فرناندو توريس هداف ليفربول الحالي الذي قدم موسماً خيالياً في الدوري الإنجليزي. ولا يقتصر خط الهجوم على اسم توريس فقط، فالدعم يتأمن من ديفيد فيا صاحب هدف الفوز الرائع في مرمى الإيطالي جانلويجي بوفون ودياً في مارس الماضي، ودانيال غويزا هداف ريال مايوركا. ويعتبر خط الوسط العلامة الفارقة في ظل وجود العقل المفكر فرانشيسك فابريغاس وثنائي برشلونة شافي هرنانديز وأندريس إينيستا والمفاجأة سانتياغو كازورلا (23 عاماً) لاعب فياريال، غير أن نقطة الضعف تكمن في خط الدفاع رغم وجود الصخرة كارلوس بويول وصاحب الموهبة المتفجرة سيرجيو راموس. ويتوقع أن تسند حراسة المرمى لكاسياس، ومن بعده حارس ليفربول خوسيه مانويل رينا وحارس اشبيلية أندريس بالوب. راؤول الغائب الأكبر سيكون راؤول غونزاليس قائد وهداف ريال مدريد وأفضل هداف في تاريخ المنتخب (44 هدفاً) أكبر الغائبين عن أوروبا 2008، نظراً لرفض أراغونيس "المزمن" ضمه إلى التشكيلة منذ سبتمبر 2006، ما دفع الأول إلى أن يطلب علنا ضمه للبعثة حتى ولو كان أحد عمال التجهيزات! وسيحل بدلاً من راؤول مهاجم ريال سرقسطة سيرجيو غارسيا الذي سجل 4 أهداف فقط لفريقه الهابط إلى الدرجة الثانية مقابل 18 هدفاً لراؤول، وهو استفاد بدوره من اعتذار وجه برشلونة الجديد بويان كركيتش عن المشاركة. بداية ضعيفة قبل التألق كانت بداية رحلة اسبانيا في التصفيات عام 2006 أشبه بكابوس فلم تسجل سوى 3 نقاط في أول 3 مباريات إذ سقطت 2-3 أمام ايرلندا الشمالية صفر-2 أمام السويد في المجموعة السادسة، لكن في عام 2007 تغيرت الأحوال وفاز أبناء المدرب أراغونيس في 8 من أصل 9 مباريات كان من بينها فوزان كبيران على الدنمارك 3-1 والسويد إياباً 3-صفر، إلى أن ضمنت صدارة مجموعتها في المباراة الأخيرة أمام ايرلندا الشمالية (1-صفر). خيبة 2004 احتاجت اسبانيا إلى مباراتين فاصلتين أمام النرويج لكي تتأهل إلى نهائيات البرتغال 2004، وهناك فازت على روسيا 1-صفر وتعادلت مع اليونان 1-1 قبل أن تخسر مع صاحبة الأرض البرتغال وتخرج بخفي حنين من الدور الأول بفارق الأهداف عن اليونان التي أحرزت اللقب لاحقاً، واللافت أن اسبانيا ستلتقي مجدداً روسيا واليونان في النسخة المقبلة إضافة إلى السويد التي واجهتها مرتين في التصفيات التمهيدية. حتى في مونديال 2006 ورغم خوضها مباريات قوية في الدور الأول بانتصاراتها على أوكرانيا 4-صفر وتونس 3-1 والسعودية 1-صفر، إلا أن اسبانيا وقعت في فخ فرنسا بقيادة "زيدان" لتسقط 1-3 في الدور الثاني وتخرج من المسابقة. "اعتقد أن اسبانيا لديها إمكانات الفوز بكأس أوروبا 2008" عبارة قصيرة تلخص طموحات فابريغاس والشعب الاسباني الذي ينتظر رؤية لاعبيه يصعدون إلى منصة التتويج للمرة الأولى منذ حوالي نصف قرن.