رصد المعهد الدولي للدراسات الإيرانيَّة (رصانة)، أبرز التطوُّرات على الساحة الإيرانية، في ظل التوتر المتصاعد مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب الملف النووي المثير للجدل، واعتداءات إيران الأخيرة في ناقلات النفط قبالة الإمارات، واستهداف مضختي النفط في المملكة. وتطرقت رصانة في تقرير لها إلى أربعة أسباب تمنع المسؤولين الإيرانيين من التفاوض مع أمريكا، على الرغم من الطلب المباشر والمتكرر للرئيس ترامب من زعماء إيران من أجل الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات. ولفت المعهد، في تقرير أعده الباحث مجيد محمدي، إلى أن من أهم أسباب عرقلة التفاوض بين طهران وواشنطن ما يلي: أولًا- الأمل في استجواب أو هزيمة ترامب إنَّ اتصالات ظريف الهاتفية مع جون كيري وَديان فاينشتاين تشير إلى أنه يأمل الديمقراطيون أن يتم استجواب ترامب عاجلًا أو أن يُهزَمَ في انتخابات 2020. في هذه الحالة التفاوض مع ترامب لن يؤدي إلى نتيجة. لا يبدو أن الفريق الدبلوماسي الإيراني أخذ في عين اعتباره احتمالية استمرار حكومة ترامب لأربعة أعوام أخرى، في حين أن الوضع الاقتصادي المناسب في الولاياتالمتحدة يُعدّ من العلامات الدالة على انتخاب ترامب مجددًا. كما أنَّ إبطال جزء من إجراءات ترامب من قبيل تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية أمرٌ صعب للغاية بالنسبة للحكومة الديمقراطية المحتملة. وحذف الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية له ثمن باهظ. لقد وضعت إيران جميع بيضها الدبلوماسي في سلة الديمقراطيين منذ بداية انتخاب ترامب؛ من أجل مسايرة الدعاية اليسارية على أمل كسبهم لصفها (بسبب المشاعر والأيدولوجية المعادية لأمريكا وإسرائيل). ثانيًا- شروط بومبيو الاثنا عشر المفاوضات النووية مع حكومة أوباما كان لها أفق محدود (برنامجها النووي)، ولو كانت حدثت مصالحة لعادت بنتائج محدودة على العلاقات الخارجية وهيئة قمع النظام. لكنْ شروط بومبيو الاثنا عشر تُشير إلى أن التفاوض مع حكومة ترامب هو حول مجموعة من القضايا المترابطة التي سوف تُجبر إيران على التراجع في نطاقات عديدة. من البديهي أن مسؤولي إيران لا يريدون ضياع سنوات من جهودهم في البرنامج النووي والصاروخي والتدخلات الإقليمية على يد الحكومة الأمريكية أو القوى الأوروبية. ثالثًا- شعب أبي طالب يسعى علي خامنئي دائمًا وراء الاقتصاد المقاوم وكان يمدح ظروف شعب أبي طالب، وهذا يعني عزلة إيران في العالم. ومواقفه أمام أوروبا وأمريكا ودول الجوار العربية وفي المقابل سياسة التوجه إلى الشرق من أجل تقليل ضغوط الدول الغربية، تفيد بهذا المطلب. فاستمرار العقوبات تمنح خامنئي ومواليه فكريًا فرصة أن يضعوا إيران في عزلة أكبر قدر الإمكان، إذ سيقلل هذا الأمر من تأثير الخارج على الداخل. فعلى سبيل المثال، كان بإمكان الإيرانيين قبل العقوبات السفر سنويًا إلى الخارج بمعدل أكثر من 9 ملايين فرد. وكان خامنئي يعترض أساسًا على هذه الأسفار إلا إذا كانت زيارات دينية. العقوبات وما تبعها من مضاعفة في سعر العملات الأجنبية بمعدل أربع مرات خلال فترة عام واحد صعبت السفر إلى الخارج للغاية بالنسبة للإيرانيين. رابعًا- الانتفاع من العقوبات الطبقة الحاكمة في إيران "تتاجر بالعقوبات"، بمعنى أنهم يتربحون من وجود العقوبات. فيؤَمِّن المسؤولون جزءًا من مصالحهم الشخصية من هذا الطريق، وذلك بالإضافة إلى الامتيازات والفساد واستغلال السلطة. تقريبًا على مدار عام مضى على العقوبات خرجت من الدولة حوالي 30 مليار دولار، ولم تعد كذلك العملة الأجنبية من عوائد الصادرات والبالغة 30 مليار دولار. هذه ال 60 مليار دولار لم تذهب إلى يد القطاع الخاص والأشخاص البعيدين عن الحكومة. فالقطاع الخاص في إيران لا يتمتع بمثل هذه القدرة. هذا الخروج وفي المقابل عدم العودة تمّ بذريعة العقوبات وأوضاع العقوبات. سبب توحيد صوت التيارات السياسية ليس الاتفاق على المصالح الوطنية، وإنما الاتفاق على الانتفاع.