الهواتف الذكية لم تعد ذكية بقدر ما أصبحت وبالاً على البعض منا، وأصبح بعضهم وكالة أنباء قائمة بذاتها، والغزو الفضائي اقتحمنا منذ ثلاثة عقود أو تزيد، إلا أن وسائل التواصل الحديثة أغرقتنا بما أسماه أحد المطلعين ب «القمامة الثقافية» وطوفان هائج من الصور الفوتوغرافية والفيديوهات فضلاً عن دعوات البعض للانضمام إلى مجموعتهم واختلط الحابل بالنابل ومعظمهم خرجوا عن قواعد استخدام وسائل التواصل الحديثة، وفي ظل التطبيقات الجديدة للأجهزة والتي سهلت إرسال ما يصل إلى عدد من المشتركين ازداد كرم البعض -سامحهم الله- وأصبح المرء في حاجة إلى تنظيف جهازه الخلوي أولاً بأول وقد يستغرق هذا الأمر الوقت الذي كان توظيفه فيما يعود بالنفع. كثرت المواعظ وكثر من يبث همومه وأحزانه على الغير وكثرت السخرية المقيتة والنيل من الآخرين بما فيهم رجالات الدولة ممن أفنوا حياتهم في خدمة بلادهم مستغلين حرية النشر وتسامح العقلاء دون رادع أو وازع. لعل البعض لا يلوم العوام من الناس أما أن يحدث هذا السلوك ممن يفترض فيهم الحفاظ على القيم والفضيلة وممن يفترض فيهم توافر الموضوعية والنزاهة والدقة من معلمين ومعلمات في التعليم العام أو الجامعي فهذا الأمر يحملهم مسؤولية كبرى كما يعرضهم للمساءلة النظامية. كم هو جميل أن يكون بين المجموعات المهنية منبر يلتقون حوله لتبادل الأفكار والرؤى حول شؤون مهنية أو العوائل في الشؤون الأسرية أو نحو ذلك. أما إطلاق الأخبار الكاذبة والرخيصة والشائعات والترويج لها فهذا مبحث آخر وإن كان ينطوي تحت مظلة الغزو الأحمق. يذهب أحدهم في زيارة خارجية فيبعث بصورته في المطار وصورة وهو على مقعد الطائرة أو في إحدى الحدائق العامة أو صورة مع أحد المسؤولين الذي التقى به، وآخرون يبعثون بصورة مائدة الطعام في المطعم وآخرون يبعثون بصور لأطفال مرضى مشفوعة بطلب الدعاء أو صور لمشاهير لا يعنينا أمرهم، أما من يذيل رسائله ب «انشر تؤجر» أو لا تدعها تقف عندك أو نحو ذلك فهذا ممن يزيد الأمر سوءاً لا سيما إذا صدر ممن نصفهم بالعقلاء. إننا إزاء هذه المواقف التي تستهلك وقتنا وتعكر أمزجتنا فإن علينا أن نقف معاً وقفة واحدة لنبذ كل النماذج التي أشرنا إليها ومقاطعتها وفي انتظار ما ستسفر عنه الجهات ذات العلاقة لمحاسبة كل من تجاوز المسموح به لإيقاف هذا الغزو والعون على تكثيف الرقابة الإلكترونية للحد منها، وأسأل الله الهداية لنا جميعاً. [email protected]