في تلك الممرات وخلف ذلك الباب المغلق كنت كغيري في لحظة انتظار تكاد تخنقني ألماً لما أرى وأسمع. هنا مسنة أهلكها أنين المرض وأنين الانتظار وفي الناحية الأخرى فتاة تنتظر متى تسمع اسمها يُنادى به وتدخل وتخرج لتتنفس الهواء النقي خارج أسوار ذلك المكان. وعلى ذاك الكرسي كان ذلك الشيخ الذي تكسو وجهه ملامح الوقار والهيبة وطيبة قلبه التي كانت في نبرة صوته وهو يتحدث. وخلف ذلك الباب الذي طرقته حتى أنتظر موعدي وأنا على ذلك المقعد إذ بفتاة يعلو في داخلها صوت التحطم والغضب، أرهقت قدماها من الوقوف والدخول والخروج إلى الموظفات هناك، وإذا بها تحدثني بهمس كاد يثير الغضب في داخلي لولا صوت العقل الذي أصمت غضبي، واكتشفت حقيقة غضبها من همسها إذا بها تطالب بأن تكون في مقدمة من يسمح لها بالدخول مبكراً رغم أنها حضرت متأخراً وكانت تتبختر بكلمة واحدة من أجل أن يسمح لها ببطاقة “الواو” التي تحملها بصوتها ” أخي مدير علاقات عامة، لماذا لا يُسمح لي بالدخول وتجاوز الجميع وأنا أملك سيادة “الواو”؟! ولكن كل لوحات الاعتزاز وروائع الفخر مرسومة وموسمة بالتباهي بأن الرفض لطلبها كان مقدماً لها على طبق (وإن كان أخوك مدير العلاقات العامة لا يعني ذلك عدم التزامك بالأنظمة وانتظار دورك كغيرك). هنا استوقفتني حديث المشاعر ورقي الإحساس إلى متى يظل الفضل يُنسب إلى “الواو”؟ رغم أن الفضل كله “لله سبحانه وتعالى” الذي جعل لك نصيباً من بطاقات “الواو” التي استهلكت ومازالت في قائمة الاستهلاك اليومي رغم أن هذه البطاقات فيها من الإجحاف الكثير الكثير بحقوق البعض. هي عِبر في حروف بين أيديكم وصوت إحساس لم يتحدث إلا من حديث الواقع وصدى الحقيقة. *كاتبة سعودية