بدأت المملكة خلال الأسابيع الماضية عهدًا جديدًا من التواصل مع الإعلام الدولي بشكل مباشر للتصدي للأكاذيب والشائعات التي تروج في بعض الصحف الأجنبية للنيل من المملكة، خاصة بعد قيادتها لتحالف عربي ضد الحوثيين في اليمن. وامتد هذا التواصل شرقًا وغربًا ليشمل التواصل مع الإعلام الأمريكي والبريطاني والهندي، لتوضيح الصورة الصحيحة عن المملكة بدلًا من الصورة الزائفة التي يحاول بعض الكتاب والصحفيين ترويجها للرأي العام العالمي، من أجل الضغط على الساسة هناك والإضرار بالمصالح المشتركة بين دولهم والمملكة. وقاد هذا العهد الجديد من التواصل بين المملكة والإعلام الأجنبي، ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي استضاف في مكتبه الكاتب الأمريكي الشهير “توماس فريدمان” قبل أيام، والذي قام بدوره بنشر أجزاء مما دار في الحوار بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية على لسان ولي ولي العهد. بريطانيا: أرسلت المملكة لصحيفة “تليجراف” البريطانية قبل أيام توضيحًا بشأن عدد من القضايا المثارة في الإعلام البريطاني والتي تُستغل للهجوم على المملكة وثوابتها. ونشر الأمير محمد بن نواف سفير المملكة لدى لندن قبل أسابيع مقالًا رد فيه على اتهامات مثارة من بعض الساسة البريطانيين ضد المملكة، وأكد فيه التزام الرياض بثوابت الإسلام ورفضها التدخل في شؤونها الداخلية. الهند: أرسل سفير المملكة في الهند قبل أيام رسالة لصحيفة هندية رد فيها على مزاعم افتتاحيتها ضد المملكة بشأن عدد من القضايا، بينها قضية خادمة هندية فقدت يدها خلال محاولتها الهرب. لقاء ولي ولي العهد بالكاتب الأمريكي “توماس فريدمان”: كان الكاتب الصحفي الأمريكي الشهير “توماس فريدمان” كشف جانبًا من تفاصيل لقائه مع ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في مكتبه خلال زيارته للسعودية، وعن الجهود التي تُبذل من أجل رقي المملكة. وأشار “فريدمان”، في مقال نشره بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إلى أن المشاريع الرئيسية للأمير محمد بن سلمان، والذي يرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، عبارة عن لوحة قياس حكومية على الإنترنت تعرض بشفافية أهداف كل وزارة من خلال مؤشر الأداء الرئيسي، وسيتم من خلال ذلك محاسبة كل وزير. وأشار “فريدمان” إلى أن فكرة ولي ولي العهد تستهدف إشراك كل المملكة في الأداء الحكومي؛ وبالتالي أصبحت القرارات الكبرى التي يتم اتخاذها في عامين تحدث في أسبوعين. ونقل “فريدمان” عن ولي ولي العهد أن التحديات الرئيسية تتمثل في الاعتماد المفرط على النفط والطريقة التي تُعد وتنفق بها الميزانية. ولفت “فريدمان” إلى أن الأمير محمد بن سلمان يخلق الحوافز التي تشجع المواطنين السعوديين على الالتحاق بالقطاع الخاص، ف70% من السعوديين تحت سن 30 عامًا، ووجهة نظرهم تختلف عن باقي ال30%، والعمل يجري لخلق وطن لهم يريدون العيش فيه في المستقبل. مقال شديد اللهجة من سفير المملكة في لندن: نشرت صحيفة “تليجراف” البريطانية مقالًا للأمير “محمد بن نواف بن عبدالعزيز” سفير المملكة في بريطانيا رد فيه على تدخل بعض الساسة