يتصف كل قائد كشفي من منسوبي جمعية الكشافة العربية السعودية منذُ تأسيسها عام 1381ه ، بصفات يتفرد بها عن غيره. وقد يلتقي واحد من جيله أو من الأجيال الأخرى في تلك الصفات، ولكنه قد يتميز عن الآخرين في أشياء محددة ومن هؤلاء القائد الكشفي ناصر بن بخيت بن ناصر العواجي – رحمه الله، الذي يُعد أحد مؤسسي العمل الكشفي في منطقة عسير مع عبدالله بن عبدالمحسن العامر، فقد امتاز بصناعة القادة حيث كان يحرص خلال فترة عمله الكشفي التطوعي على تنمية مهارات القيادة حيث كان يرى أن القادة الكشفيين الفاعلون الذين يمتلكون مهارات القيادة يسهمون في رفع إنتاجية العمل التطوعي وخدمة المجتمع ويدعمون بيئة التطوع في المخيمات والمعسكرات الكشفية ويتغلبون على العوائق مع أعضاء فرقهم ويستشهد بذلك ما يحدث في معسكرات خدمة الحجاج، فقد كان – رحمه الله – كما عرفته يؤكد على أهمية القدرة على إدارة الذات وأنها من أهم واجبات القائد الكشفي الذي عليه أن يتمكن من قيادة فريقه، وأن القائد الذي لا يستطيع إدارة ذاته لن يستطيع قيادة فريقه خاصة فيما يتعلق بتحديد الأهداف وترتيبها حسب أولوياتها. ولذلك فقد نجح في أن يصنع عدداً كبيراً من القادة الذين كانوا كشافة لديه ومنهم الدكتور محمد حسن الصايغ وكيل وزارة المعارف سابقا، والدكتور عبدالعزيز الصايغ عميد كلية الطب في جامعة الملك سعود فرع أبها سابقا، والدكتور ناصر محمد سلمي من منسوبي جامعة الملك سعود، والمهندس عبدالرحمن سعيد أبو ملحة وكيل وزارة المواصلات سابقا، والكابتن طيار سالم اليامي، ورجل الأعمال محمد باحص، رحم الله الأموات منهم وحفظ الأحياء بحفظه، وأتذكر في اهتمامه بذلك الشأن أن أجرى معه الزميل علي آل عساف لقاء قبل وفاته عام 1423ه تقريباً لمجلة السارية التي تصدرها جمعية الكشافة وسأله عن صفات القائد الكشفي الناجح من وجهة نظره فقال حينها يجب أن يكون على مستوى رفيع من الأخلاق والاستقامة ومشهوداً له بالخير، وأن يكون محبا لعمله متفانياً في سبيله مؤدياً واجبه على أكمل وجه، وأن يكون قادراً على دراسة نفسية الشباب الذين يتعامل معهم باللطف واللين في غير ضعف، وأن تكون معاملته حسنة للجميع حتى يكسب ثقتهم، وأن يقوم بعمل ما يريد تطبيقه بنفسه قبل أن يأمرهم بتنفيذه، وأن يكون قدوة صالحة في كل أفعالة وأعماله وتصرفاته لا يحتقر أحدا منهم أو يستهزئ به وأن يزرع فيهم الثقة بالنفس، وأن يكون واسع الأفق ملماً بعمله ذا ثقافة عالية. لقد كان يرحمه الله يرى أن الكشافة في عصره كانت تجري في دماء الناس مجرى الدم وكانت تشهد إقبالاً منقطع النظير من أفراد المجتمع الذين يساندونها ويتفاعلون معها ويقبلون على أنشطتها، وكان يقول إن الكشافة تتميز عن غيرها بأنها تقدم جميع الخدمات للمجتمع بطريقة عفوية وبرغبة من الجميع دون التفكير في كسب مادي أو إلزام. وكان الكشافة يتسلقون الجبال الوعرة ويسيرون بين الأودية في غياهب الظلام، يجمعون الحطب ويوقدون النار ويعدون الطعام بمتعه، ويتحملون المشاق والشدائد، وكان يؤكد دائماً على أن الحركة الكشفية حركة تربوية تغرس القيم والمفاهيم النبيلة في أنفس الشباب وتعلمهم حب الوطن والتفاني في خدمته والتعود على تحمل الصعاب. كما أنها تغرس الرجولة في الفرد وتعوده على الثقة بالاعتماد على النفس وتحمل الشدائد، لقد أحب الحركة الكشفية وتفانى في خدمتها، قدم لها الكثير من أجل مجتمعه وشجعه على ذلك تفاعل المجتمع معه، ولديه قناعة كبيرة أن وجود القائد الناجح هو السر في نشر الحركة الكشفية والقادر على استقطاب الآخرين وكسبهم كأعضاء جدد، وليس بغريب عليه ذلك الأمر فقد كان قدوته في ذلك الشأن عبدالرحمن تونسي سكرتير جمعية الكشافة السعودية -رحمه الله- وكان من أشد المعجبين بشخصيته التي تجمع بين قوة الشخصية والجد والحزم، الذي كان هو الآخر يردد عبارة عزيز بكير – رحمه الله – " أعطني قائداً أعطيك كشافاً ".