عزت دراسة حديثة صادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، زيادة تعقيد الحل في الملف الليبي إلى كثرة الوساطات والتدخلات. وأبانت الدراسة أن ذلك جعل الحل الذي تتطلع إليه الأطراف المحلية والإقليمية والدولية صعب المنال؛ لأن الأزمة الليبية النابعة من انعدام مؤسسات الدولة الحديثة وعدم اكتمال الرابطة الوطنية والانقسام المناطقي والفئوي والقبلي والحزبي، تعمقت بفعل تعدد الأطراف المتداخلة في شؤون ليبيا وتعارض أطماعها وطموحاتها، ولذلك لم تنجح حتى الآن كل الوساطات بما فيها الأممالمتحدة، حيث تؤدي بعض التدخلات في عرقلة المسار التصالحي. وأوضحت الدراسة التي أجراها الباحث محمد السبيطلي تحت عنوان “الأزمة الليبية بين التدخلات الدولية والوساطات الإقليمية” ضمن دورية “دراسات” أن المشهد الليبي على درجة كبيرة من التعقيد، وحتى الآن لا توجد خطط أو مشروعات محلية أو إقليمية أو دولية تستوعب كل مكونات الطيف الليبي السياسي والعسكري، وذلك لتعارض الأجندات وتباين المصالح وانعدام الثقة بين الأطراف الليبية وأيضاً انعدام المشروع الوطني الجامع. التوافق المفقود وتشهد ليبيا في الآونة الأخيرة تحركات حثيثة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية؛ للبحث عن صيغةٍ للتوافق الوطني، وعن رؤية مستقبلية تُجمع عليها الأطراف المتصارعة لتضع البلاد على أرضية سياسية صلبة، وتُمكّنها من بناء مؤسسات مستقرة لدولة حديثة، بعد عقود من الاستبداد، وتبديد الثروة في بلدٍ غني بموارده، ومميزٍ بموقعه الاستراتيجي على المستوى الإقليمي. وعلى الرغم من أن الثورة التي اندلعت في شهر فبراير 2011م كانت تهدف إلى وضع حدٍّ لتلك السلطوية المطلقة التي تمثلت في النظام السابق، إلا أنها عجزت – حتى الآن – عن وضع خريطة طريق يمكن أن تحقق التوازن المنشود بين طموحات وتطلعات الشعب الليبي بكل مكوناته الاجتماعية والإثنية والمناطقية والسياسية. تقسيم ليبيا إلى دويلات وأوضحت الدراسة أن تتنازع الشرعية في طرابلس حكومة الوفاق الوطني وحكومة الإنقاذ الوطني، فيما توجد حكومة ثالثة في المنطقة الشرقية بليبيا، ويتقاسم النفوذ في العاصمة عدة جماعات مسلحة، هذا الانقسام والصراع والاقتتال يهدد ليبيا بالتقسيم وأدى إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية وانتشار السلاج بين الميليشيات والجماعات الإرهابية وحولها إلى دولة فاشلة مباحة لكل التدخلات الإقليمية والدولية وتمثل خطراً على دول الجوار، ما دعا عدة دول من المنطقة إلى التحرك في محاولة لإنهاء الشقاق والحرب الأهلية في ليبيا والتفاوض بين الأطراف المتنازعة للخروج بحل سياسي. وتناولت الدراسة تعديل اتفاقية الصخيرات ورفض الحل العسكري، المبادرة الجزائرية والمصالحة الشاملة، المبادرة التونسية بين الوساطة الرسمية والشعبية، المبادرة المصرية من دعم عملية الكرامة إلى الدعوة للوفاق، تشاد ودعم المشير خليفة حفتر، الموقف السوداني والتقرب مع سلطات طرابلس، المشروعات الغربية والروسية في ليبيا بين السلم والحرب، الموقف الروسي ودعم المشير خليفة حفتر، الموقف الأميركي، ازدواجية الموقف الفرنسي، الموقف الإيطالي بين الهجرة والهاجس الأمني، تفاهم أبو ظبي بين السراج وحفتر، موقف الشيخ الصلابي وموقف التيار الذي يمثله المفتي الغرياني وموقف خليفة الغويل وموقف الجماعات المسلحة.