تمضي المملكة قدمًا ودون تردد لعقد مؤتمر "دافوس الصحراء" في موعده المحدد، دون الالتفات للضغوط ولا الاستفزازات ولا الحملات الشرسة وعمليات الاستنزاف الإعلامي التي هدفت إلى إفشال المؤتمر وإحاطته بهالة ضبابية من الاتهامات والشكوك. لم تفلح وسائل الإعلام المغرضة التي استثمرت الأزمة السياسية ووظفتها كورقة للضغط على السياسيين ورجال الأعمال كي يتخذوا موقفًا بمقاطعة المؤتمر في إفقاد الثقة والحيلولة دون انعقاد المؤتمر في موعده. وعلى الرغم من طبيعة المؤتمر الاقتصادية البحتة، لم يكن بمنأى هو الآخر عن قضية وفاة المواطن جمال خاشقجي، وحتى مع كشف المملكة كافة التفاصيل للرأي العام الدولي، إلا أن الحملة الإعلامية الشرسة التي حاولت استهدافها أمام المجتمع الدولي حاولت العبث من أجل تصعيد الحادث للتأثير على العلاقات التجارية والاقتصادية بين المملكة وحلفائها. في موعده تيمنًا بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يفتتح مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" أشغاله غدًا بالرياض كمرآة تعكس الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. والحدث يعكس أهمية المملكة كوجهة تجارية رابحة قادرة على تنويع مصادر اقتصادها القائم على النفط وتمهيد الطرق لمبادرات جديدة وعقود مستقبلية رابحة. وكانت حملات إعلامية منظمة تهدف لإفشال المؤتمر يديرها منتمون لجماعة الإخوان الإرهابية من دول أجنبية قد كثفت هجومها في الآونة الأخيرة ودعواتها للمقاطعة. وعلى الرغم من مقاطعة بعض الشركات للمؤتمر على خلفية الحملات الإعلامية التي استهدفته إلا أن المنظمين أكدوا أن أكثر من 120 متحدثًا سيحضرون المؤتمر. خسارة المنسحبين ألغى عشرات من المسؤولين ورؤساء بعض الشركات العالمية مشاركتهم في المؤتمر، وأعلنت شركات أخرى انسحابها، ومع انجلاء الغموض حول قضية خاشقجي عززت المملكة إصرارها على عقد المؤتمر وأفشلت المخططات الهادفة لعرقلته، لا سيما أن أغلب المنسحبين ربطوا مشاركتهم بتوضيح ما جرى للمواطن جمال خاشقجي وهو ما تم فعلًا من قبل الجهات الرسمية في المملكة. على جانب آخر لم تبد شركات كبرى أي بادرة انسحاب من المؤتمر ولا أظهرت دلائل في هذا الاتجاه، لا سيما شركات الصين واليابان وما تمثله من ثقل اقتصادي، ووعي في إدراك أهمية المؤتمر والمشاركة فيه. في المقابل ستتكبد الشركات الأمريكية والأوروبية خسائر فادحة إن ظلت على موقفها، فمشاريع التنمية في المملكة لن تتوقف، والمتغيبون عن المؤتمر سيفقدون فرص الاستثمار في بلد هو المحرك الرئيسي لعجلة الحياة والصناعات في كافة المجالات. ووفق محللين فالمملكة ليست بحاجة لأي تمويلات خارجية، لا سيما أنها مدعومة بقوة بسبب الارتفاع الأخير في أسعار النفط والذي تجاوز 80 دولارًا للبرميل. ويرى مراقبون أن الشركات الغربية التي تخلت عن المملكة لن تضر سوى نفسها ومصالحها التجارية، فالمملكة لا تنسى مواقف الأصدقاء وتهمش الحاقدين وتمد جسور التواصل لكل من يتعامل معها باحترام ولا يتدخل في شؤونها الداخلية ويحترم خصوصيتها.