البريطانيين في الشأن الداخلي السعودي، وما روجته بعض وسائل الإعلام الغربية من شائعات مؤخرًا ضد المملكة. وتحدث السفير السعودي في مقاله عن أهمية المملكة لأمن الشرق الأوسط وبريطانيا، فضلًا عن دورها الحيوي في العالم العربي. وحذّر سفير المملكة من بعض أولئك الذين يحاولون الإضرار بالشراكة الإستراتيجية الثنائية بين البلدين، مشيرًا إلى أن الشراكة بين الرياضولندن تتعرض بشكل مفاجئ لتهديد. وأكد السفير السعودي أن المملكة دولة ذات سيادة وتقاد من قبل حكام المملكة وحدهم الذين يقودهم الإسلام وحده، فالإسلام هو دين المملكة ودستورها يستند إلى القرآن الكريم، ونظامها القضائي مستقل ويستند إلى الشريعة الإسلامية. وأشار إلى أن المملكة كما أنها تحترم التقاليد المحلية والقوانين ودين بريطانيا، فإنها تتوقع من لندن كذلك أن تبادل الرياض نفس الاحترام، فهي لا تريد معاملة خاصة لكنها تتوقع معاملة نزيهة. وتحدث عن أن المملكة وبريطانيا محظوظان؛ لأن لديهما تحالفًا قويًّا يعود إلى ما قبل تأسيس المملكة في 1932م، وحتى قبل أسابيع قليلة كان هناك اعتقاد بأن هذا التحالف لم يكن هناك ما هو أقوى منه. وأضاف أن مساهمة المملكة في أمن واقتصاد بريطانيا وفرت الأسس لبناء العلاقات الثنائية بينهما؛ مما سمح بانتعاش تجاري وتبادل ثقافي وتعاون عسكري بين البلدين. وأشار إلى أن المملكة توفر سبل العيش لنحو 50 ألف أسرة بريطانية، سواء في لندن أو الرياض؛ نتيجة العقود التجارية التي تصل قيمتها لعشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية، كما أن السعوديين لديهم استثمارات خاصة في بريطانيا تصل إلى 90 مليار جنيه إسترليني. واعتبر سفير المملكة أن أحد الأمثلة على خرق هذا الاحترام المشترك بين البلدين يتمثل في حديث “جيرمي كوربين” زعيم المعارضة عن أنه أقنع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإلغاء عقد الاستشارة بين بريطانيا والمملكة المتعلق بالسجون السعودية، والذي تصل قيمته إلى 5.9 مليون جنيه إسترليني، وسط تخمينات بأن قرار إلغاء التعاقد مرتبط بعدد من الأحداث الداخلية في المملكة. وحذر من أن العلاقات التجارية بين البلدين إذا أصبحت تابعة للأيديولوجيات السياسية فإن التبادل التجاري الحيوي سيكون في خطر. وأكد الأمير محمد بن نواف أن المملكة تريد للعلاقة القوية مع بريطانيا أن تستمر، لكن الرياض لن تتلقى محاضرات من أي شخص، معتبرًا أن القرارات المتسرعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل تضر بشكل كبير أكثر مما تنفع على المدى البعيد. وتطرق الأمير محمد بن نواف إلى بعض الاتهامات الموجهة للمملكة، فيما يتعلق بعدم القيام بالجهد الكافي في محاربة الجماعات الإرهابية، مؤكدًا أن المملكة هي أكبر البلدان التي تكافح ضد التطرف وما زالت هدفًا لهذه المنظمات أكثر من البلدان الغربية. وتناول الادعاءات أن المملكة مصدر لا قيمة له استخباراتيًّا فيما يتعلق بأنشطة الجماعات الإرهابية، فيما أشار ابن نواف إلى أن معلومات من الاستخبارات السعودية في 2010م تسببت في نجاح كبير مضاد للإرهاب من خلال إفشال محاولة لتفجير طائرة شحن فوق بريطانيا، وهي