يبدو أن التحركات المشبوهة التي يقوم بها “تنظيم الحمدين” في قطاع غزة والأيادي التي تمتد لدفع القضية الفلسطينية إلى المجهول، لا تزال مستمرة، فمحاولة ابتزاز الفلسطينيين عن طريق التواجد المستمر في الأراضي المحتلة تحت مظلة العمل الإنساني والمساعدات لم تعد تخال على أحد. خرج عن صمته أثارت تحركات “الدوحة” حفيظة الرئيس محمود عباس -أبو مازن- الذي خرج عن صمته ليرفض تدخل أي دولة في قطاع غزة دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية، فبعد أن رحب بجهود الدول بغية التخفيف من معاناة أهالي القطاع، عاد ليؤكد أن أي تدخل دون تنسيق مسبق مرفوض شكلاً وموضوعاً. وجاءت رسالة عباس للدوحة على خلفية تخصيص قطر مبلغ 60 مليون دولار لشراء سولار من شركات إسرائيلية والتعاون من تحت الطاولة مع نيكولاي ملادينوف – مبعوث السلام للشرق الأوسط- لإدخال حافلات إلى غزة دون التنسيق مع القيادة الفلسطينية. أدوار مشبوهة لا يخفى على أحد الدور المشبوه الذي تمارسه “الدوحة” في غزة، إذ تأتي زيارة الوفد القطري برئاسة المسؤول عن إدارة عمليات المساعدات الإنسانية، حمد بن فهد آل ثاني، في إطار المناكفات والاستفزازات التي تعودت قطر على القيام بها لتوسيع نفوذها والظهور بمظهر “المصلح”. وتواصل “قطر” ممارساتها السلبية لتنفيذ أجندتها في إفشال المصالحة، لا سيما أن نجاحها يضر بمصالح الأصدقاء (حماس وإسرائيل) على السواء وهو ما لن تقبله، فقد حرصت قطر على دعم حماس وتنفيذ الأجندة الإسرائيلية في الداخل الفلسطيني. مظلة العمل الإنساني ويدرك “تنظيم الحمدين” أهمية السيطرة عن طريق المال والمساعدات على حماس والحفاظ على الأوضاع في القطاع بغية السيطرة على الحركة واستخدامها ضد خصومها. فاستغلال فكرة توفير المساعدات العينية لغزة بالنسبة لقطر يصب في صالح تعزيز نفوذ حماس في القطاع، الأمر الذي يدفع الأخيرة للتنصل من التزامها بالمصالحة وهو هدف قوي بالنسبة للدوحة. دأبت قطر على إثبات وجودها على الأرض في غزة تحت مظلة العمل الإنساني وتقديم المساعدات، فهي تلجأ لشراء الغاز وإدخاله إلى القطاع عبر قناة الأممالمتحدة للحصول على رخصة مرور شرعية دولية لوجودها في غزة. أساليب ملتوية لم يتمكن الوفد القطري الذي زار فلسطين، الخميس، الفكاك من رسالة شديدة اللهجة وجهها أبو مازن لرئيس الوفد الشيخ حمد بن فهد آل ثاني وبعض من النشطاء والعاملين في المؤسسات الاجتماعية، حيث رفض أبو مازن بشكل نهائي إدخال الغاز القطري إلى القطاع دون التنسيق مع السلطة. واعترض الرئيس الفلسطيني على الأساليب الملتوية وسياسة الالتفاف على دور القيادة الفلسطينية في غزة، محذراً من التحركات التي تقودها واشنطن لتمرير صفقة القرن، وضرورة التعامل مع أزمة القطاع على أنه أزمة إنسانية وليست سياسية. وحذر عباس من محاولات تطويق السلطة الفلسطينية من خلال عقد اتفاقيات للتهدئة مع حماس تصب في خانة من يقاومون دور الحكومة الوطنية في القطاع. جهود المصالحة قام وفد مصري رفيع المستوى بزيارة غزة يومي الخميس والجمعة بهدف تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والمضي قدماً نحو تحقيق مصالحة ضمنية بين الجانبين. وتأتي جهود القاهرة في إطار مخاوف من حدوث انفلات في الأوضاع عبر الاستفزازات المتبادلة بين قوات الاحتلال وفصائل في غزة. وشدد الوفد المصري برئاسة اللواء أيمن بديع -وكيل جهاز المخابرات العامة- على ضرورة تهدئة الأمور لتمهيد الطريق أمام تحركات فعالة لتفاهمات المصالحة بين حماس وفتح أو منع إعلان دفتها تماماً على أقل تقدير. وعلى الجانب الآخر تحاول الدوحة إفشال الدور المصري ونسف جهود المصالح، لا سيما وأن مصر تمتلك أوراقاً قادرة على “تلجيم” التحركات القطرية في تحقيق نجاحات في رعاية المصالحة لتحافظ على نفوذها في الأراضي المحتلة.