انتشرت في الآونة الأخيرة حمى التنافس للوصول إلى الجمال، ووصل اهتمام الفتيات ب «النيو لوك» إلى حد الهوس، بل إن الاهتمام وصل إلى محيط الرجال، خصوصا الإعلاميين ونجوم الفن. «عكاظ» رصدت أبرز الدوافع التي تقود المرأة إلى عيادات التجميل، وتباينت الآراء بين فتاة تحلم بجسم متناسق وأخرى تطمح لشفاة ممتلئة وأنف مميز، وثالثة تسعى لطمس معالم الشيخوخة والمحافظة على نضارة وجهها، كما أن بعض الفتيات يتوجهن لإجراء العمليات لمجرد إحساسهن بالملل ورغبتهن في أي تغير يشعرهن بالراحة. ولتحقيق كل هذه الطموحات تبرز الكثير من «الصيحات الجديدة» في عالم التجميل التي يحاول المهتمون بسوق التجميل ترويجها على أنها المفتاح السحري الذي يستطيع أن يفتح للفتاة فضاءات أرحب في عالم الأناقة والجمال. من جانب آخر، أكد خبراء التجميل أن السعودية تتصدر الدول العربية في عدد عمليات التجميل، موضحين أن المملكة تأتي من ضمن أكثر 25 دولة في العالم تنتشر فيها عمليات التجميل، وأشاروا إلى أن عدد العمليات التي أجريت في المملكة 2010 بلغ 141 ألف عملية، مؤكدين أن الرقم تضاعف في 2015، لافتين إلى أن سوق التجميل وجراحاته يصل عالميا إلى 160 مليار دولار، عازين تلك الزيادة إلى الإقبال على التجميل بكل مجالاته من الجنسين. وحذر خبراء التجميل من الانسياق خلف الإعلانات الوهمية أو بعض الأطباء الذين يهتمون بالكسب المالي بعيدا عن أخلاقيات المهنة، لا سيما إذا كان مراجع العيادة لا يعلم شيئا عن مؤهلات وخبرات الطبيب. ساقان نحيفتان في البداية، تحدثت ابنة ال 30 عاما زينب إلى «عكاظ» قائلة: «كنت أخجل دائما لأني أملك ساقين نحيفتين وكنت محرومة من لبس القصير وكل ملابس تظهر الساقين، وفي أحد الأيام تعرفت عن طريق زميلاتي على ممرضة من الجنسية الفلبينية يأتون بها إلى المنزل لتحقن لهن وجوههن بمادة «البتكس» بأسعار زهيدة أقل كثيرا من أسعار العيادات التجميلية». وتتابع زينب حديثها ل «عكاظ» «طلبت مقابلتها وعرضت عليها مشكلتي فبادرتني بقولها أمرك بسيط، سوف أعمل لك أجمل ساقين في الدنيا، طرت فرحا بكلامها وسلمت لها نفسي لتبدأ حقن ساقي بمادة لا أعلم ما هي، وبدت ساقاي في البداية مدورة وجميلة وسعدت بها، ولكن بعد مرور أسبوعين بدأت أشعر بآلام حادة وتحجر في الساقين وتغير لونهما، وعندها حاولت الاتصال بالممرضة لم ترد على اتصالاتي، ذهبت إلى طبيب تجميل متخصص وحاول إجراء فتحتين في ساقي وسحب منهما المادة التي قال لي بإنها غير معروفة وتسببت في التهاب في الأنسجة، وأشار إلى أنه لا يستطيع سحبها كاملة بسبب حساسية منطقة الساقين كونها مليئة بالشرايين والأوردة مما يشكل خطورة بالغة». وخصلت زينب للقول إنها ما زالت تعاني وأن هوس الجمال شوه ساقيها وأصبحت تتمنى أن ترجع إلى وضعهما الطبيعي، فقد أصبحت تخجل منهما أكثر من ذي قبل، حيث تعاني من تورمهما ولونهما الأسود، فضلا عن الألم بعد بذل أي مجهود. وأشارت زينب إلى أن زميلاتها اللاتي خضعن لعمليات الحقن من قبل الممرضة، يشاركنها المعاناة والآلام، فمنهن من نفخت بعض أجزاء جسمها ومنهن من نفخت خديها وجميعهن لا يزلن يعانين من آثار تلك العمليات. من جانبها، رأت ليلى ابنة ال 35 عاما، أن إجراء خمس إلى ست عمليات في العام أمر طبيعي، كون ذلك يساعد المرأة ويحافظ على جمالها، فضلا عن محاربة التقدم في السن. وأضافت «التبكير في إجراء عمليات التجميل يساعد في إخفاء علامات الشيخوخة»، ورغم تشبثها بالحقن وعمليات التجميل إلا أنها