يوميًا يلتحق مئات الأشخاص من الذكور والإناث برحلة البحث عن الجمال، يتطلعون إلى مظهر أفضل أو للتخلص من شائبة هنا وطفرة هناك، وعلى الرغم من مخاطرها يعتبرها البعض ترفًا زائدًا ويراها آخرون ضرورة ملحة تعزز الثقة بالنفس وتمنح الإنسان روحًا جديدة. “المواطن” راقبت الظاهرة وبيَّنت أرقامًا صادمة وحقائق مجهولة لا يعرفها الكثير من الناس، أولها أن المملكة تحتل المرتبة الأولى عربيًا من ضمن أكثر 25 دولة في العالم تنتشر فيها عمليات التجميل، وفق إحصائية للجمعية الدولية للجراحة التجميلية. وأكثر العمليات غير الجراحية رواجًا هي حقن الدهون في الوجه وإزالة الشعر “بالليزر”، أما بالنسبة للعمليات الجراحية فتعتبر عمليات تجميل الأنف وشد الوجه وشفط الدهون، أكثر العمليات الجراحية إقبالًا. وكشف تقرير حديث لشركة “يورومونيتور إنترناشيونال”، أن المملكة تتصدر سوق الجمال والتجميل على مستوى المنطقة العربية وعموم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متفوقة على إيران، التي جاءت في المركز الثاني والإمارات العربية، ثالثا. أرقام صادمة وبلغ عدد العمليات التي أجريت في المملكة عام 2010، بلغ 141 ألف عملية، وتضاعف الرقم خلال عام 2014، حيث بلغت قيمة سوق التجميل وجراحاته 4 مليارات ريال، وسط توقعات بأن يصل حجمه إلى 5 مليارات، خلال العامين المقبلين 2015 و2016، نظرًا لزيادة الإقبال على التجميل بكل مجالاته من الجنسين. وأكدت دراسة صحية حديثة أعدتها المدير العام لمكتب معارف الصحة بالمنطقة الشرقية الدكتورة ناهدة الزهير، أن 90%، من السعوديات غير راضيات عن مظهرهن وجمالهن الخارجي، موضحة أن مدينة جدة لوحدها تضم 400 عيادة تجميل. وأضافت الدراسة أن زيادة إقبال السعوديات على عمليات التجميل بلغت نسبة 40%، بين الفئة العمرية 28 – 37، و18% بين 20 – 30، و25% بين 37 – 50، فيما بلغت نسبة الفتيات اللاتي أكدن إحتمالية لجوئهن لعمليات التجميل 37% ما بين 15 – 17 عاما، في حين أظهرت الدراسة أن نسبة السيدات اللاتي لا يلجأن لعمليات التجميل 17%. وأشارت وزارة الصحة في إحصاءات سابقة، إلى إجراء 14 ألفا و412 سعودية عمليات تجميل، كانت مدينة الرياض في الصدارة، بواقع 8504 عمليات، بينما احتلت جدة المركز الثاني ب3384 عملية، تليها المنطقة الشرقية بواقع 1318 عملية تجميل، وكانت عملية “نحت الجسم” هي الأكثر طلبًا، بخلاف الأرقام العالمية، التي تشير إلى أن تجميل الصدر هو الأكثر إجراء. وعالميًا، ارتفعت نسبة عمليات التجميل 700% خلال الأعوام العشرة الماضية، وبلغ عدد الأطباء المصرح لهم بإجراء عمليات التجميل نحو 20 ألف، طبيب تجميل حول العالم، حيث أن نحو 15 مليون شخص خضعوا لعمليات تجميل عام 2011، وأنفق نحو 40 مليار دولار على عمليات التجميل، التي وقعت حول العالم في عام 2013 وحده. الرجال يزاحمون النساء ويتطلع الكثير من الرجال في المملكة إلى إجراء عمليات تجميل، وفق دراسة علمية قامت بها طالبات كلية الطب في جامعة الملك سعود، والتي أكدت أن 30%، من الرجال السعوديين يتطلعون إلى إجراء عمليات جراحية في معظمها لتجميل الأنف أو لشفط الدهون. وأوضح استشاري التجميل الدكتور بشر الشنواني، أنَّ “التجميل في السابق كان يتركز بين النساء من عمر 40 عاما فما فوق، ولكن مع تطور جراحة التجميل وزيادة الأطباء الأكفاء في هذا المجال أصبح التجميل يبدأ من عمر 18 عامًا ويصل إلى 65 عامًا من كلا الجنسين”. وأضاف الشنواني، أن “الفئة من 18 إلى 28 عاما، هي الأكثر إقبالًا على عمليات نحت الخصر وشد عضلات البطن وتجميل الأنف، أما الفئة العمرية من 28 إلى 35 من الجنسين، فإنها تخضع لعمليات شد الوجه من دون جراحة وعمليات شفط الدهون”. مخاطر جراحات التجميل ويشدد جراحو التجميل على وجوب توخي الحذر قبل اللجوء إلى الحلول الجراحية، خاصة بالنسبة لصغار السن، فعمليات تجميل الأنف يجب ألا تُجرى للذين تحت عمر الثامنة عشرة، كون عظام الوجه لديهم لا تزال في طور النمو، أما عمليات الصدر، فتتم لمن هم فوق الخامسة والعشرين من العمر، وعمليات شفط الدهون لمن هم فوق الثلاثين. وتحذر وزارة الصحة، من إجراء العمليات لدى غير المختصين، أو في الخارج، حيث ينصب إهتمام الطبيب على المادة، متجاهلًا في معظم الأحيان، مصلحة المريض، مؤكدة خطورة الإنسياق خلف الإعلانات الوهمية أو الطبيب، لا سيما إذا كان من إحدى الجنسيات الأجنبية دون معرفة مؤهلاته وخبراته. استنساخ صور النجوم والمشاهير ويرجع تاريخ إجراء عمليات التجميل إلى الحرب العالمية الأولى والثانية، بعد أن رجع الآلاف من الجنود مشوهين نتيجة الإصابة؛ لكنها تحولت تدريجيًا من تصحيح تشوه إلى تصحيح الأطراف غير الضروري. ويصنف خبراء في علم النفس هذا الواقع في إطار الخلل بالشخصية مع التطلع الأعمى لاستنساخ صور النجوم والمشاهير، فيما يقول مختصون إن 70%، من النساء والرجال حول العالم يخضعون لعمليات تجميل دون الحاجة إليها. ويؤكد خبراء الطب النفسي، أن المرء مهما خضع لعمليات تجميلية فلن يصل إلى درجة الإقتناع، لأن المشكلة ليست في الشكل بل في طريقة التفكير والمقارنة اللامنطقية بين الشخص والآخر.