أشاد نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالهند الشيخ بدر الحسن القاسمي برعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر الاسلامي مبيناً انها خطوة رائدة نحو التواصل الحضاري بين الأمم وايجاد أرضية مشتركة للتعايش الآمن. وقال ان رابطة العالم الاسلامي تستحق الشكر والتقدير على تفعيل فكرة الحوار والدعوة الى عقد المؤتمر العالمي. ولفت الى ان الوضع الحالي للعالم مقلق ومخيف فرغم تقلص المسافات ووفرة ادوات الاتصالات تتفاقم الخلافات بين الشعوب وتزداد الهوة اتساعا بين الحضارات وان مخاطر الاشتباكات والحروب ومخاوف التصارع والاصطدام تهدد الانسانية بحدث عالمي يأتي على الأخضر واليابس ويدمر كافة الابداعات والمكاسب. ان الذين يمتلكون احدث التقنيات واخطر الاسلحة لا يخضعون لقيم اخلاقية او مبادىء انسانية سماوية وحتى قوانين وضعية فلم يبق الا الحوار الجاد والهادىء والهادف حول مصير الانسان والانسانية والمآل المشترك للبشرية جمعاء كمخرج، ففي وقت يسود فيه العالم فساد اجتماعي وسياسي واقتصادي عارم وينتشر انحلال أخلاقي على نطاق واسع وتئن الاجيال الصاعدة من انتشار الجرائم والمخدرات من ناحية واحداث التفجير والتدمير من ناحية أخرى يجب على كاف اهل الاديان والفلسفات ان يهبوا لانقاذ الانسانية واصلاح الامور. فقد اصبح الناس كركاب السفينة اعلاها واسفلها، والعابثون يحاولون ان يحدثوا ثقباً او خرقاً في أسفل السفينة فان تركوا وما يريدون هلك الناس جميعاً وان اخذ على ايديهم نجوا جميعاً. واضاف : ان الاسلام قد سبق الاديان كلها بالدعوة الى الحوار الديني والوصول الى المشترك الفكري والانساني لتهدئة النفوس كما ارشد الى ادب الحوار واسلوب المخاطبة. فلا مجال للقول ان الانسان ذئب لأخيه الانسان ولا أن الكل في العالم حرب ضد الكل كما يراه الفيلسوف الانكليزي توماس هو بنز بل يؤكد الاسلام ان اصل الانسان واحد والناس سواسية كأسنان المشط. ولا يرى المسلمون ان الصدام بين الحضارات امر حتمي لا مجال للتعاون والتفاهم بين امة وأمة وبين حضارة وحضارة كما يدعي ذلك صموئيل هينتجنتون بل يؤكد الاسلام ان الاختلاف والتنوع للتعارف والتمايز وينادي : (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) الحجرات 13. ويبين : (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) المائدة 48 ويدعو بأعلى صوته : (قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله) آل عمران 64. وقال يحتاج الحوار الناجح مع أهل الديانات وأتباع الفلسفات الى المنطق السليم والتزام الموضوعية والاستدلال المقنع وسعة الأفق وروح التفاهم والتعاون بعيدا عن جو الغطرسة والاستكبار والمماراة والمخاصمة مع صدق النية للوصول الى نقاط الاتفاق واكتشاف القواسم المشتركة للتعايش الآمن بين كافة أجناس البشر. إن المسلمين في وضعهم الراهن ان كانت تنقصهم قوة السلاح فهم يمتلكون قوة الثقافة، والعقيدة الصافية، ومنظومة القيم الأخلاقية، وتخفيف التوتر بين الأمم أمر ضروري يتوقف عليه مصير الانسانية وترتبط به مصالح كافة الشعوب وفي الحوار مع الأديان والفلسفات والحضارات يجب التركيز على الرؤية المستقبلية، والتعرف على ما عند الغير من ثقافة وحضارة واكتشاف مجالات الاشتراك والتعاون، وان يكون حوار الحضارات فعلا متواصلاً لا رد فعل آني على موقف معين وان يراعى في الحوار آداب الخطاب مع الآخر حتى يكون مؤثراً وفعالاً ويتحقق الهدف المنشود.