حذرت من بعض الأطباء وخبراء التجميل، موضحة أن آخر عملية خضعت لها حولتها للأسف إلى كائن غريب بعد حقن وجهها وخديها، حيث تغيرت ملامحها وأصبحت إنسانة أخرى أقرب إلى البشاعة منها إلى الجمال. الطبيب الموثوق سحر تؤكد ضرورة عمليات التجميل في حياة السيدة ولكن اختيار الطبيب الموثوق شرط لنجاح أي عملية، وتقول: «أنا أخضع في السنة إلى ثلاث أو أربع عمليات تجميلية ولكن يجب أن اختار الطبيب المجرب والموثوق، حتى لا أتعرض إلى ما لا يحمد عقباه». وتضيف «بدأت عمليات التجميل قبل سبع سنوات والحمد لله لم أزدد إلا جمالا وشبابا فقبل أي مناسبة لا بد أن أجري بعض التحسينات التجميلية على شكلي لكي أبدو أجمل وأظهر ب «النيو لوك». سامية تحدثت عن عمليات التجميل بحسرة وألم فقد تسببت عملية تكميم المعدة بموت شقيقتها التي كانت تعاني من زيادة في الوزن مما جعلها تتوجه إلى الأردن لإجراء عملية التكميم هناك بسبب انخفاض السعر، ولكن للأسف حدثت مضاعفات أثناء العملية وفقدت أختها. وتضيف سامية «كان حلم أختي أن تكون رشيقة فقد زاد وزنها عن 140 كيلو غراما، مما جعل زوجها يتهكم عليها ويناديها بالعديد من الألقاب التي تؤذي مشاعرها، وذات يوم حضر إليها سعيدا، وقال لها إن أحد زملائه في العمل أصبح رشيقا بعد أن كان من أصحاب الأوزان الثقيلة بسبب عملية أجراها في الأردن بمبلغ زهيد، بعد ذلك سافرت أختي مع زوجها بحثا عن الجمال فعادت جثة في صندوق للأسف الشديد، وأصيب زوجها باكتئاب لأنه كان يشعر أنه السبب». ورأت سامية أن سوء اختيار الطبيب والتسرع من أسباب الفشل. من جانب آخر، أوضح استشاري جراحة التجميل عضو الجمعية العالمية لجراحات التجميل الدكتور بشر الشنواني ل «عكاظ» أن نسبة الرجال المهتمين بعمليات التجميل تضاعفت وأن غالبيتهم عمليات تصغير الثدي وجراحة شد الجلد الزائد والترهلات الناتجة عن عمليات تخفيف الوزن إضافة إلى عمليات زراعة الشعر وشفط الدهون، مبينا أن الموسم الرئيسي لعمليات التجميل بالنسبة للنساء هو الإجازات وفترة الصيف والأعراس. ولفت الشنواني إلى أن التجميل في السابق كان يبدأ من عمر 40 عاما وما فوق، ولكن مع تطور جراحة التجميل وزيادة الأطباء الأكفاء في هذا المجال أصبح التجميل يبدأ من عمر 18 عاما ويصل إلى 65 عاما، موضحا أن الفئة من 18 إلى 28 عاما هي الأكثر إقبالا على عمليات نحت الخصر وشد عضلات البطن وتجميل الأنف، أما الفئة العمرية من 28 إلى 35 من الجنسين، فإنها تخضع لعمليات شد الوجه دون جراحة وعمليات شفط الدهون، مؤكدا أن نسبة إقبال السيدات على التجميل تزيد بعد سن 35 بعد انتهائهن من مرحلة الحمل والولادة، وذلك للمحافظة على شكل أجسامهن وأنوثتهن. إبر التعبئة والبوتكس الأكثر رواجاً أكد استشاري جراحة السمنة والمناظير الدكتور مشعل الشمري ل «عكاظ» أهمية التجميل وزيادة الوعي به، مبينا أن كثيرا من السيدات يقبلن عليه لحاجتهن له، وقال: إن الإنجاب والرضاعة وعامل السن تؤثر جميعها بشكل سلبي في شكل جسم المرأة، وفي أغلب الأوقات يتطلب الأمر إجراء عمليات لإعادة وتحسين وضع الصدر والبطن. وقسّم الشمري التجميل إلى نوعين، الأول يتمثل في العمليات غير الجراحية التي يندرج تحتها أطباء الجلد، الذين يقومون أيضا بحقن الوجه بالبوتوكس وغيره. أما النوع الثاني فيتمثل في التجميل الجراحي الذي يدخل تحته تجميل الحوادث وتصحيح العيوب الخلقية والحروق وعظام الفكين. ولفت إلى أن التجميل المتعارف عليه والأكثر شيوعا يتمثل في عمليات شفط