تمنى الشهادة، ونالها.. ربما كانت أمله بالفعل عند دخوله للجيش وحمل السلاح.. أحس أنه بطلًا من نوع خاص، يقف على الحد الجنوبي حارسًا للمملكة، واقفًا بفخر وعزة وفي يده سلاحه وعرقه ينصب على جبينه من لهيب الشمس، ولكن هذا لن يُثنيه، عن الرقيب مشعان بن عقاب العنزي، نتحدث، الذي اختار حراسة الحد الجنوبي رغم إمكانية نقله إلى الحدود الشمالية . والشهيد من مواليد الرياض، انضم لقطار طويل أبيض اللون ركبه شهداء قبله، حجز مكانًا فيه واعتلاه ملوحًا بيده للأحياء، متمنيًا لهم النصر المُنتظر.. كان يوم أول أمس هو تاريخ استشهاده في قطاع سقام في مدينة نجران، وكان يرددها دومًا دون أن يمل “نحن لا نستسلم.. الشهادة أو النصر”، ليحصل على الأولى وتنتظر روحه الطاهرة الثانية بفارغ الصبر. “كان محبًا للخير بارًا بوالديه”، هكذا وصفه الشيخ سعود بن سميح العنزي، أحد أقاربه، في حديثه ل”المواطن”، موضحًا أن الشهيد وُلِد في مدينة الرياض ووالده متوفي ووالدته على قيد الحياة، وهو متزوج وله ثلاثة أولاد أكبرهم، عادل، ويبلغ من العمر ثمان سنوات.. هذا الطفل الذي سيفخر يومًا بأن أباه بطلًا. وشهادة الشيخ سعود تستمر بقوله: إن الشهيد كان حسن العشرة مع الجميع غيور على دينه ووطنه، وكان يردد كثيرًا قول: “نحن لم نأت هنا إلا للنصر أو الشهادة ولن نرجع إلا بأحدهما”. وكان الشهيد يوصي أهله بعدم الجزع أو التضجر إذا حدث له شيء، ويقول “نحن نبحث عن هذا”، في إشارة منه إلى “الشهادة”، وبالفعل أعطى له الله مراده، ليضيف العنزي قائلًا: إن ما لا يعرفه الكثير عن البطل مشعان عقاب العنزي أنه عندما جاء التشكيل اختار الحد الجنوبي على الحدود الشمالية بغية نيل الشهادة أو النصر للوطن. وأردف متأثرًا: إن الشهيد كان حريصًا على أن يكون في الخطوط المتقدمة، وكان حريصًا أيضًا على أن يكون معه من الزملاء المعروفين بالشجاعة والإقدام. الحرص على الجمع بين عبادة الصيام، والجهاد في سبيل الله كان أساس فكره، لذا رفض الشهيد الفطر في رمضان على الرغم من جواز ذلك. وعن شقيقه نتحدث، والذي كان فخورًا بشهادة البطل، حتى إن الشيخ العنزي اتصل به وقال له: “هل أعزيك أم أهنئك”، ليرد عليها قائلًا بثقة لا تخلو من حزن الفراق “بل هنئني”، وهو ما يعكس قول العنزي.. إن أهل الشهيد ووالده معروفون بالشجاعة والتضحية والفداء للدين ثم للوطن، فهذا ما وضح منهم، وهذا ما أثبتته شهادة مشعان رحمه الله.