في ظلِّ الظروف الراهنة في العالم الإسلامي، ينبغي الأخذ بيدٍ من حديدٍ على كلِّ مَن انبرى فكره على بثِّ خطابات التشدُّد والتطرُّف الدِّيني، التي أدَّت إلى خلق مناخاتِ التمرُّد على كلِّ ما هو معتدل دينيًّا وفكريًّا، فطفت على السطح صناعة الموت التي ترجمت سفك الدماء جهادًا، ومخالفة فكر التطرُّف كفرًا!. منذ عقود انتهج أولئك الغلاة سياسة الطبخ على نار هادئة، وأضحت مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ -اليوم- المنبر الذي مكَّنهم مباشرةً من زرع الفجوة الواسعة بين بعض الأبناء المنقادين لفكرهم الأرعن، وأسرهم، والتي ولَّدت -مع الوقت- انسلاخهم الكامل من القيم الدِّينيَّة والمجتمعيَّة التي نشأوا وسطها، ومن ثمَّ جرَّهم صوب دائرة الإرهاب القابض على السراب. وكأنَّهم غاب عن عقولهم: أنَّ القرآن الكريم نزل على أمَّة محمد عليه الصلاة والسلام صراطًا تستقيم به أمور ديننا ودنيانا!!. وأنَّ الدِّينَ الإسلاميَّ جاء ميسرًا عدلاً!!. وأنَّ وعدَ الحور العين لن يتحقَّق بالأجساد المتفجِّرة!!. وأنَّ خرافةَ الجهاد الباطل ما هي إلاَّ إبادة لكلِّ ما يمتُّ للإنسانيَّةِ بِصِلَةٍ!!. هنا -ومع هكذا فكر- لا مجال، ولا مكان للنصر، وميدان الموت هو الرابح الأكبر من كلِّ تلك المعمعة.. فمَن كان باسم الدِّين داعيًا مضللاً. ومَن سعى جاهدًا إلى التأويل والغلو؛ تغليبًا لرغبات شيطانيَّة. ومَن حرَّف معنى الجهاد الحقّ، الذي نصَّ عليه كتابُ الله وسنَّة نبيّه عليه أتم الصلاة والسلام. ومَن روَّع الآمنين. فقد خسر دينه ودنياه، ولا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أن نُعدَّه مجاهدًا، أو نعتبر موته شهادةً في سبيل الله. إنَّ مُواجهة استعمار التشدُّد الدِّيني الذي اجتاح أدمغة بعض المنقادين خلفه، تتطلَّب منَّا جميعًا الوقوف صفًّا واحدًا، والتنبُّه إلى أنَّ دوره لن يتوقف عند حد. إلاَّ أنَّ أولئك الدَّاعين إلى الإرهاب باسم الدِّين، لم يعلموا بعد أنَّنا نحمل بين جوانحنا ولاءً لثوابتنا الدِّينيَّة والوطنيَّة والقياديَّة، وإنْ حاول بعضُهم اللجوءَ إلى سلاح لي الأذرعة، واقتياد أبنائنا إلى عالمهم، فهم لم يدركوا أنَّنا نمتلكُ إرثًا دينيًّا، كان -وسيظل- سياجًا منيعًا ضد اختراقات فتاوى الغي، والهوى المقيتة. [email protected]