أكد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن تأصيل العقيدة به النجاة في الدنيا، وبه النجاة في الآخرة، وبه الحماية من الأخطار الهدامة، والتي أعظمها الأخطار الأخروية عند لقاء الله مستشهداً بقوله تعالى: {يوم لا ينفع لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}، وهي الأخطار التي ربما هدمت كل العمل، وهدمت أكثر العمل، أو أوبقت الإنسان في النار والعياذ بالله، ومنها أخطار في الدنيا. وأضاف: تأصيل العقيدة معناه جعلها أصلاً وأساساً في حياة الناس وليست أمراً ثانوياً، وتأصيل العقيدة أن تُجعل هي الأصل تأصيلها في الناس أن تجعل أصلاً في حياتهم ينظرون بها ويقيّمون بها ويهتدون بها وإليها. جاء ذلك في مستهل المحاضرة التي ألقاها معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بعنوان: (تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة) بعد مغرب يوم أمس الخميس بجامع الإمام تركي بن عبدالله، بحضور سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء. وواصل آل الشيخ بقوله: إن تأصيل العقيدة أن تكون هي الأساس في نفس المسلم، وأن تكون هي الأساس أيضاً في المجتمع المسلم، فالمجتمع المسلم يبنى على ما يحبه الله ويرضاه، وأعظم ما يحبه الله ويرضاه صفاء القلب، وتوجه القلب والوجه إليه سبحانه وذلك بالعقيدة الصحيحة الصافية، تأصيل العقيدة مهم لأنه يحمي الإنسان من أن يوبق عمله، وأن يخسر ما يعمله: {عاملة ناصبة} هي تعمل وتنصب ولكن أصابها الخطر {تصلى نار حامية}، تأصيل العقيدة مهم لأنه فيه دخول الجنة والنجاة من النار قال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}، تأصيل العقيدة به دخول الجنة والنجاة من النار، فتأصيل العقيدة في النفس، وفي المجتمع في حال الفرد المسلم، وفي حال الجماعة المسلمة، وفي حال الدولة المسلمة يحمي الفرد والجماعة والدولة من الإخطار التي توبق الدنيوية والأخروية.
ومضى يقول: إن العقيدة الإسلامية سهلة ولكن كثرت الفرق والمخالفات، فكبر الكلام، وكثر الكلام في العقيدة وإلا ففي الأساس هي تطبيق لأركان الإيمان الستة، والعقيدة إذاً هي الإيمان بما أوجب الله، الإيمان به من أمور الغيب قال الله جل وعلا : {يا أيها الذين آمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً)، وقال جل وعلا أيضاً: {آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}. وأبان آل الشيخ أن أركان العقيدة، هي أركان الإيمان الستة، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، شارحاً كل ركن على حدة، ومؤكداً أن أعظم ما يتقرب إلى الله جل وعلا به أن تجعل هذه النفوس التي خلقها الله جل وعلا موحدة له في ألوهيته وفي عبادته فلا تعبد إلا هو، ولا تدعو دعاء العبادة إلا له، ولا تذبح ذبح العبادة والتقرب إلا له، ولا يرجى رجاء العبادة إلا منه سبحانه، لا يخاف خوف السر الذي لا يرتبط بأمور ظاهرة بأسباب ظاهرة إلا منه سبحانه وتعالى وهكذا في أنواع العبادات، فإذاً التوحيد مهم جداً في حياة الناس وله أعظم الأثر في الدنيا، وفي الآخرة، أما أثره في الدنيا فهو الحياة المطمئنة قال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}، وفي الآخرة أعظم أثر أن تموت وأنت لا تشرك بالله شيئاً: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)، قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، لذلك تأصيل التوحيد هو أعظم بر بالناس، وأعظم إحسان إلى الخلق، فالإحسان إلى الخلق بالصدقة إحسان لكن بنجاتهم في الدنيا والآخرة بتأصيل توحيد العبادة هذا أعظم بر وإحسان إليهم، وأعظم نفع له. وأردف آل الشيخ يقول: الذي يُعلم التوحيد، ويعلم هذه العقيدة سواءً في المساجد أو في المحاضرات أو في ميراث الأنبياء، والمرسلين عليهم الصلاة والسلام لذلك حماية هذا الأصل واجبه فتأصيل توحيد الألوهية بالناس واجب لأن به سعادة الناس في الدنيا وسعادتهم في الآخرة فالأفراد يجب عليهم أن يهتموا بذلك، وكذلك الجماعات التي تعمل للإسلام في كل مكان يجب أن يهتموا بتنقية النفوس لتكون لله جل وعلا وحده، وأن يكون عنده تمييز بين الحق والباطل في التوحيد وله الأثر الكبير في الدولة لأن الله جل وعلا وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات كما قال سبحانه: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً} فأي ثمرة أعظم من الأمن الوافر في ثمرة دنيوية غير إرسال الأمطار وخيرات السماء والأرض وفتح كنوز الله جل وعلا من السماء والأرض. وشدد آل الشيخ على أهمية المنهج في تلقي الدين وتأصيله، وقال: إن منهج تلقي الدين، وتلقي الشريعة وتلقي العقيدة لا يكون إلا بالتلقي عن الله ورسوله وما كان عليه سلف هذه الأمة في مجموعهم بمعنى أن منهج التلقي هو الاعتماد على الكتاب والسنة، مورداً معاليه بعضاً من الآراء في مسائل التلقي، والنقل، والعقل، والترجيح، والأدلة العقلية، والترجيحات العقلية، والشواهد العقلية، خالصاً إلى أن من المهمات في تأصيل العقيدة أنه لا يقدم على القرآن والسنة شيء في أمور الاعتقاد والأمور الغيبية وما نص الله جل وعلا عليه، ونص عليه رسوله صلى الله عليه وسلم.