سعت اليابان، في مناسبات عدة، للحصول على الموافقة السعودية، بغية إدراج أرامكو في بورصة طوكيو، منذ أيلول/سبتمبر الماضي، عبر محاولات عدة تكشف أسباب كون اليابان مثالية لطرح عملاق النفط العالمي الأكبر. رسائل طوكيو إلى السعودية: وسلّطت وكالة “بلومبيرغ” الضوء، على الرسائل اليابانية، الساعية لاستعادة مجد طوكيو في الأسواق، مبيّنة أنّه في أيلول/سبتمبر 2016، وجه رئيس الوزراء شينزو آبي، الرسالة الأولى لولي ولي العهد آنذاك محمد بن سلمان، والتي تضمّنت الرجاء بإدراج أسهم شركة أرامكو السعودية في طوكيو. وأشارت إلى أنَّه “حاول الرئيس التنفيذي لمجموعة اليابان للصرافة أكيرا كيوتا، الفوز بموافقة الملك سلمان في آذار/ مارس الماضي، خلال الجولة الملكية الآسيوية الكبرى”، مؤكّدة أنَّ “المحادثات لم تتوقف أبدًا، إذ زار المديرون التنفيذيون في طوكيو المملكة العربية السعودية في تشرين الأول/ أكتوبر، وكانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، ومرة أخرى في آذار/ مارس، لشرح لماذا ستكون اليابان مثالية لأكبر شركة للنفط في العالم”.
حدث ملحمي كبير: ونقلت الوكالة، عن كيوتا، وصفه لإدراج أرامكو في طوكيو، على أنَّه “حدث ملحمي كبير”، معلنًا عزم بلاده، حال استحواذها على إدراج أرامكو في بورصتها الأولى، دعوة شركات أجنبية أخرى لاختيار طوكيو كوجهة لعروضها الأولية العامة. وأوضح كيوتا أنَّ “شركة نفط المملكة العربية السعودية أو أرامكو السعودية، التي تملكها الحكومة السعودية حاليًا، تستعد للتداول العام في صفقة تقدر قيمتها ب 200 تريليون ين (ما يعادل 1.78 تريليون دولار)، وسوف تقلل رسملة السوق من شركة أبل، التي تعد حاليا أكبر شركة في العالم، تقدر قيمتها بنحو 777 مليار دولار”.
المنافسون: وفي الوقت نفسه، تسعى نيويوركولندنوهونغ كونغ، لتكون في دائرة اهتمام عملاق النفط العالمي، إذ بيّنت “بلومبيرغ” أنّه “في الوقت الذي تعتبر فيه نيويوركولندن من أبرز المتنافسين لما يتوقع أن يكون أكبر اكتتاب عام في التاريخ، تراهن طوكيو على أن أرامكو السعودية ستدرج على الأقل جزءًا من أسهمها في آسيا، بغية توسيع نطاق وصول المستثمرين إليها”. ولفتت “بلومبيرغ”، إلى أنَّ منافس طوكيو الطبيعي في آسيا هو هونغ كونغ، التي أثبتت على مدى العقود الماضية أنها مركز مالي في المنطقة، بعد استقطابها للمستثمرين العالميين، مبيّنة أنَّ “طوكيو، التي كان مركزها المالي الذي لا يرقى إليه الشك مع أكثر من 120 شركة أجنبية كبرى، قد فقدت الأرضية الصلبة، عقب فقاعة أسعار الأصول، التي ظهرت في أوائل التسعينات”. وأبرزت أنَّ “طوكيو ليست المكان الوحيد الذي يلقى اهتمام المملكة العربية السعودية، إذ كشف منظم السوق في المملكة المتحدة، أنه قد يخفف من متطلبات الإدراج للشركات السيادية، في سعي من بورصة لندن لجذب أرامكو السعودية إلى بريطانيا”.
قوائم طوكيو تدعم العلامات التجارية: وأضافت “لإغاثة كيوتا، قدمت أرامكو ردود فعل إيجابية خلال الاجتماعات العديدة التي عقدتها مع المديرين التنفيذيين في طوكيو، على الرغم من أنَّ المديرين التنفيذيين تساءلوا عن سبب انخفاض عدد الشركات الأجنبية المتداولة في البورصة اليابانية على مر السنين، إذ تداولت بورصة طوكيو 5 شركات أجنبية فقط”. وبيّن كيوتا أنّه “منذ أن انفجرت فقاعة الأصول، أصيب سوق رأس المال في اليابان بالضعف، تدريجيًا، مما يجعل تكلفة إدراج الأسهم هنا تبدو كهدر، ولكن عند إدراج أسهم بقيمة تريليون ين، فإن التكلفة ستكون صغيرة”، لافتًا إلى أنَّه “حتى خلال ذروة الأزمة الاقتصادية، استخدمت الشركات الأجنبية قائمة طوكيو كوسيلة لرفع مستوى الوعي بالعلامة التجارية في المنطقة، وذلك من خلال تقديم كمية صغيرة من الأسهم، ومنها شركة بي إن بي باريبا، وشركة بوينغ، التي كانت تتداول في بورصة طوكيو، ولكن تم شطبها في عامي 2009 و 2008، على التوالي”.
إدراج أرامكو يمهّد للاعتراف الدولي بطوكيو: وأكّد كيوتا أنَّ “شركة أرامكو السعودية ستبقى متماشية مع الحجم الهائل لإدراجها، وتمهد الطريق ليتم الاعتراف بطوكيو باعتبارها واحدة من الوجهات الأكثر تفضيلاً للاكتتاب العام. وستكون هناك سيولة وافرة للمستثمرين في تداول الأسهم، على عكس الحالات السابقة، التي كان فيها الإدراج من قبل شركة أجنبية في كثير من الأحيان أكثر من شكلي”.
المنافسة آسيويًا: وبيّنت “بلومبيرغ”، أنَّ أحد الأمور التي أكدها كيوتا لعملاق النفط، هو كيف يمكن مقارنة المستثمرين في بورصة طوكيو مع نظرائهم في هونغ كونغ، إذ أوضح أنَّ “المستثمرين في بورصة نيويوركولندنوهونغ كونغ، هم أنفسهم، أما طوكيو فهي سوق مختلفة. لديها الكثير من المال من تلقاء نفسها، وليس فقط أموال المستثمرين، فهناك مؤسسات مدرجة فيها، فضلاً عن الفاعلين في قطاع التجزئة”.