الصحة تاج على رؤوس الأصحاء , شعار دائما ما نسمعه أو نقرأ عنه في وسائل الإعلام المختلفة وبالتأكيد فإن نعمة الصحة واحدة من اكبر نعم الله علينا والتي لا حصر لها , وعلى الرغم من يقيننا التام بذلك إلا أن الغالبية العظمى لا تطبق هذا الشعار ولا تعلم حقا قيمة الصحة إلا في حال المرض , وقد انتشرت في عصرنا الحالي الكثير من العادات الصحية السيئة والكثير من الأشياء التي فرضتها علينا العولمة والحياة المدنية وباتت إحدى مكونات مجتمع المدينة الصاخب ومن تلك الأشياء ما يتعلق بالمأكل أو المشرب وغيرها من الأمور , ولأهمية دور الصحة في سلامة وتنمية المجتمعات البشرية فقد أولت حكومتنا الرشيدة الكثير من الاهتمام بصحة المواطن وعافيته , وما الطفرة التي تمربها حاليا في هذا القطاع إلا نتاج لذلك. إحدى أسوأ العادات غير الصحية التي انتشرت بشكل كبير بين شباب المملكة تتمثل في آفة التدخين , ولربما ساهم الإعلام السلبي كثيرا في انتشار هذه الآفة بالإضافة إلى ثقافة التجربة وحسب الاستطلاع الشائعة كثيرا في الشخصية العربية , وعلى الرغم من أضرار التدخين والتي بات يعلمها الكبير والصغير وباتت مكتوبة وبصيغة محفوظة على جميع علب السجائر إلا أننا نجد تزايدا كبيرا في أعداد المدخنين في المملكة وخاصة بين المراهقين والذين فضلوا هدر صحتهم في سن مبكرة لا لسبب سوى تقليد الغير وحب الاستكشاف , ولا مستفيد من جراء ذلك سوى شركات التبغ والتي باتت المملكة وغيرها من الدول العربية البيئة الأمثل من اجل الترويج لمنتجاتها. وحاليا فقد تناولت بعض وسائل الإعلام وجود مشروع في مجلس الشورى يهدف إلى رفع أسعار السجائر ومشتقاتها إلى 100% وهو أمر إن دل على شيء فإنما يدل على وعي المملكة إلى حجم هذه المشكلة المتنامية ورغبتها الجدية في القضاء عليها خاصة بين المراهقين والذين سيجدون صعوبة في تأمين قيمة علبة السجائر الجديدة بالإضافة إلى أن الفئات الأخرى من المدخنين ستفكر في الاقتصاد وعدم الشراهة في التدخين لأمور مالية , وبالطبع فإن أي مواطن ايجابي يشعر بالغيرة على شباب وطنه سيكون سعيدا بقرار كهذا ,ولكن على الجانب الآخر ستجد أن شركات التبغ ستكون أيضا مستفيدة من هذا الارتفاع حتى إن ارتفعت الضريبة على السجائر لأن هناك فئات أخرى لن تستطيع الإقلاع عن التدخين وقد تعوض شركات السجائر عن عزوف البعض الآخر عن الشراء , وبالتالي فإن عقوبة رفع أسعار السجائر غير كافية لردع شركات التدخين ولن تلحق الضرر بها. ولكن لماذا لا تجبر المملكة شركات التدخين على القيام بنشاط اجتماعي تعوض به ما تقوم بنشره من سموم في مجتمعنا كأن تقوم مثلا ببناء مستشفى لمعالجة ضحايا التدخين مثل ما حصل في بعض الدول الأوربية وفي أمريكا، أو أن تقوم بتعويض المدخن ومعالجته على حسابها الشخصي , أؤيد وأشد على يد حكومتنا في قرارها في رفع أسعار السجائر ولكني أرغب أن أرى تفاعلا من شركات التدخين مع ضحاياها ومحاولة تعويضهم عن الضرر الذي أصابهم رغم أن الصحة لم ولن تعوض. والله من وراء القصد