تواصل الصحف الروسية ودوائر النخبة في المجتمع الروسي، الاهتمام بزيارة خادم الحرمين الشريفين المرتقبة إلى موسكو، حيث أشار المستشرق الروسي قسطنطين بتروفيتش دوداريف إلى أن هذه الزيارة ترسم ملامح مرحلة مهمة من العلاقات الثنائية؛ كونها الزيارة الأولى لملك سعودي منذ تأسيس البلدين. ونوه دوداريف، في مقال نشرته صحيفة "نيزافيسمايا جازيتا" الروسية إلى أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة في فبراير 2007 فتحت الباب أمام تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين انطلاقًا من الثوابت المشتركة التي تتركز بشكل رئيس على مكافحة الإرهاب وإنهاء القضايا الشائكة في المنطقة. ولفت المستشرق الروسي إلى أن زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الأخيرة إلى موسكو، والتي التقى خلالها بالرئيس فلاديمير بوتين على هامش المشاركة في المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرغ، تم خلالها التوصل إلى عدد من الاتفاقيات الهامة، وتم توجيه الدعوة إلى خادم الحرمين الشريفين لزيارة موسكو. وأوضح المستشرق الروسي أنه خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى المملكة، سبتمبر الماضي قال: إن الهدف ليس فقط التعاون بين الجانبين في سوريا، بل أيضًا في العراق واليمن وليبيا، فضلًا عن ضرورة مكافحة الإرهاب بشكل عام. كما أشار الوزير الروسي إلى عدم وجود "خلافات غير قابلة للذوبان" بين البلدين. ولفت دوداريف، إلى أنه وفقًا لدراسة حديثة فإن شريحة كبيرة من سكان المملكة، يرى في روسيا حليف إستراتيجي على الساحة العالمية، وأن التعاطف الشعبي السعودي مع روسيا وصل إلى 12% بالمقارنة مع عام 2016 حيث كانت 9%، في حين تراجعت شعبية الولاياتالمتحدة إلى 8% بعد أن تراوحت ما بين 17% إلى 25%. وأضاف أن التقارب بين البلدين يعزز فرصًا جديدة للعمل من أجل استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، ويمكن للقوة العسكرية الروسية والعلاقات الطيبة مع معظم بلدان المنطقة أن تكون عاملًا إيجابيًّا للمنطقة. واعتبر المستشرق الروسي التعاون الاقتصادي من العوامل الهامة في التقارب بين موسكووالرياض، لافتًا إلى أن تراجع أسعار النفط دفع البلدان إلى الاتفاق في ديسمبر 2016 على الحد من مستوى إنتاج النفط وإقامة حوار بناء بين البلدين وبذل كل جهد ممكن لتحقيق الاستقرار في الأسعار، مشيرًا إلى أن التفاهم المشترك أسفر عن نتيجة لم يسبق لها مثيل في تاريخ التعاون في سوق البلدان الآسيوية. وأردف أن المؤسسات النفطية العالمية تراقب عن كثب تطور التعاون الروسي السعودي، مؤكدًا أن الخبراء لا يستبعدون دعوة الشركات الروسية للمشاركة في تنفيذ المشاريع الضخمة في المملكة ومشاركة أرامكو السعودية في تطوير المشاريع بالقطب الشمالي في روسيا. وذكر أن الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، يرى في الحوار الروسي- السعودي " أن فصلًا جديدًا من تاريخ النفط قد بدأ". واستطرد المستشرق الروسي: لكن الفهم العملي للمصالح الوطنية في ضوء الأحداث الجارية في المنطقة والعالم يدفع روسيا والمملكة إلى شراكة مفيدة للطرفين في مواجهة التحديات المحلية والدولية. وشدد دوداريف على أن التقارب السعودي مع روسيا لا يعني رفض الرياض التعاون مع الولاياتالمتحدة، فالسياسة الخارجية للمملكة، تقوم على أساس تحقيق مصالحها الوطنية، موضحًا أن روسيا، مع قوتها العسكرية، والنفوذ المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وفي سوق النفط، والتكنولوجيات المتقدمة في مجال النفط والغاز والطاقة النووية، والفضاء، وصناعة الدفاع وغيرها من المجالات تعتبر شريكًا جذابًا جدًّا للمملكة. يذكر أن المستشرق الروسي قسطنطين بتروفيتش دوداريف، هو مؤلف كتاب "المملكة العربية السعودية.. موطن الإسلام".