الدهون وتجميل الأنف، يندرج تحت فئة خاصة عرفت بالتجميل، لكنها في اللغة الإنجليزية تعني التجميل والترميم. وعن أكثر العمليات التجميلية رواجا في السعودية، قال: إن إبر التعبئة والبوتوكس والميزو هي التي تتصدر قائمة عيادات التجميل، إضافة إلى عمليات الأنف وشد البطن ورفع وشد الصدر بالنسبة للسيدات. وبين أن أكثر العمليات الدارجة بالنسبة للشابات الصغيرات، تكون في الغالب غير جراحية، مثل تعبئة البوتوكس والفيلر، وهي عمليات وصفها بأنها قليلة السلبيات، وتعمل على تحسين المظهر ورفع الثقة بالنفس. أما بالنسبة للعمليات الجراحية التي تقبل عليها الفتيات قبل سن الزواج، فأوضح أن عمليات تكبير الصدر تتصدر القائمة، وتتم في الغالب لحاجة ماسة وليست بغرض الترفيه فحسب، إضافة إلى عمليات شفط الدهون الموجودة في مناطق معينة، وتتطلب نحت الجسم لجعله بشكل أفضل. ومع ذلك يقول إنه لا يوجد حتى الآن إحصاء يحدد نسبة عمليات التجميل، كالشد وشفط الدهون في السعودية. 40 % من عمليات التجميل للرجال فيما أكد استشاري جراحة التجميل في مستشفى الملك خالد الجامعي عضو هيئة التدريس في كلية الطب عضو الجمعية الأمريكية لجراحة التجميل الدكتور خالد بن جمعان الزهراني، أن وعي السعوديين بعمليات التجميل زاد على محورين، الأول هو زيادة درايتهم بالتجميل وأنواعه ولكنه وعي غير مكتمل، أما المحور الثاني فهو وعي أيضا ولكنه محدود في معرفة الطبيب المعالج ومعرفة مضاعفات التجميل من مشكلات وتشوهات، فالبعض لا يعرف ماذا يريد من التجميل وأنها عمليات لها مضاعفات. وقال إن البعض يأتي لا يعرف ماذا يريد، يريد التغير فقط دون ذكر الأسباب. ولفت الزهراني إلى أن حجم سوق التجميل في الأجهزة والمستشفيات والمواد والكوادر يتجاوز 4 مليارات ريال، متوقعا أن يزيد بحكم الإقبال المتزايد، مؤكدا أن العاصمة الرياض الأعلى تليها جدة ثم المنطقة الشرقية. وقال إنه من الضرورة التأكد من مرجعية الطبيب ومؤهلاته وخبراته و المواد المستخدمة في العمليات التجميلية. وكشف الزهراني أن الزيادة السنوية على الإقبال على عمليات التجميل تتجاوز 15 في المئة، إلا أنه يتوقع أن تزيد وبشكل كبير خلال النصف الأول من 2016، موضحا أنه من خلال دراسة مسحية أجريت في العاصمة الرياض حول السيدات ورغبتهن في الخضوع لعمليات التجميل وجد أن 25 في المئة منهن لديهن الرغبة وبشدة في الخضوع لعمليات التجميل وذلك بسبب الرخاء والاستقرار المادي، والقدرة على إجراء العمليات، مبينا أن 40 في المئة في الوقت الحالي من الخاضعين لعمليات التجميل من الرجال، وتتركز عملياتهم في الثدي وشفط الدهون والخصر وزراعة الشعر، لافتا إلى أن أكثر فئات الرجال العمرية إقبالا من 20 إلى 40 عاما، أما النساء فكل الأعمار. وقال: إن السعوديات يفضلن الطبيب غير السعودي رغم أن هناك أطباء أكفاء واستشاريين سعوديين ينافسون على مستوى العالم. هذا وتحدث الزهراني عن موسم عمليات التجميل التي تكثر في الصيف وموسم السفر والأعراس، مشيرا إلى أن موظفات القطاع الإعلامي والقطاع الخاص والمعلمات الأكثر إقبالا على عمليات التجميل. وحذر من الوقوع ضحية لبعض ضعاف النفوس -على حد وصفه-، الذين يخدعون المرضى باستخدامهم مواد غير جيدة وأدوات غير متخصصة الهدف منها ربحي في المقام الأول إضافة إلى عدم إتقانهم هذه العمليات أو تخصصهم فيها، وهذا ما يجعل الاستفسار عن سمعة الطبيب وخبرته والتأكد من خلو ملفه المهني من أخطاء طبية، ضرورة قبل القيام بأي خطوة.