يمتد تاريخ الغبانه الى أكثر من ثلاثة قرون كانت منها أنواع عديدة بعضها للبس طوال العام وبعضها للمناسبات ومواسم الأعياد وهي عبارة عن احاريم مطرزة وكانت فيما مضى تسمى (غباني) يعتم بها المكيون وكانت لهذه الاحاريم تكملة عبارة عن أحازم او أحزمة ومفردها (حزام) ويسميها اهل مكة (البقشه) ويلبسها كل حسب سعته واغلاها (الخرساني) وهو من نسيج الصوف وأوسطها يقال لها (الكشميري) وكذلك غطاء للرأس (كوفيه) من البغت أو القماش المسمى البغته مطرزة وبعضها سادة وخيوطها ملتحمة ببعضها حتى اذا نشيت بالنشاء تظل جدارها واقفة متماسكة الى جانب الصديري والميتان.. وقد كانت تجلب الغبانة من (الهند) ثم أصبحت تصنع في (حلب بسوريا) بألوان براقة ذهبية بعد ان كانت الوانها (الهندية) داكنة ورمادية وكحلية وقد حرف اسمها من (الغباني) الى الغبانه كعادة أهل مكة في تحريف الاسماء للتناسب مع لهجاتهم او لتسهيل النطق بها... أظن ان هذ المعلومة ليست مهمة لدى القراء ولكني وضعتها لأذكر أهل الغبانه بما لحق بها وأشرح الجور الذي أدركها لعل هناك من يحاول معي أن يعيد الى هذه الغبانة قيمتها الوطنية ناهيك عما تستحق كونها موروثاً عريقاً اهملناه بل تركناه ينحدر الى السحيق العميق من الازدراء وسأبدأ بطرح سؤال واحد لا غير اين نجد الغبانه اليوم أو الصورة الكربونية المشوهة للغبانه؟ بالتأكيد ليست الا اجابة واحدة.. انها موجودة على رؤوس من لا يعرف قيمتها حين يلفونها وكأنهم يلفون قطعة قماش على رأس (مهاوش) اقبل يعدي بفزعته ثم ليتها كانت كذلك لقلنا انها على رأس (قرم) من القروم (قد وند) .. هاهي الغبانه على رؤوس المباشرين الذين نراهم في الأفراح وكأن الغبانه عنواناً لخدم القوم لا سادتهم. لم يكن ذلك بفعل فاعل بل نحن وليس غيرنا الذين اعتقدنا وهماً اننا بفعلنا هذا نمارس الحفاظ على التراث بينما نحن ننحدر به الى حيث ألقت؟.. فهل هذا هو العمل الرائع والراقي والبديع الذي به وعبره نحافظ على موروثنا الشعبي اسألكم بالله لا تأتوا بهؤلاء في ولائكم ومناسباتكم الذين لا ارى في لبسهم للعبانه ووقوفهم كالموالي و(الأخدام) شيئاً من الاحترام لهذه الغبانه العزيزة واجعلوا الغبانه مكانها رؤوس كبرائنا وهم يختالون بها ونحن نتفاخر بها وبهم وهم جلوس في صدر المكان. المزمار.. يا حليله وليس ببعيد عما طرقناه آنفاً نشير الى ما حدث من تشويه لفن من فنوننا الاصيلة عندما صاحب دعاية استهباليه فجه حيث رأينا السيدة المصونة (جزره) واختها (الكوسه) تلعبان المزمار بطريقة ساخرة في حين راح الاستاذ (بصل) رابطاً وسطه (حاكراً عمته) وهو يتقافز بطريقة كوميدية بليدة. ايها السادة ان اطفالنا عندما يرون موروثنا يقدم بهذا الشكل المضحك المحزن لن يجمعوا في متاحف ذاكرتهم اي شيء يستحق الاحترام لهذه الموروثات.. ولو سألونا ما هو القاسم المشترك بين موروثونا الشعبي (الخضرية والفكهانية) فماذا نجيب؟. الشعبنة يا عمدة عودنا العمدة محمود بيطار بشعبنته الرائعة عند نهاية شهر شعبان من كل عام ولكنه منذ العام الماضي اوقف عنا هذه العادة ومع تساؤل الكثيرين الا ان الامر او السؤال (ارخى اذنيه) سنة كاملة وقد طال اصغاؤه دون رد فهل يكون الرد عملياً بان يكون مساء الشعبنة المعتاد يضيء ويشع باللقاءات المفعمة بالاخاء مع الذين ابعدتهم عنا الايام؟ وهل يكون الجواب اجتماع الغُياب.. (ايش الحكاية يا عمدة ريحنا.. الله يريح بالك؟).