تبدأ وتنتهي قمة تونس في دورتها العادية ال30 وتظل الثوابت التي رسخها ويرسخها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز واحدة. قمة جمعت على طاولتها 22 بلدًا عربيًّا يبلغ تعداد سكانها أكثر من 400 مليون نسمة اجتمعوا اليوم ويجتمعون بشكل دوري كل عام في مشهد يتكرر. تحديات قصوى: يفرض الواقع العربي القاسي الذي يئن تحت وطأة الفقر وتحديات الإرهاب متوسلًا القادة العرب للبدء ببناء خطة عربية مشتركة لوحدة الصف، خطة لا تحتاج سوى لبعض الترميم وتجاوز الخلافات وترسيخ الروابط الدينية والعربية والجغرافية والاقتصادية المشتركة بينهم والعيش والتعايش لتحقيق ما ينشده الملك سلمان بن عبدالعزيز- ذلك القابض على الحلم العربي- مع البلد المستضيف الذي بذل كثيرًا من الجهد ليتعافى الجسد العربي ويزيل تداعيات خريف بدأت شرارته الأولى من أرض تونس. وعلى الجانب الآخر من القارة بلد مجاور يقف بالمرصاد يتأهب للانقضاض لاختطاف حلم العربي تصونه المملكة بغية تحقيق أطماعه التوسعية. من فلسطين الوطن المحتل الذي يناضل ضد الكيان الصهيوني الذي لا يعرف الرحمة، إلى اليمن الذي يئن تحت وطأة الإرهاب الحوثي مرورًا بليبيا التي تحاول الفكاك من قبضة الإرهاب ومصر التي تنفض غبار أيام سوداء مضت، والسودان التي غرقت في الفقر والعراق الذي تنهشه أنياب الطائفية ومخالب ملالي إيران والأطماع التركية التي تجوب حول سوريا هنا وهناك، سوريا التي التهم الكيان الصهيوني جولانها بمساندة أمريكية، ولبنان الذي يحاول التقاط أنفاسه في صراعه مع هوية متطرفة لا تعرف سوى الخراب والدمار والمتمثلة في حزب الله، إلى الأردن التي تقاوم لتستمر، وصولًا إلى الإمارات التي سلبت جزرها من ملالي إيران وذاقت الأمرين هي وأشقاؤها العرب من غدر قطر دويلة الأوهام والتناقضات، وصولًا إلى جزر القمر وجيبوتي، واقع عربي مرير لن ينجيه سوى حلم الوحدة الذي نادى به وتمسك به خادم الحرمين الشريفين كأساس للانفلات من قبضة أوضاع سوداوية يحياها العرب. القابض على الحلم: ولأن الإنجازات العظيمة تبدأ بحلم، لم يتوانَ خادم الحرمين الشريفين عن تدعيم هذا الحلم في كافة المحافل العربية والدولية، والتأكيد على أن الخلاص لن يتأتى إلا بخلق اتحاد عربي يوازي في ثقله السياسي والاقتصادي التكتلات الدولية العظمى، لاسيما في ظروف مخيفة تحيط به من كل حدب وصوب. وكان للمملكة تاريخ طويل مشرف قام على أساس حفظ الأمن القومي العربي وتوحيد صفه ففي لقاءات القمم العربية السابقة كانت المملكة رمانة الميزان بدورها السياسي والإقليمي الرائد في الحفاظ على مقدرات الأمة العربية والإسلامية. ولأن مملكة المستقبل هي صانعة السلام، والثقل العربي والإسلامي الذي يستند عليه العرب، كان قائدها هو الأقدر على تحقيق هذا الحلم فهو الأكثر حلمًا وحزمًا والأقرب إلى صنع القرار العربي والأصدق قولًا وفعلًا. وكانت مبادرته الكريمة بزيارة تونس قبيل انعقاد القمة رسالة تضامن ودعم للعرب أجمعين، وتأكيدًا على رؤية المملكة بضرورة وحدة العرب وعملها الجاد على إنهاء فصول الانهيارات والنكوص والنهوض بالوطن العربي من جديد ليصبح حائط صد أمام كل من تسول له نفسه الاقتراب والمساس بسيادته. كان الملك سلمان بن عبدالعزيز ومن بعده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خير سند للعرب أجمعين ليخلقا معًا قاموسًا سياسيًّا إنسانيًّا يحتاجه الوطن العربي لتجاوز أزماته.