انتهت المنافسة وبقي الإبداع شاهدا ماديا وإنسانيا على همة الشباب السعودي وقدرته، إذا ما هيّئت الظروف وأتيحت الفرص، فبالأمس اختتمت مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز "مسك الخيرية ساعات تحدي هاكاثون الأربع والثمانون بابتكار 32 تطبيقا طبيا تسهم في إنقاذ الأرواح ومداواة آلام المرضى، بطرق إبداعية مختلفة، تراعي الاحتياجات السعودية المحلية، بمعايير عالمية. وجرت مراسم تكريم الفرق الفائزة في تحدي هاكاثون مسك مساء أمس في الرياض، بحضور معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، والأمين العام لمؤسسة مسك الخيرية الأستاذ بدر العساكر. وبعد تنافس شديد بين الفرق المتسابقة، توج بالهاكاثون ثلاث فرق، استحقوا ثلاث جوائز نقدية، الأول فريق "ليميت ليس" بجائزة قدرها 100 ألف دولار عن ابتكار تطبيق يعنى بالربط بين طالبي الدم ومحتاجيه، متجاوزا الطرق التقليدية المحلية المتعارف عليها، مع توفير قاعدة بيانات طبية محدثة باستمرار حول فصائل الدم المختلفة ونوع الاحتياج، كما يرتبط التطبيق بشركات سيارات لتوصيل المحتاج أو المتبرع لأقرب مشفى. ويتكون الفريق الفائز بالمركز الأول "ليميت ليس" من ثمان أعضاء هم سلمان العريفي، منيرة الحسن، طارق سنقورة، ابراهيم خليف، مازن الركيني، أحمد عصام، فاتن بدر، وريهام العبيدان. كما توج بالمركز الثاني بجائزة مقدارها 50 الف دولار فريق "فالكون" عن ابتكار روبوت منزلي يعتني بالمرضى الصغار وكبار السن تحديدا من حيث التذكير بمواعيد الأدوية وجرعاتها آليا، والتنبيه في حال تجاوز الموعد المحدد دون أخذ الدواء، في تواصل معلوماتي مباشر مع الطبيب المختص بالحالة لإعطاء تاريخ طبي مفصل حول سير تناول الأدوية من قبل المريض. أما المركز الثالث فكان من نصيب فريق "برين بالانس" بجائزة نقدية مقدارها 35 ألف دولار عن ابتكار سوار معصم يد يتابع مستويات القلق لدى الفرد ويسجلها باستمرار، مما يعطي تاريخ طبي نفسي من القراءات الإحصائية الدقيقة، التي تمكن الأطباء من الاستفادة منها لاحقا. في لفتة تشجيعية، ومن باب الاطلاع على ما قام به الشباب من ابتكارات طبية، حضر الدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة السعودي مراسم التتويج وتسليم الجوائز، بعد أن قام بجولة سريعة على عدد من الفرق المشاركة، مطلعا على ابتكاراتهم وشروحاتهم حولها عن قرب. وقد أبدى الوزير الربيعة في نهاية الجوله ومراسم توزيع الجوائز سعادته بما رأى من إبداعات شبابية واعدة ومبشرة، مثنيا على ما تقوم به مسك الخيرية من ملتقيات مميزة ومحفزة، والأهم أنها مواكبة لتطلعات الجيل الجديد من جهة، وما يعيشه العالم من اقتصاد يعتمد على الابتكار والمعرفة من جهة أخرى. وختم الربيعة حديثه، متمنيا التوفيق للشباب المشارك، في مستقبلهم العلمي والعملي، ول"مسك" الخيرية كل النجاح في مشاريعها المقبلة. وشهد تحدي هاكاثون تنافس في الأفكار وتنفيذ التطبيقات، ففي الوقت الذي فاز فيه ثلاث فرق بالمراكز الثلاث الأولى، لا تزال فرص التطوير والاستثمار مفتوحة أمام مشاريع أخرى برزت عبر تحدي هاكاثون مسك، حيث أبدى مستثمرون مختصون في التطبيقات الإلكترونية الذكية وفي المجال الصحي اهتمامهم وتطلعاتهم لشراء حقوق وتطوير عدد من المشاريع الابتكارية ضمن تحدي هاكاثون. ومن بين المبتكرات التي نافست بقوة على المراكز الأولى ابتكار تطبيق بديل للاستخدام التقليدي لنداء الأطباء عبر جهاز البيجر، إذ من شأن التطبيق البديل أتمتة النداء بدقة أعلى وتحديثه باستمرار بكل المعلومات التي قد يحتاجها الطبيب في طريق وصوله للحالات الطارئة، وابتكار آخر يتمثل في قفاز خاص بمرضى الأعصاب يساعدهم على تحريك أيديهم، فضلا عن تطبيق "نفسي" يساعد في تقديم استشارات نفسية بخصوصية عالية. وكان من بين التطبيقات المبتكرة التي تم إنجازها في هاكاثون مسك، تطبيق إلكتروني يساعد من تبدو عليهم أعراض أي مرض في تحديد أقرب مستشفى وتزويدهم بنصائح عدة من بينها مدة الإنتظار في كل مستشفى، ومدى توفر الأطباء المختصين في حالته. ولم تغب الشراكات العالمية والمحلية المؤثرة في المشهدين الابتكاري والريادي عن تحدي هاكاثون مسك 2016 فور اطلاقه، سواء بالإرشاد المباشر أو بالدعم الفني والتحكيم في أعمال الفرق، منذ اللحظات الأولى للإعلان عن انطلاق التحدي، وحتى إعلان أسماء الفرق الفائزة، حيث شارك كل من شركة مايكروسوفت، وأمازون، سيسكو، وأوراكل، وشركة سي فايف "c5"، وشركة الاتصالات السعودية، وحاضنة بادر، ومنتجع الفيصلية بدرة الرياض، وشركة كريم للمواصلات، وشركة التفاح الأخضر، وشركة دانكن دونات، وغيرها من الشراكات المحلية مع متطوعين من الأكاديميين الجامعيون والأطباء والمطورون السعوديون، إذ قدم الجميع عملا متكاملا، للأخذ بيد شباب هاكاثون مسك بشكل خاص، وبيد "الابتكار الثقافي" لِغَد المملكة العربية السعودية وشبابها كما هو شعار هذه المنافسة. يذكر أن هاكاثون مسك 2016 يأتي ضمن عدد من المبادرات والجهود التي تبذلها مؤسسة مسك الخيرية لاتاحة الفرص، وللتشجيع على الإبداع، بما يضمن إستدامته ونموه للمساهمة في بناء العقل البشري، بما يتوافق مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وبرامج البلاد المتنوعة والطموحة للتحول الوطني 2020.