ما يجمع بين السعودية والصين خلال السنوات الأخيرة تحديدًا، في مختلف الجوانب خصوصًا الاقتصادية منها، أمر يفوق أي تقديرات وحسابات للخبراء والمحللين من مختلف أنحاء العالم. وهناك 4 أسرار عبر 4 أعمدة رئيسية، ارتكزت عليها العلاقة الخاصة بين البلدين الآسيويين ما بين مطلع 2016 وحتى الآن (مع الشهر الثاني من 2019)، تمكنّت بفاعلية من رفع درجات التعاون بينهما إلى أقصى حد ممكن. كيف تم ذلك؟ ويحق للتساؤل أن يطرح نفسه مباشرةً هنا: كيف تم كل ذلك؟ والإجابة تكشف عنها 4 زيارات بين قيادات البلدين حدث خلال هذه الفترة، تم من خلالها توقيع 62 اتفاقية حكومية وأهلية خلال تلك الزيارات، لا تقل قيمتها عن مئات المليارات من الدولارات، إذا عرفنا فقط أن زيارة واحدة منها (زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى بكين في مارس 2017) بلغت تكلفة الاتفاقيات الحكومية فقط 65 مليار دولار. كما أن هذه الأسرار أو الأعمدة أو الزيارات الأربع، حدثت خلال الفترة الثانية لتنفيذ مشروع طريق الحرير الاقتصادي الذي طرحته الصين لإعادته تاريخيًّا وآزرتها الحكومة السعودية كأقوى مؤازرة دولية، حيث إن الفترة الثانية تختص ب”التخطيط الإستراتيجي”، وهي ما من عام 2016 إلى عام 2021. وبما أن ما زلنا في بدايات عام 2019؛ ها هي زيارات قيادية مهمة بين البلدين تقوّي حراك الشراكة بينهما. وبخلاف تلك الزيارات الأربعة، كان هناك اجتماع بين ولي العهد والرئيس الصيني على هامش قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين (1 ديسمبر 2018)، حينما أكد بينغ دعم بكين للرياض في مساعيها لتنويع اقتصادها وخططها في مجال إصلاح المجتمع. الزيارة الأولى: شهدت زيارة الرئيس الصيني شين جين بينغ إلى الرياض في 19 يناير 2016، توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، منها مذكرة تفاهم حول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومذكرة تفاهم للتعاون في العلوم والتكنولوجيا، ومذكرة تفاهم بشأن الملاحة بالأقمار الصناعية، ومذكرة تفاهم بشأن إقامة آلية حول مكافحة الإرهاب. كما شهدت الزيارة تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الصيني في الرياض (20 يناير 2016)، مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير (مصفاة ياسرف). الزيارة الثانية: في نفس عام زيارة الرئيس الصيني، زار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، عندما كان وليًّا لولي العهد، الصين في 30 أغسطس، حيث تم توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم، أبرزها في مجالات الطاقة وتخزين الزيوت والتعدين والتجارة. وتم الاتفاق أيضًا على إنشاء لجنة مشتركة سعودية صينية، حيث تم الاتفاق أيضًا على محضر أعمال الدورة الأولى لهذه اللجنة. الزيارة الثالثة: وفي 16 مارس 2017، زار خادم الحرمين الشريفين بكين في زيارة كانت في غاية الأهمية لتأكيد الشراكة الإستراتيجية بين البلدين بتنفيذ المشاريع الجديدة بعد نتائج مبهرة فاقت التوقُّعات للاتفاقيات السابقة. وتم الإعلان في تلك الزيارة عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم ب65 مليار دولار في القطاعات التجارية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. وإلى جانب الاتفاقيات الحزمية، وقعت شركات سعودية وصينية 21 اتفاقًا تشمل استكشاف فرص الاستثمار في النفط والبتروكيماويات والتجارة الإلكترونية والتعاون في أسواق الطاقة المتجددة. الزيارة الرابعة: إنها الزيارة الحالية لولي العهد، حيث شهدت توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لمشروعات استثمار مشتركة بين البلدين. وكانت من بين أبرز تلك الاتفاقيات: اتفاقية للنقل البحري، مذكرة تفاهم لدفع المشاريع ذات الأولوية في مجال الطاقة للتعاون في الطاقة الإنتاجية والاستثمار، مذكرة تفاهم لتيسير التجارة بين البلدين، اتفاقية للتعاون في مكافحة الجرائم الإلكترونية، مذكرة تفاهم بشأن الاستثمار في الطاقة المتجددة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودية والهيئة الصينية للطاقة.