قال المتنبي “ الشاعر الفارس المثقف “... اعز مكان في الدنا سرج سابح... وخير جليس في الزمان كتاب. إن اعز صديق صدوق لا يخذلك ولا يمل منك... بل يصبر عليك عندما تمل منه ثم تعود إليه في أي لحظة ولا يلومك هو الكتاب. ربما يقول مستعجل أو محب للانترنت لم يصبح للكتاب مجال او مكان في هذا الزمن والذي توفر فيه الكثير من وسائل التصفح والاطلاع السريعة والمريحة... التي تستوعب وتجلب لك كل شيء في ضغطة على أزرار أو لمسة لشاشة في جهاز. والرد على ذلك سهل... الدول المتقدمة والتي سبقتنا في كل شيء - مادي - والذين لم يرسلوا لنا التقنية ووسائل الراحة إلا بعد أن شبعوا منها تماما وفكروا في الذي هو أحسن منها. هؤلاء القوم رجالهم ونسائهم حتى صغارهم كانوا ولا زالوا لا يفارق الكتاب أيديهم في كل مكان وتحت أي ظرف وفي أي وقت... فنجدهم في المطارات والمتنزهات والحدائق والأسواق ووسائل المواصلات وأوقات راحتهم وفراغهم ممسك الواحد منهم بالكتاب أو الكتيب... كل في المجال الذي يهواه سياسة اقتصاد تقنية فن قصة مهن روايات مهارات وبحوث... الخ. ونحن امة اختار خالقها لها ان تكون امة قارئة بعد جهل مطبق... وعزيزة بعد ذل... أراد لها أن تكون خير الأمم بعد أن كانت تسام اشد العذاب من قبل القوى في ذلك الوقت ( روم - وفرس.... وغيرهم حتى من أبناء جلدتهم من الأقوياء ). فقد بدأت رسالة هذه الامة بالدعوة إلى القراءة حيث أول مانزل من الوحي على خير خلق الله محمد صلوات الله وسلامه عليه “ اقرأ”...مع هذا كله...نحن امة لا تقرأ. بل ان القراءة... اصبحت آخر ما نفكر فيه... “ للأسف الشديد “ وهذا كله سببه عدم الاهتمام بالاطلاع والقراءة والكتاب. والملفت للنظر ان عدم الاهتمام بالكتاب ليس فقط الفرد او الجمهور... بل تفشى هذا الداء العضال إلى الجهات الراعية والمسؤولة عن الكتاب والمكتبات مثل...التربية والتعليم والثقافة... واضرب لذلك مثلا :- قبل ايام... فتشت عن كتاب في مكتبتي الخاصة ولم أجده... فقلت لن أجده إلا في المكتبة العامة ولأني من ابناء منطقة مكةالمكرمة وفي محافظة جدة بالذات لم يكن أمامي إلا أن اذهب إلى المكتبة العامة في شارع الملك خالد “ رحمه الله “؟ “ الميناء سابقا “. وقد صدمت عندما ذهبت الى هذه المكتبة التي تقع في اعز واشرف منطقة مكةالمكرمة وأجمل محافظة جدة بوابة الحرمين فرغم أن زيارتي في المساء قبيل صلاة المغرب فقد وجدت شباب يعملون بها وسألتهم كم شخصاً يعمل في المساء بالمكتبة ؟... فقالوا نحن الخمسة... ثم قالوا من أنفسهم ولم اسألهم انه يعمل في الصباح خمسة عشر شخصا. سلمت على هؤلاء الشباب ودخلت المكتبة...فإذا بي ادخل مكان...حاراً جدا فالمكيفات لا تعمل والكتب غير مرتبة... وقزاز الحيطان والمناور...إما مكسور أو فيه فجوات تدخل منها الأتربة وأجهزة الحاسب وضعت في مكان ضيق وعلى استحياء ولا تعمل والكتب والمراجع صالاتها ساخنة جدا إلا صالة واحدة فقط والكتب والمراجع مكدسة بعضها فوق بعض كأنه مستودع وليس مكتبة عامة...والسؤال هنا :- | هل هذا مستوى مكتبة عامة ؟!... وأين؟!... في محافظة جدة !! | وهل هذا هو الاهتمام بالشباب واستيعابهم وترغيبهم في الاستفادة من أوقات فراغهم ؟! | وهل هذا هو الاهتمام بالفكر والثقافة والكتاب ؟! | وهل هذا هو التشجيع والتحفيز للناس... بشكل عام... لكي يستفيدوا من أوقاتهم ؟! هذا ما شاهدته بأم عيني في المكتبة العامة بمحافظة جدة... عروس البحر الأحمر بوابة الحرمين والعاصمة الاقتصادية لبلدنا الغالي...ولو قيل لي انها وصلت الى هذا المستوى بهذا الوضع لما صدقت... لكن شاهدت ودهشت... ما آلت إليه هذه المكتبة في هذه المحافظة. ولن يقبل الاحتجاج بان المكتبات العامة كانت تحت إشراف وزارة المعارف التي تحول اسمها إلى وزارة التربية والتعليم ثم تحولت منها إلى وزارة الإعلام والتي تحول اسمها الى وزارة الثقافة والإعلام فانضمت بالتالي شؤون الثقافة إليها...وبالتالي المكتبات العامة... فاين كان التطوير عنها سواء عند هذه الوزارة أو تلك...؟! مع إشادتي بما وصل اليه مجال الإعلام والثقافة في بلادنا الآن مقارنة بالماضي... والماضي القريب جدا... لكن يجب ان يعطى كل مجال من المجالات الإعلامية حقه ولا يركز على مجال على حساب المجال الآخر...والله المستعان. [email protected] فاكس : 6292368 : 02