الحقيقة التي أكدها رئيس الوزراء البريطاني. وذكر أن هناك انتقادات توجه للمملكة بشأن تعاملها مع أزمة اللاجئين السوريين، وهي انتقادات غير نزيهة، وفشلت في الاعتراف بأن المملكة لديها أكثر من 2.5 مليون مشرد سوري. وأشاد السفير بتصريحات وزير الخارجية البريطاني “فيليب هاموند” في مؤتمر لحزب المحافظين، والتي اعتبر فيها أن أمن الخليج هو أمن بريطانيا. وطالب بضرورة أن تعامَل المملكة بنفس الاحترام الذي تعامَل به بريطانيا من أجل تعزيز المصالح الإستراتيجية المشتركة بينهما في السنوات المقبلة في ظل التهديدات المتنوعة التي يواجهونها. سفير المملكة في الهند يرد على افتتاحية “هندستان تايمز”: نشرت صحيفة “هندستان تايمز” الهندية رسالة بعث بها السفير السعودي لدى الهند الدكتور “سعود الساطي” للصحيفة ردًّا على افتتاحية نشرتها في 6 نوفمبر الجاري بعنوان “ادفعوا الرياض نحو التغيير.. الهند ينبغي أن تفعل المزيد لحماية من يذهبون للسعودية من أجل العمل”. وأشار السفير السعودي في رسالته التي نشرتها الصحيفة الهندية إلى أن الافتتاحية المنشورة في 6 نوفمبر رسمت صورة سلبية وغير حقيقية عن المملكة وأوضاع العمال الهنود فيها. وعبّر السفير عن استيائه تجاه الافتتاحية والطريقة التي سعت من خلالها لخلق صورة خاطئة عن السعودية في أعين القراء بناء على معلومات غير صحيحة تمامًا، والتي تجاهلت العلاقات القوية بين البلدين والشعبين، وحقيقة أن ما يقرب من 3 ملايين هندي يعيشون في المملكة. واعتبر السفير أن محاولة الافتتاحية مقارنة المملكة بمنظمة إرهابية من خلال القول بأن السعودية أعدمت رسميًّا هذا العام بقطع الرأس أكثر من “داعش” أمر صادم. وتعجب السفير من عدم معرفة الصحيفة بعدد من قُتلوا على يد “داعش” الذي يُعد العدو الأكبر للإسلام وعدو الإنسانية، كما صرّحت الحكومة السعودية ومفتي المملكة وعلماء آخرون حول العالم. وتحدث “الساطي” عن أن الجالية الهندية هي الأكبر في المملكة من بين 10 ملايين من الأجانب، كما أن عددهم يزداد عبر السنين، وانتقد حديث الصحيفة عن أن الهنود في المملكة عمال فقراء، مشيرًا إلى أن السعودية بها مئات الآلاف من المهنيين الهنود كالأطباء والمهندسين والأساتذة والمتخصصين في الدعم الفني والممرضات وغيرهم ممن يديرون الأنشطة الاقتصادية. وفيما يتعلق بوضع الخادمة المنزلية الهندية “مونيراثينام كاثوري”، فإن شرطة الرياض أصدرت بيانًا في 15 أكتوبر الماضي بشأن تفاصيل وملابسات فقدان الخادمة ليدها، وهو البيان الذي خالف التقارير الإعلامية في الهند والدولية التي تحدثت عن أنها فقدت يدها بعدما تعرضت لهجوم من قبل ربة المنزل البالغة من العمر 70 عامًا، وأوضح أنها فقد يدها نتيجة سقوطها، بينما كانت تحاول الهرب من المنزل، مضيفًا أن البيان وصل الصحيفة لكنها تجاهلته. وتحدث “الساطي” كذلك عن الاتهامات التي وُجّهت لدبلوماسي سعودي في الهند، مشيرًا إلى أن السفارة السعودية أعلنت بيانها على الملأ في 9 سبتمبر 2015م، وأكدت على أن تلك الادعاءات خاطئة. وعبّر “الساطي” عن استعداده لاستقبال رئيس تحرير الصحيفة أو أي ممثل رفيع فيها؛ لأي توضيحات أو تفاصيل تحتاج إليها.